تسيطر المراوحة والجمود على موضوع الحكومة، لا سيما بعد اعتذار الدكتور مصطفى أديب، رامياً الكرة في وجه الجميع، ما أدى الى تعليق العمل بالمبادرة الفرنسية الى أجل غير مسمى. فالجولة الأولى من المبادرة الفرنسية أسفرت عمّا يمكن وصفه "بالمكاسرة" الإيرانية - السورية - الفرنسية، أو اشتباك "حزب الله" مع باريس، التي حاولت احتواء الحزب، في لحظة عقوبات أميركية قاسية ضده، فإذا بالصورة تبدو مقلوبة، وسيتحدث حزب الله، بلسان أمينه العام حسن نصر الله عن مبادرة ماكرون من باب التفنيد، وإعادة تصحيح ما يصفه الحزب بالمغالطات..
وفي حين عادت الأمور الى مربعها الأول تشير المعطيات الى ان البلاد تتجه نحو جمود يطبع الاستحقاق الحكومي العالق واستبعاد أي حلحلة للازمة اقله قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في الثالث من تشرين الثاني المقبل وربما ابعد الى نهاية السنة. ولم تكن مصادفة ان يذكر الرئيس الفرنسي في مؤتمره الصحافي ربط القوى التي عرقلت المبادرة الفرنسية بالانتخابات الأميركية بما يسبغ واقعيا مزيدا من الجدية على المخاوف من تداعيات مكلفة للغاية لتطويل مدة تصريف الاعمال في لبنان . وليس ادل على هذا الواقع من ان الأوساط القريبة من رئاسة الجمهورية اكدت امس ان ليس هناك دعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية بتشكيل حكومة جديدة في الأيام القليلة المقبلة . ولا يبدو ان تحديد موعد للاستشارات سيكون في وقت منظور .
مراوحة
اذاً، راوح الوضع السياسي مكانه امس، بعدما انصرفت القوى السياسية الى تقييم تجربة تكليف الدكتور مصطفى اديب التي فشلت نتيجة السقوف العالية لمطالب الفرقاء، وكادت تُجهض المبادرة الفرنسية لولا مسارعة الرئيس ماكرون الى وضع النقاط على الحروف، واعطى فرصة جديدة تمتد حتى تشرين الثاني المقبل على مراحل لتشكيل حكومة مهمتها الاولى الاصلاحات ثم الاصلاحات. بالتوازي مع اتصالات اجراها الرئيس الفرنسي مع جهات دولية واقليمية لا سيما مع الاميركيين والسعوديين للمساهمة في معالجة الازمة القائمة.
لكن يبدو – حسب مصادر رسمية متابعة - ان الفرصة الجديدة اتاحت البدء بطرح مقترحات وافكار جديدة، منها اقتراح الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة تكنو- سياسية برئاسة الرئيس سعد الحريري من عشرين وزيرا بينهم ستة سياسيين يمثلون الطوائف الست الكبرى. وهوالمطلب الذي طرح ايام تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب ثم اتصالات تشكيل حكومة مصطفى اديب.
واضافت المصادر: ان اقتراح ميقاتي واقعي ومنطقي يراعي الوضع اللبناني بتوازناته السياسية والطائفية، ويلبي المطلب الفرنسي في مبادرة ماكرون بتشكيل حكومة بالتوافق بين كل الاطراف، وهو سيكون موضع نقاش سريعاً.
واشارت المصادر الى الاقتراح الذي تقدم به ايضاً الرئيس عون بعدم حصر الحقائب السيادية الاربع بالطوائف الكبرى وجعلها مداورة بين كل الطوائف، ولو انه لا يلبي رغبة اكثرية الكتل السياسية والنيابية. بعد فشل طرح المداورة بالحقائب الذي طرحه الرئيس اديب ورؤساء الحكومة السابقين.
في الموازاة، قالت مصادر قريبة من الحريري لـ"الأخبار" إن الأخير اطفأ محركاته بعد اعتذار أديب عن عدم تأليف الحكومة السبت الفائت. وبحسب المصادر، فإن الحريري يرى نفسه في موقف حرّج، فهو غير قادر على مواجهة حزب الله، ولا هو قادر في الوقت عينه على مواجهة واشنطن والرياض اللتين تريدانه رأس حربة في مواجهة الحزب.