Advertisement

لبنان

ميقاتي يطور مبادرة ماكرون فهل تنفذ؟

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
28-09-2020 | 10:19
A-
A+
Doc-P-750523-637369104426193526.jpg
Doc-P-750523-637369104426193526.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لا شك أن حدة التوتر بين أركان النظام السياسي عند كل استحقاق دستوري باتت تؤكد أن الأمور لا تسير على سكة ايجابية ولا تُبشّر بالخير القادم في الأيام المقبلة، فالمبادرة الفرنسية التي حظيت "بالشكل" بتأييد واسع النطاق قبل أن يطاح بها قصدا او عن غير قصد من بعض القوى السياسية؛ تكاد تكون المبادرة الخارجية الأخيرة للبنان في الوقت الراهن، طالما اقتنع الغربيون والاوروبيون على مختلف توجهاتهم "الشرقية والغربية" أن المخططات السياسية للقوى المعنية في لبنان للمحافظة على ما يسمى بالاهتراء الحاصل في مؤسسات الدولة وقطاعاتها الحيوية لا تزال على حالها، فكارثة تفجير مرفأ بيروت كانت خير دليل على ذلك؛ فالمنظومة السياسية لم تحرك ساكنا ، ولا يزال بعض اركانها يصارع جهارا وبعضها الاخر تحت الطاولة للحصول عن حصة من هنا في الحكومة ومكاسب من هناك، قبل ان يرفع السفير مصطفى اديب العشرة ويعتذر عن التاليف ويحزم حقائبه للعودة إلى برلين. 
Advertisement
ومع ذلك، فإن خارطة الطريق التي وضعها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في أول أيلول الجاري مستمرة، وهي المبادرة الوحيدة المأخوذة على المستوى الإقليمي، وهي مستمرة لتشكيل "حكومة مهمة" بأسرع وقت ممكن. من هذا المنطلق كانت لافتة جدا الواقعية السياسية التي اعتمدها الرئيس نجيب ميقاتي أمس خلال إطلالته التلفزيونية، جرياً على عادته. ففي الشكل جاءت اطلالة ميقاتي في توقيت مدروس، أي بعد يوم واحد من اعتذار اديب، وبعد كلام ماكرون مباشرة، وفي ظل لحظة يسودها الكثير من الضباب السياسي والغموض غير البناء وحالة التضعضع الأقطاب السياسيين الأساسيين.  
لقد ميز الميقاتي نفسه خلال اقل 48  ساعة باطلالتين:  
الاطلالة الاولى كانت على شاسة MTV  قبل اعتذار اديب، حيث قدم توصيفا دقيقا للمرحلة بدليل ان ما قاله لجهة ان "هناك مباحثات ستجري الليلة على الصعيد الحكومي وإلا فإنّ الرئيس المكلّف يتجه إلى الاعتذار"حصل بدقة.   
 الاطلالة الثانية بعد المؤتمر الصحافي للرئيس الفرنسي، والاهمية في هذه الاطلالة تكمن في أنه رسم خريطة طريق للمرحلة المقبلة  وقدم قراءة سياسية لحقبة مضت وحدد موقفه من الاتي للايام انطلاقا من مسؤوليته الوطنية التي يبدو أن كثراً من القوى السياسية اصبحوا عاجزين عن تجسيدها، في حين أن رئيس الحكومة الأسبق يثبت مرة جديدة ان المصلحة الوطنية عنده تتفوق على كل ما عداها وهو انطلاقا من ذلك أعلن ترشيح الحريري لرئاسة الحكومة، مع الاشارة هنا إلى أن اصرار الاخير على رفض التكليف او تسمية شخصية سنية للتاليف، قد يؤدي إلى البناء لاحقا على الشيء مقتضاه. 

ان منهجية الخريطة التي رسمها ميقاتي أمس برشاقة سياسية استخلصت عبرها، وفق بعض المتابعين، من "كتاب  الـ26 يوما" من تكليف السفير اديب تأليف الحكومة، خاصة وأن تلك الايام تختصر المبادرة الفرنسية بجزئها الاول إذا جاز التعبير، فالرئيس ميقاتي أشار إلى أهمية أن تتألف الحكومة المرتقبة من 20 وزيرا وليس من 14، مستفيدا من الوزراء الستة ليمثلوا "الجزء المسيس" في مجلس الوزراء عندما يجتمع، فهو يعلم انه لا يمكن لأي خطة اصلاحية ان تنجح بمعزل عن السياسة التي كانت سببا مباشرا للسقوط الدرامي للتجربة الاديبية. 
وسط ما تقدم، يعود البعض من المقربين من حارة حريك إلى اطلالة الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله، بعد زيارة ماكرون الاولى لبيروت، وتأكيده اهمية تشكيل حكومة تضم أوسع تمثيل سياسي وشعبي، مؤلفة من سياسيين واختصاصيين، أولوياتها التحقيق والمحاسبة في انفجار المرفأ، وإجراء إصلاحات، ومعالجة الوضع الاقتصادي والمعيشي، لتشير إلى ان الرئيس ميقاتي لاقى  في ما طرحه من رؤى للحل  افكار السيد نصر الله،  فهو صوب البوصلة مرة جديدة عندما أكد ما معناه ان الحصانة السياسية توصل الحكومة لنيل الثقة بالبرلمان وتفرض التعاطي مع الكتل السياسية وليس العكس. 
ولما كانت المشكلة التي اعترت التأليف في ظاهرها "مالي"، فإن الرئيس ميقاتي قدم مقاربة مرنة سلم من خلالها بحق  "كل الطوائف بما فيها الطائفة الشيعية" تسلم وزارة المالية ، عطفا على رسائله الايجابية تجاه بعبدا فهو بعد مشاركته في الاستشارات النيابية الملزمة التي انتهت الى تكليف اديب بداية الشهر الجاري، دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليكون "بي الكل"، بالتوازي مع تشديده على الاستمرار في التمسك  بالمبادرة الفرنسية . 
 
 وسط ما تقدم، يمكن القول إن الرئيس ميقاتي يتعاطى مع المحددات الراهنة من ضمن الحوار فهو قدم مقاربة سياسية شاملة تتضمن تشخصيا لمواطئ الازمة وطرق المعالجة اخذا بعين الاعتبار عوامل التعقيد الداخلية والخارجية وهو المدرك بما يملكه من معطيات ومعلومات ان البلد يعيش وضعا صعبا جدا سواء بما يتعلق بالاشتباك الدولي -  الاقليمي وبالوضع الاقتصادي المالي الصعب الذي يعاني منه اللبنانيون ويدرك أيضاً ان لبنان قد يكون دخل في فراغ ربما يمتد إلى ما بعد 3 تشرين الثاني، لكنه في الوقت عينه يرفض التسليم بهذا الواقع المر ويطرح عروضا وافكاراً تستدعي  من القوى السياسية كافة تقديم التنازلات المتبادلة، والعمل على العودة إلى النأي بلبنان عن الصراعات المندلعة في الاقليم خاصة وان ماكرون كان من الداعين إلى ذلك في زيارته الاولى للبنان بعد 4 آب الماضي.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك