مؤسف ان "يترحم" الكثير من اللبنانيين على "تفصيل" يعود الى زمن الوصاية عنوانه السرعة في تشكيل الحكومة، لأن البلد حالياً لا يحتمل المماطلة والتأجيل، وفعلاً "الناس اختنقت".
فوسط المخاوف الأمنية وكل المبادرات السياسية التي ما زالت تدور في فلك الكلام، برزت معطيات "إيجابية" على خط التأليف، أبرزها أن الأنظار تتجه اليوم إلى حكومة من 24 وزيراً بعدما تنازل الرئيس المكلف سعد الحريري عن شرط الـ18 وزيراً. وفعلياً، كل ذلك يتقاطع مع مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يطرح صيغة الـ8-8-8 في الحكومة للخروج من المأزق القائم. واليوم، هناك سعي لحلحلة عقدة وزارة الداخلية، ويتمثل ذلك بطرح يتم التداول به باعطاء البطريرك الماروني بشارة الراعي حق طرح اسم وزير الداخلية كحل وسط بين الرئيسين ميشال عون والحريري، وفق ما اورد "لبنان24" أمس الاول وأمس.
في بيئة "تيار المستقبل" التي يسعى الحريري للحفاظ عليها، ثمة آراء مختلفة بشأن عودته إلى السراي الحكومي. فهناك من يراه "المنقذ"، وهناك من لا يريده العودة في حكومة بظل هذه الأوضاع. وفعلياً، فإن الأمر هذا يتعلق بتفسيرين: الأول هو أنّ مجموعة من مناصري الحريري ما زالوا يعتبرونه الاقدر على ادارة المرحلة، في حين أن البعض الآخر يرى أن وصول الحريري بحكومة في ظل الانهيار قد يكون فخاً ينقلب عليه. ومع هذا، يعتبر العديد من "المستقبليين" أن فرص نجاح الحكومة قد تكون قليلة وأي عدم تقدّم على الصعيد الاقتصادي أو الصحي أو الاجتماعي سيتم تحميل مسؤوليته للحريري بشكل كبير. وفعلاً، في بيئة" تيار المستقبل" هناك عدد كبير من المحازبين والمناصرين يريد أن يتحول الحريري إلى "مرجعية" فقط، يتم الركون إليها واستشارتها، لأن التحديات أمامه كثيرة. وعندما تسأل عن خلفية هذه المطالبة، يكون الجواب: "ما رح يخلوا يعمل شي". ووسط كذلك، يعتبر العديد من أنصار "المستقبل" أن المعضلة أمام الحريري هي وجود "حزب الله" وباسيل، لكنهم يستشعرون أنّ الخطر الفعلي هو من الأخير، لأنه المعرقل الأبرز، ويؤكدون أن الضمانة للحريري اليوم هم رؤساء الحكومات السابقون الذين يقفون الى جانبهم ويدعمونه ويرفضون اي مساس بالدستور ومقام رئاسة مجلس الوزراء، ورئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط. ومن هؤلاء يستمد الحريري قوته في المفاوضة وفرض الشروط، بحسب المراقبين. وإزاء هذا الأمر، يقول مصدر في حزب سياسي بارز أنّ "الطائفة السنية هي الأكثر تضرراً من الانهيار وتردي الوضع الاقتصادي"، مشيراً إلى أن "الطائفة الشيعية يحصّنها حزب الله وحركة أمل، أما عند الطوائف المسيحية، فلا يقبل أحد أن يمس بحقوقهم، والدروز لديهم حاضنة اسمها زعامة جنبلاط. أما الطائفة السنية، فهي الأكثر اعتدلاً والمطلوب منها مقاربة مختلفة للاوضاع لحفظ حقوقها الوطنية ضمن التركيبة اللبنانية".