Advertisement

لبنان

"فرانس برس": قصص موجعة لطلاب لبنان في الخارج

Lebanon 24
08-04-2021 | 12:00
A-
A+
Doc-P-810898-637534785791490675.jpeg
Doc-P-810898-637534785791490675.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
منذ أكثر من 3 أعوام، توجّه محمّد سليمان إلى بيلاروسيا لتحقيق حلمه بدراسة الطب، لكنه لم يتوقع يوماً أن تجعله أزمة اقتصادية في لبنان، مهدداً بالطرد بعد عجز عائلته منذ أشهر عن تحويل الأموال لدفع القسط الجامعي.

ويقول الطالب، 23 عاماً، عبر الفيديو من غرفته في مينسك: "إذا طردوني من الجامعة، فهذا يعني أنّ مستقبلي ضاع، وسيكون الحقّ على الدولة".

ومحمّد هو عينة من آلاف الطلاب اللبنانيين الذين يتابعون تحصيلهم الجامعي في الخارج بدعم من عائلاتهم، التي أرادت أن تضمن لهم مستقبلاً لائقاً، لكنّهم يجدون أنفسهم منذ خريف 2019، عاجزين عن دفع أقساطهم أو إيجار سكنهم بسبب قيود مشددة فرضتها المصارف منعت التحويل الى الخارج.

ورغم اعتصامات دورية للأهالي أمام المصارف وقطعهم الطرق احتجاجاً، ورغم إقرار البرلمان في العام الماضي قانوناً يلزم المصارف لمرة واحدة بتحويل مبلغ لا يتجاوز 10 آلاف دولار لكل طالب جامعي خارج لبنان، وفق سعر الصرف الرسمي للدولار، يؤكد أهالي وطلاب في الخارج أن القانون بقي حبراً على ورق.

وفي الشهر الماضي، ظهر اسم محمّد على لائحة مع طلاب لبنانيين آخرين مهددين بالطرد إذا لم يدفعوا الأقساط المترتبة عليهم.

ولا يملك اليوم أدنى فكرة عما يمكن فعله فيما مدخرات والده محتجزة في المصرف، شأنه في ذلك شأن كل اللبنانيين.

وروى طلاب عدة أنهم اضطروا للانتقال إلى شقق أصغر أو العمل بدوام جزئي أو اقتصاد وجبات الطعام، للتخفيف من المصاريف والمساهمة في دفع تكاليف سكنهم وتعليمهم.

وتحدث أحدهم عن اضطرار الأهالي لبيع سياراتهم ومدخراتهم من الذهب لمساعدة أبنائهم.

يتحسر محمّد على أيام كان والده يرسل له فيها شهرياً مبلغاً يراوح بين 400 و500 دولار، لدفع إيجار الشقة، وارتياد المطاعم والعيش كما يحلو له.

أما اليوم "بالكاد يرسلون 300 دولار" بعد شرائها من السوق السوداء.

وبات اليوم يعاني صعوبة التركيز على دروسه لقلقه مما ستحمله الأيام المقبلة. ويقول: "لا أعرف ماذا سأفعل".

من الجنوب، يتحدث موسى سليمان، والد محمد، بإسهاب عن تظاهرات ووقفات احتجاجية شارك فيها خلال الأشهر الماضية لمطالبة السلطات بحل أزمة الطلاب في الخارج، دون جدوى. ويتحدث عن معاناته لتوفير المبلغ الذي يرسله شهرياً إلى مينسك، بعدما بات المدخول الذي يجنيه من محل بيع الألعاب وأدوات التجميل الذي يملكه غير كاف، بعد ان خسرت الليرة اللبنانية قرابة 85% من قيمتها أمام الدولار في السوق السوداء.

ويقول الرجل، 48 عاماً، وهو أب لثمانية أطفال: "أنا قلق للغاية.. ولا أعرف ماذا سأفعل، سأضطر الى استدانة المال مجدداً، لا يمكنني أن أتركه دون مال، هو شاب وحيد هناك، ولا أحد يساعده".

على غرار أولياء أمور الطلاب في الخارج، يحمّل موسى الطبقة السياسية، التي لا تبالي بمطالبهم، المسؤولية عن معاناة أبنائهم.

أما المصارف، حيث مدخراتهم، فلا تكفّ عن طلب مستندات وأوراق، دون خطوات ملموسة.

ويقول موسى: "يأخذون الطلبات ويرمونها في الأدراج لأنه لا أموالاً لديهم لتحويلها، سرقوا أموال الناس".

ويدرس موسى مع أولياء أمور آخرين إمكانية تقديم دعوى قضائية ضد المصارف التي يودعون أموالهم فيها، خاصةً بعدما ربحت عائلات بعض الدعاوى، آخرها في الشهر الماضي.

وقضى الحكم في قضية الشهر الماضي بالحجز الاحتياطي على عقار أحد المصارف في مدينة النبطية، تأميناً لدين أحد المودعين لديه، طلب تحويل دولار طالبي من حسابه، إلى حفيده الطالب في بيلاروسيا.

ويعمل الاتحاد الدولي للشباب اللبناني، التجمع الذي يضم طلاباً  في 20 دولة، مع محامين متطوعين، على تقديم عشرات الشكاوى القضائية.

لكن المدير التنفيذي للمفكرة القانونية والمحامي نزار صاغية يوضح أن عدد الأحكام التي صدرت لا يتخطى أصابع اليدين، مشيراً إلى "مشكلة في تطبيق الأحكام مع ميل المصرف إلى الاستئناف".

ومع تفشي فيروس كورونا، وتخفيف عدد الجلسات في المحاكم، يصبح الوضع "أكثر تعقيداً" وهو ما "تستفيد منه المصارف لتؤخر توفير الأجوبة على الطلبات"، وفق صاغية الذي يشير أيضاً الى امتناع عائلات كثيرة عن مقاضاة المصارف خشية إقفال حساباتهم.

في إيطاليا، تتقاسم رين قسيس، 20 عاماً، طالبة الهندسة الميكانيكية مع زميلتيها اللبنانيتين مصروف الشقة. وتقول: "لا يمكننا تناول ثلاث وجبات، نؤخر الفطور قليلاً إلى الغداء، ثم ندرس حتى موعد العشاء".

تتلقى رين دعماً محدوداً من جهات إيطالية، لكن ذلك لم يحل دون استدانة والدها المال لتحويله إليها ودون عودة شقيقها من أوكرانيا، حيث كان يدرس، إلى لبنان لمتابعة دروسه عبر الإنترنت، بسبب عجز العائلة على تكبّد كلفة سكنه.

ويقول موريس قسيس، 54 عاماً، والد رين: "عملت لأعلّم أولادي حتى لا يعانوا مثلي".

بعد تقاعده من السلك العسكري، قبض موريس وهو من مدينة زحلة، تعويضاً عن نهاية الخدمة، كان يكفيه لاتمام ولديه لتعليمهما في الخارج. لكن القيود المصرفية منعته من التصرف في أمواله.

ومع التدهور الهستيري في سعر الصرف، فقد قيمة راتبه التقاعدي، الذي لا يبقى له منه بعد تسديد قرض المنزل، إلا ما يعادل خمسين دولاراً.

ويسأل بسخط "كيف سأعلّم أولادي؟" متوجهاً لولديه بالقول: "رتّبا مستقبلكما في أي بلد اجنبي، لأنه ما من مستقبل هنا".
Advertisement
المصدر: أ.ف.ب
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك