Advertisement

لبنان

لهذه الأسباب... حرب الـ 75 لم تنتهِ

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
13-04-2021 | 02:00
A-
A+
Doc-P-812381-637539008690462491.jpg
Doc-P-812381-637539008690462491.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

يخطىء من يظّن أن الحرب المسماة "أهلية" قد أنتهت ودفنت إلى غير رجعة، وهي التي بدأت يوم أحد في 13 نيسان من العام 1975وأُسكتت مدافعها في 5 تشرين الثاني من العام 1989، أي بعد خمسة عشر عامًا على إندلاعها، حيث توافق اللبنانيون على وضع حدّ للتقاتل الذي وصف بأنه "عبثي"، وأدّى إلى الآف القتلى والجرحى من كل الأطراف التي شاركت في الحرب، وتركت بصمات لا تزال مفاعيلها حاضرة على رغم إنقضاء 46 سنة على بدئها.

 

فالحرب بمعناها المادي والحصري إنتهت، وهذا ما لا يقبل الجدل، ولكن الأسباب التي أدّت إلى إندلاعها لا تزال تفعل فعلها، وهي حاضرة في النفوس، إذ يكفي مشاهدة حلقة حوارية بين متخاصمين في السياسة حتى يتبيّن للمشاهد هذا الحجم المخيف من الحقد الدفين، أو مراقبة مواقع التواصل الإجتماعي، وذلك بفعل الترسبات التي لا تزال تؤثّر سلبًا على المقاربات السياسية. لا يزال اللبنانيون أسرى إيديولوجيات متباعدة، ولا يزالون بعد 46 سنة متمترسين وراء شعارات فئوية وطائفية بعيدة كل البعد عن الوحدة الحقيقية، ولا تزال كل فئة قابعة في خنادق التقوقع، رافضة الخروج منها إلى رحاب المواطنة الحقيقية والإنتماء الواحد إلى وطن موحدّة شعاراته وخياراته وتأثيراته وأهواؤه وميوله.

 

بعد 46 سنة لا يزال اللبنانيون غير متفقين على هوية واحدة لوطن واحد، وغير متوافقين على رؤية مشتركة لما يُمكن أن يكون عليه مستقبل هذا الوطن، الذي تحاول كل فئة منهم رسم ملامحه وفق ما تمليه عليها تطلعاتها الفردية والآحادية وإرتباطاتها الخارجية المتناقضة مع توجهات الآخرين الذين لهم هم أيضًا نظرة مختلفة عما يُمكن أن تكون عليه صورة هذا الوطن.

 

وعلى رغم إتفاق الجميع نظريًا على أن الطائفية هي علّة العلل وأنها مكمن الداء، وعلى رغم ما تضمنته ثيقة الطائف بوجوب إلغائها، فإن تأصلها في النفوس يزداد يومًا بعد يوم من دون أن نجد مبادرات جدّية لإستئصالها من جذورها، وهي تحضر بقوة في كل مرّة تُطرح فيها المسائل الوطنية الكبرى.

 

وبدلًا من أن تكون الغلبة للمواطنة نرى إنحيازًا فطريًا وغرائزيًا من جانب كل فئة لمزيد من التقوقع والإنغلاق والهروب إلى الأمام من المصارحة المباشرة، وذلك من خلال تبادل التهم التي لا تخلو مفرداتها من تعابير تخوينية، ما يؤدي إلى مزيد من الإنعزال ومزيد من تنامي الشعور بالغبن المترافق مع شعارات تنمّي ما في النفوس من نقمة على الدولة ومؤسساتها.

 

وعلى رغم الجهود التي بذلت على طاولات الحوار، سواء تلك التي عقدت في بعبدا أو في عين التينة، وقبلها في جنيف ولوزان إبان الحرب، لم يستطع اللبنانيون الإتفاق على قواسم مشتركة لتوحيد الرؤى من شأنها أن تكون بداية لخروجهم من شرنقة الطائفية ورسم معالم موحدّة لمستقبل عيشهم الواحد، من دون أن يعني ذلك إلغاء خصوصية كل فئة، وهي المفترض أن تكون مصدر غنىً وليس سببًا للفرقة والإنقسام.

 

فإذا لم يجلس اللبنانيون، ومن بينهم هذه المرّة أهل الثورة، ومرّة أخيرة، على طاولة واحدة، وتطرح كل فئة هواجسها بشفافية ووضوح، وتُناقش نقاط الإختلاف كما نقاط الإتفاق بصراحة مطلقة، وصياغة رؤية واحدة تمّكنهم من التكلم بلغة مشتركة، فإن أسباب الحرب التي عصفت في العام 1975 ستبقى متأججة كالجمر تحت الرماد، وهذا ما تخّوف منه الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، وسيبقى المستقبل محفوفًا بالمخاطر، وستبقى الوحدة الوطنية مرهونة بالتأثيرات الخارجية.

 

قد تكون سياسة النأي بالنفس عن أزمات المنطقة أو الحياد بمفهومه الإيجابي مطلوبين اليوم أكثر من أي وقت مضى، بدلًا من إنتظار التسويات المرتقبة بين اميركا وإيران، والدخول مجدّدًا في  لعبة المحاور الدولية.

 

ما يبلسم جروحات الماضي وتأثيراته على الحاضر أن ذكرى هذه الحرب تصادف هذه السنة مع بداية شهر رمضان المبارك، شهر الخير والرحمة والتسامح، لعل وعسى أن يحمل هذا الشهر الفضيل، حيث تكثر الأدعية، بشائر أمل في أن يضع اللبنانيون خلافاتهم العبثية جانبًا، ويتوافقوا على ما يجمعهم من قيم ومبادىء وثوابت وطنية، وأن يعملوا على معالجة أسباب ما يباعد بينهم، فيكون لديهم أقله حكومة، على أمل أن تكون بداية النهاية قريبة.

Advertisement
المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك