ضربت لبنان فاجعة جديدة مع دوامة انتشار الوباء وإهدار المسؤولين الوقت والتلهي في تشكيل لجان واصدار توصيات لا ترقى مع مخاطر وجودية قد لا تقل تداعياتها انفجار 4 آب، فقد أبت السلطة الحاكمة في مواجهة جائحة كورونا ان تحيد عن مسار الفساد والفشل والعجز.
وفق تدحرج الوضع نحو الاسفل، برهنت الوقائع تفكك الدولة وتفضيل أصحاب القرار بالمناصب والحصص على أدنى واجباتهم، والتي يتقاضون رواتب عليها من جيوب الشعب اللبناني. في المقابل لم تخفف الازمات من فوقية بعض القيادات التي تعتبر مصالحها فوق كل إعتبار، ما يجعل حسابها في المستقبل عسيرا جدا ومصيرها لا يختلف عن مصائر الطغاة الذين ظلموا شعوبهم.
فعلى غرار الفرمانات العسكرية يتجه المجلس الأعلى للدفاع إلى تمديد مهلة الاقفال، وهو قرار بديهي أمام تفشي الوباء، ومن أجل تخفيف الضغط على الطاقم الطبي في لبنان، لكن ينبغي السؤال ان لم يكن المحاسبة عن المسؤول الذي فشل في مهامه واوصل لبنان إلى هذه الكارثة في حين باشرت دول المحيط العدوة والصديقة بعمليات تلقيح شعوبها.
نهج السلطة الحاكمة في لبنان بات مدموغا بالاستهتار واضاعة الوقت ثم التنصل من المسؤولية واستنفار العصبيات الطائفية والمذهبية، هذا ما يحصل عند كل ملف وأمام كل أزمة.
لعل تشكيل الحكومة خير برهان، حيث راهنت أطراف سياسية على رحيل ترامب و مجيء بايدن من أجل كسب الوقت وتسجيل نقاط على أطراف سياسية أخرى، وها هو الوقت ينقلب سلاحا عليها طالما ان جو بايدن يحتاج نحو 6 أشهر على الاقل لطرح رؤيته لكامل المنطقة من غرب آسيا حتى جنوب أوروبا.
الجديد يكمن في محاولة استعطاف موقف الفاتيكان من أجل تحسين شروط الحصص في الحكومة العتيدة. وتشير معلومات من مصادر ديبلوماسية أوروبية عن محاولات لإدخال تعديل على المبادرة الفرنسية تتعلق بضمانات لما يسمى "الحفاظ على الحضور المسيحي في لبنان وعدم اضعافه"، فيما تستنكر مصادر سياسية في بيروت الاستثمار السياسي في كل شيء من أجل "عيون الصهر" .
في هذا الإطار، تبدي مرجعية سياسية حاكمة مخاوف جدية في ضوء تقارير أمنية غربية تشير إلى نزع ورقة القوة من يد "حزب الله" المتمثلة بما يقال عن السيطرة على القرار اللبناني عن طريق انهيار السلطة بشكل كامل وفرض الوصاية الدولية على غرار مصير الدول الفاشلة.