Advertisement

لبنان

التدقيق الجنائي لا يعيد اموال المودعين والمسرحية السياسية تجدّد مشاهدها

جو لحود-Joe Lahoud

|
Lebanon 24
07-04-2021 | 08:00
A-
A+
Doc-P-810571-637533994253496455.jpg
Doc-P-810571-637533994253496455.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

على وقع أوجاع اللبنانيين ومعاناتهم، عقد أمس الاجتماع الافتراضي بين شركة "ألفاريز ومارسال" وبين مصرف لبنان ووزارة المالية لمتابعة موضوع التدقيق الجنائي. هذا الاجتماع يأتي بعد قطيعة اطلقتها الشركة على اثر جولتها الاولى، اذ عبرّت صراحة، عن عدم تجاوب الجانب اللبناني معها، في ما يخص تسليم الارقام واللوائح اللازمة، وفي ما يتعلق ايضا بايجاد القوانين والتشريعات الضرورية.

 

 وخلال هذه القطيعة، وكالعادة دارالاشتباك في الداخل اللبناني، بين الاطراف المتناحرة، فحاول كل طرف أن يقنع المواطن الذي ما زال يعتصم بالصمت، بأنه "بريء من دم هذا الصدّيق"، وان الآخر هو من ارتكب المعاصي. وما بين التهم المتطايرة في اجواء  الكتل النيابية ومن خلفها الاحزاب والتيارات، يجد اللبناني نفسه خاسرا جنى العمر لا بل العمر كله.

 

فمن تعب ووثق بالنظام القائم اختفت امواله. ومن هو في طور التأسيس والعمل تبخرت احلامه، فأمسى الجميع رهينة حفنة من الليرات،  تتبخر قيمتها الشرائية حسب الاهواء السياسية، للمشكلين والمتنقلين في هذه الايام ما بين فرنسا والفاتيكان، حيث من المرجح أن ينعموا بسياحة هادئة مرحة، فيها اطباق منوعة بين المطبخين الفرنسي والايطالي،

 

على أن يعودوا إلى ديارهم بتصريحات طائفية، يختبئون من خلالها، وكالعادة، تحت راية الصلاحيات والدستور والميثاق، في انتظار ان يأتي الضوء الاخضر، الذي قد لا ينطلق إلا من اتفاق اميركي - ايراني ممكن ومحتمل. وفي انتظار هذا الضوء الاخضر، ستستمر اللعبة على ما هي عليه، وستستمر الليرات في يد اللبنالني غير قادرة على تأمين ما يكفي من مأكل ومشرب ووقود للتنقل والعمل، بالاضافة الى مئات الملفات العالقة، كالاسكان، واموال المودعين، التي قد يكون التدقيق الجنائي، وان حصل، بعيدا عن المزايدات السياسية، وعن استخدامه في الحرب ما بين الرئاستين الاولى والثالثة، باب انفراج، يعيد للمودعين اموالهم على مراحل متلاحقة وبطريقة جزئية.

 

  في هذا الاطار، يظهر الخلاف جليا ما بين وزارة المالية ومصرف لبنان، اذ يؤكد الاخير انه "تمّ تسليم الحسابات كافّة العائدة لمصرف لبنان بتاريخ 13 تشرين الأول 2020 إلى وزير المالية"،  في حين أكد المكتب الإعلامي لوزير المالية في حكومة تصريف الأعمال، غازي وزني، أن "ما تم استلامه من مستندات من مصرف لبنان بتاريخ 13 تشرين الأول 2020 لا يشكل سوى 42 في المئة من المستندات والمعلومات المطلوبة".

 

  وما بين التأكيدين، تغريدة لرئيس الجمهورية ميشال عون، حذّر فيها "الجانب اللبناني، وتحديدًا وزارة المال والمصرف المركزي، المجتمعين غداً (أمس) مع شركة التدقيق الجنائي الفاريز ومرسال من اي محاولة لتعطيل التدقيق الجنائي، واحمّلهما المسؤولية"، موقعا تغريدته " باسم الشعب اللبناني"، فهل سيحمل هذا الاجتماع خرقا معينا لصالح  الشعب اللبناني، ام انه جولة جديدة من الاشتباك والازمة اللبنانية؟

 

 تحديد الخسائر

حول هذا اللقاء وتداعياته، يتحدث الخبير الافتصادي بلال علامة "للبنان 24"، ليؤكد انه  "لا شك فيه، ونتيجة الواقع المالي والاقتصادي الذي وصلنا اليه، مما دفع الى توزيع الخسائر المالية على كل من الدولة، مصرف لبنان، والمصارف، يبدو التدقيق الجنائي أمرا ملحا لتحديد حجم الخسائر وكيفية توزيعها.

 

  فما يحصل هو اشبه بعملية تمويه، وتقاذف للمسؤولية، بين الجهات السياسية، بهدف الهروب من تحمل المسؤولية، التي قد تحددها عملية التدقيق اذا ما حصلت، والتي يجب أن تشمل المرحلة الممتدة من العام 1988 ولغاية اليوم. فانطلاقا من العام 88، بدأت الاستثمارات الخاصة تظهر، على حساب المصلحة العامة، ما اوصلنا الى خسائر تبلغ قيمتها 120 الف مليار ليرة، اي ما يعادل تقريبا 80 مليار دولار اميركي،

 

وان ما يعطي هذا التدقيق صفة الالزامي والضروري، هو التقاعس الحاصل في المؤسسات الرقابية الخاصة بالدولة اللبنانية، من ديوان المحاسبة، الى التفتيش المركزي، وصولا الى المدققين الماليين في الوزرات، ومن هم خلفهم من وزراء واحزاب وتيارات".

 

 ويضيف "في حال استطاع التدقيق الجنائي ان ينطلق فلا يمكننا تحديد مساره، اذ ان التدقيق يلاحق العمليات الحسابية بنفس قضائي، وهذا ما يترتب عنه العمل بشيء من السرية. ففي حال تبيّن خلال عملية التدقيق، اي شيء غير اعتيادي، لا بد من العودة الى القضاء، وهنا يظهر دور الهيئة القضائية المستقلة التي تستطيع ملاحقة المعنيين، بغية استرجاع المبالغ المالية المهدورة".

 

  كما يؤكد علامة ان "التدقيق الجنائي بحد ذاته لا يمكن اعادة اموال المودعين، اذ ان هذه الاموال التي تقدر ب 80 مليار دولار اميركي هي مفقودة او على الاقل جزء كبير منها مفقود. فاذا اعتبرنا ان مصرف لبنان يمتلك اليوم ما يقارب ال 20 مليار دولار، يبقى الجزء المفقود او المتبخر يعادل ال 60 مليار دولار.

 

  ان هذه الاموال، وان وجدت  دفتريا، هي فعليا ليست سوى ارقاما وهمية. فعلى الرغم من تحجج المصارف بأن الدولة قامت باستدانة الاموال، مقابل سندات خزينة بالعملات الاجنبية والليرة اللبنانية، فان هذا لا ينفي الفجوة الحاصلة، فحتى ان افترضنا ان المبالغ المستدانة  بالليرة اللبنانية ستتمكن الدولة من تسديدها، فان الفجوة لن تقل عن 30 مليار دولار".

 

 وعن اللقاء بين وزارة المالية، مصرف لبنان و شركة "ألفاريز ومارسال"، يقول علامة  "ما هو الا لحسم التناقضات والصراع بين وفد وزارة المالية والمصرف المركزي.

 

ومن جهة اخرى، يمكن القول ان شركة "ألفاريز ومارسال"، غير متخصصة بالتدقيق الجنائي، وخبرتها ليست كبيرة في هذا المجال، وبالتالي هذا ما قد يبرر مماطلتها وعدم اقدامها على البدء بالتدقيق، اذا سلمنا جدلا ان مصرف لبنان قدم 60% فقط من المعلومات والبيانات، فما الذي يمنعها ان تبدأ بما سلمها اياه المصرف؟ وهنا اسمح لنفسي بالقول ان الشركة تتهرب من مسؤولية تبدو غير قادرة على تحملها".

 

  و يختم  بالقول "لا بد من لفت الانتباه الى ثلاث نقاط اساسية، اولها متمثل في رغبة مشتركة عند كل الافرقاء السياسية، في تطيير عملية التدقيق الجنائي، وما اختيار شركة "ألفاريز ومارسال"، الا خير دليل على ذلك.

 

  اما النقطة الثانية فتظهر بتغييب دور الجهات الرقابية المحلية، فلا بد من التأكيد انه من الاجدى ان تبدأ عملية التدقيق  في قطوعات الحساب التي ارسلت الى ديوان المحاسبة عن الاعوام الممتدة من 1993 الى 2011، والتي اظهرت فجوة مالية تقارب الـ27 مليار دولار.

 

  والنقطة الثالثة التي يجب التنبه لها، هي ان بعض سندات الخزيتة التي وزعتها الحكومات اللبنانية، هي عبارة عن مستحقات مالية للمتعهدين والمستشفيات والضمان الاجتماعي، وهذا ما يشير الى فجوة مالية اكبر واخطر من التي يتم الحديث عنها".

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك