يطوي عهد الرئيس ميشال عون صفحته الرابعة، فاتحا عامه الخامس على وقع فراغ في السلطة التنفيذية أسوة بالعام الماضي، مع فرق في الانتفاضة التي خف وهجها عن العام السابق. مع انتهاء السنة الرابعة لا تزال الاتصالات حول تشكيل الحكومة تدور وسط تكتم شديد للغاية، حتى ان اوساط الرئيس الحريري قالت ان لا شيء لديه يقوله اكثر من البيان الذي صدرقبل يومين عن مكتبه الاعلامي، فيما تلوذ بعبدا ايضاً بالصمت المطبق، ما يترك الباب مشرّعاً امام التحليلات والاستنتاجات لا التسريبات الدقيقة من مصادرموثوق بها.
وبانتظار ما قد تحمله الساعات والايام المقبلة من حلحلة في هذا الملف، فان الخوف يبقى متربصاً في التفاصيل، على الرغم من "التسهيلات" التي تقدم والتي تحدث عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس. مع ذلك لم تتضح حتى مساء امس إمكانات الرهان على انضاج نهائي للتركيبة الحكومية في الساعات المقبلة خصوصا ان الستار المتشدد من الكتمان والتزام عدم تسريب أي معلومات من بيت الوسط وقصر بعبدا ظل على حاله .
وفي هذا السياق، لا تنفي أوساط مواكبة لـ"نداء الوطن" وجود بعض "التنتيعات" من هنا أو هناك لكنها لم تبلغ بعد مستوى المعضلات التي يمكن أن تقوض عملية التأليف، مؤكدةً أنّ الأمور ما زالت "تحت السيطرة" ومن الآن حتى مطلع الأسبوع يفترض أن تتضح الصورة وتتبلور آفاق المساعي الحثيثة التي يقودها الرئيس المكلف بالتنسيق والتشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون.
العقد تؤخر الحكومة
وبحسب صحيفة "الأخبار" فان المُشكلة لا تكمن في وجود عقدة واحدة تؤخّر تأليف الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري، بل بأنّ "مجموعة العقد" لم تُحلّ بعد، ما يدفع جهات رئاسية تُشارك في المفاوضات إلى الحسم: "الحكومة لن تُبصر النور قريباً". هذه النفحة من السوداوية تُشكّل خلاصة الاتصالات المُستمرة بين القوى الرئيسية في الساعات الماضية، من دون أن تكون مُنزَلة. فكما كلّ الأحداث في لبنان، من المُمكن أن يطرأ على المشهد مُعطيات تؤدّي فجأةً إلى صدور التشكيلة الحكومية.
بداية العثرات من عدد الوزراء غير المُتّفق عليه. الرئيس ميشال عون مُصرّ على أن تتضمّن الحكومة 20 وزيراً، فينال مُمثلو الطائفة الدرزية المُعارضون للحزب التقدّمي الاشتراكي مقعداً، ويُعطى مقعد آخر للطائفة الكاثوليكية. خصوم عون يتّهمونه بأنّه بهذه العملية يُريد ضمان الثلث المُعطّل في حوزته. في المقابل، يعتقد الحريري أنّ حكومة من 18 وزيراً هي الصيغة الأمثل، علماً بأنّ الجهات الرئاسية لا تعتبرها "عقدة حقيقية، بل تُحلّ فور الاتفاق على الأمور الأخرى".
لكن هناك إجماعاً في تسريبات "المصادر" لـ"اللواء" يفيد عن عدم التوافق بعد على حجم الحكومة 18 او 20 وزيرا، ولا حول توزيع كل الحقائب على الكتل والطوائف، فكيف بالحري يجري الحديث عن أسماء ثابتة للتوزير. إضافة الى معلومات عن رغبة اكثرية القوى السياسية بتوسيع الحكومة لتضم 20 وزيرا يمثلون كل القوى السياسية.
ومع ان الرئيسين عون والحريري باشرا بحسب هذه الأوساط تداول بعض الأسماء المقترحة بما يعني امكان انجاز توافقهما على التوزيع الطائفي للحصص والحقائب فان معلومات توافرت لـ"النهار" تفيد بان حركة القصر مع النائب طلال أرسلان ووئام وهاب يبدو انها افتعلت عقدة المقعد الدرزي الثاني باعتبار ان الحصة الدرزية كانت مقررة بالكامل لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فاذا بالعقدة تفتعل في الساعات الأخيرة. وأكدت الأوساط لـ"نداء الوطن"، في هذا السياق، أنه من "حقّ أي فريق بتحديد موقفه إزاء التأليف كما كان له الحق في تحديد موقفه من التكليف، لكن حسم الخارطة الوزارية يحتاج إلى ترسيم دقيق لمعالم الحكومة ومعاييرها، وهذا ما يجري بعيداً عن تأثيرات التسريبات الإعلامية والخبريات المتناقلة في الصالونات السياسية".
العقدة الثانية، بحسب "الأخبار" هي في المُداورة بين الطوائف في الوزارات السيادية. خلافاً لكلّ الأجواء المُسربة، لم تُحلّ المسألة ببقاء وزارة المالية من حصّة الطائفة الشيعية، مقابل المُداورة في الحقائب السيادية الأخرى. رئاسة الجمهورية تعتقد أنّه إمّا المُداورة حقّ على الجميع، وإمّا يبقى التوزيع على ما كان عليه في الحكومات السابقة. إصرار "فريق العهد" على هذه النقطة سيخلق مشكلاً له مع كلّ من رئيس مجلس النواب نبيه برّي وسعد الحريري، وقد يُؤخّر التأليف أسابيع طويلة. ولكنّ القبول بالمداورة سيخلق أيضاً مُشكلة للحريري، إذ سيُشكّل مادّة لـ"المُزايدة السنّية" عليه. وقد بدأت الاعتراضات ترتفع حول "تسليم وزارة الداخلية إلى التيار الوطني الحرّ، مع بقاء وزراتَي الدفاع والعدل من حصّته". وقد بدأ الحريري يسمع أصواتاً "تنصحه" بأنّه لا يُمكن أن "يُسلّم" مع رئاسة الجمهورية ــــ التيار العوني، "وينسى" وجود رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، الذي يجب أن "يُرضيه" بحقيبة وإلا يُعرّض "الغطاء المسيحي" شبه الوحيد الذي يملكه للخطر. أما العقدة الثالثة فهي توزيع الحقائب الخدماتية، "من يحصل على حقائب الصحة والأشغال والطاقة..."، وتنفي المصادر أن يكون "حزب الله قد تحدّث عن مُبادلة حقيبة الصحة بالتربية، فهو لم يطالب بأيّ من الحقيبتين".
في الموازاة، تشير معلومات "اللواء" الى ان حقيبتي الدفاع والداخلية محسومتان من حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسيقترح التيار الوطني الحر اسماء لإختيار واحد منها للداخلية. وحقيبة الخارجية محسومة للرئيس الحريري، اما حقيبة المال فكانت قد حسمت سلفاً لحركة امل. وبقيت قضية المداورة عالقة في حقائب الاقتصاد والخدمات اي الاشغال والصحة والتربية والطاقة والاتصالات، وحقيبة العدل، ولم يُحسم شيء نهائي بالنسبة لحصص باقي القوى السياسية، هذا عدا عن بقاء التمثيل الدرزي قيد البحث.
وتحدثت معلومات عن طرح كارول عياط وزيرة للطاقة، وهي موظفة رفيعة في احد المصارف، يدعمها رجل الاعمال علاء خواجه، الذي يتواصل بين كل من الرئيس الحريري والنائب باسيل.