Advertisement

لبنان

وطن الرحابنة الذي لم يتحقق بعد!

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
13-01-2021 | 03:00
A-
A+
Doc-P-783836-637461232424051759.jpg
Doc-P-783836-637461232424051759.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

تتزامن الذكرى الثانية عشرة لرحيل منصور الرحباني مع رحيل شقيقه الأصغر الياس، حيث إكتملت في الامكان حلقات الإبداع والفن الأصيل واللحن المنسوج على نول كلمات ليست كالكلمات العاديات، فيها همس المنصور، وعبقرية العاصي وحداثة الياس.

 

إنه الفن الراقي والاحتراف المبدع والعنوان الآخر للبنان الذي نفاخر به العالم العربي كله، لا بل نقارب به مفخرة العالم وروائعه. هو ذاكرتنا بهمومها وآلامها ومفخرة مستقبلنا بتطلعاتها وآمالها. كان الرحابنة رواد القضية الكبيرة وهم من عبّد طرقات الكرامة والتحرر في الوطن العربي وهم من بنى وطنا للحق والخير والجمال. فالفن الرحباني - الفيروزي- عطاء وجمال ورسالة ومحبة.

 

هم الذين صنعوا لنا وطنًا رديفًا بقي، للأسف، مأسورًا على خشبة المسرح، ولم ننل منه ما يشفي الغليل، وما يؤسس لوطن حقيقي غير تلك المزرعة التي نعيش فيها، مزرعة ليس فيها قانون ولا دستور، و"الشاطر بشطارته"، والقوي يستقوي على الضعيف بحكم موقعه القريب من صاحب المزرعة، وصاحب المزرعة لاهٍ بأمور كثيرة غير تلك التي لها علاقة بتنظيم العمل في مزرعته.

 

على مدى سنوات حلمنا مع الأخوين رحباني، وكان هذا الحلم جميلًا، وأعتقدنا أنه سيدوم ويدوم حتى قيام الساعة، لكن هذا الحلم كان مجرد حلم، وكنا نستفيق منه عند كل أزمة كانت تعصف بالوطن، وهي لا تزال، وما أكثرها وبالأخص في هذه الأيام التي لا يزال صوت فيروز – أطال الله بعمرها – يخفّف عنّا بعضًا من قساوة الزمن.

 

هذا الوطن الذي عشناه مع الرحابنة، هو وطن الجمال، وطن العزّ، وطن البطولات، وطن "المرجلة" البريئة، وطن زاد الخير وغربة وعطر الليل وهالة، الوطن الذي كانت حكاياته تنتهي بحلقات الدبكة والهيصة والزغاريد، على رغم خلافات المختار والناطور

 

إنه الوطن الذي لم نستحقّه، والذي لم نعمل شيئًا لكي نستحقّه، بل عملنا كل شيء لنهدمه  فوق رؤوسنا. لم نترك حجرًا على حجر. حطمنّا كل الرموز. تخطيّنا كل الحواجز. إرتكبنا المعاصي في حق وطن لم نبنه مدماكًا حصينًا لمواجهة الأعاصير. إكتفينا ببناء ما يشبه الوطن على رمال الصدفة والإرتجال. لم نغص إلى عمق الأعماق. بقينا نطفو على سطح ما بدا لنا في يوم من الأيام حقيقة لنكتشف أنه سراب بسراب وأوهام.

 

وطن الرحابنة، الذي عشناه معهم للحظات، لا يشبه الوطن الذي نعيش فيه اليوم. هو وطن حقيبة السفر. هو وطن الكبة والتبولة والأركيلة. هو وطن البهورات. هو وطن البطولات الوهمية والزائفة. هو وطن الحساسيات الطائفية. هو وطن الإستقواء بالخارج على الداخل. هو وطن لا يشبه الأوطان الحقيقية بشيء.

 

وطن عاصي ومنصور، هو وطن النجوم، حيث فيروز سفيرتنا إليها. إنه الوطن الحلم.

Advertisement
المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك