Advertisement

لبنان

ميقاتي في ميزان خصومه

جميل رعد Jamil Raad

|
Lebanon 24
02-06-2021 | 08:00
A-
A+
Doc-P-829358-637582409555209347.jpg
Doc-P-829358-637582409555209347.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
بلغت الحالة اللبنانية مرحلة متقدمة من إنعدام الوزن، والإنحدار الأخلاقي فسادت حالات من الكيديه والاستهدافات حتى تم إستثمار القضاء لمحاولات النيل من الشخصيات السياسية الناجحة وبات الاستهتار بالقيم وكرامة الناس سمة غالبة على التعابير السياسية، ولم يعد هناك حد أدنى من معايير الأخلاق السياسية التي يتم التداول بها، ووصلت الحال أحيانا إلى حدود الشتيمة والابتذال على المستوى الفردي، ناهيك عن الضرب بالأيدي، وقد تكون الحال قد وصلت إلى هذه الحدود نتيجة تفكك النظام العام، وتراجع السلطة المركزية.
Advertisement

مع تطور الأحداث، وبروز الحركة الاحتجاجية في ١٧ تشرين، ازداد الشرخ بين مكونات السلطة، مما شجع على التمادي في توجيه التهم إلى حدود التهتك تحت مسميات التغيير، ومكافحة الفساد، واستثمار منصات الثورة.

استخدمت الكثير من العناوين البعيدة كل البعد عن الواقعية حيث اختلط الحابل بالنابل، ففي حقيقة الأمر أن ما يجري يندرج في سياق تصفية الحسابات، وتحسين المواقع السياسية، وإن كانت كل تلك الاستهدافات تدور في حلقة مفرغة ولا تتعدى حدود المنغصات كون الأزمة ابعد من الأشخاص بل هي أزمة نظام.

من أبرز الاستهدافات المتكررة ما يتعرض له دولة الرئيس نجيب ميقاتي. غير أن ذلك ليس مستغربا، ولا مفاجئا، فالرجل يشكل ظاهرة جديدة في الحياة السياسية اللبنانية لم تألف التجربة اللبنانية عليها، فالرئيس ميقاتي قد يكون الوحيد الذي لا يتلقى أموالا خارجية، ولا منضوي تحت إدارات أو أجندات خارجيه رغم علاقاته المتميزه مع أشقاء وأصدقاء لبنان ، ولا يعتمد على موازنات ممنوحة مقابل الاصطفافات، والولاءات الخارجية حيث تعتمد كل القوى، والفعاليات السياسية على المساعدات الخارجية بأستثناء الحالة الميقاتية التى تمنح جزءا مهما من أموالها الخاصة إلى المؤسسات الخيرية، وشرائح المجتمع المختلفة، خصوصا منها الفقيرة، ومن هنا تفسير الهجمة الممنهجة والمتكررة التي تستهدفه باستمرار.

وما سهل استهداف الرئيس ميقاتي هو عدم تموضعه في محور ضد آخر، فهو وإن كان لديه مذهب سياسي مغاير وجديد وهو الوسطية التي أدخلها على الحياة السياسية اللبنانية، لكنها ورغم وسطيتها تعتبر إشكالية أخرى حيث يجعله موقفه المتميز عرضة للاستهداف من طرفي الصراع، ففي عام ٢٠٠٥ تحمل مسؤولية الانتخابات النيابية، واستطاع أن يخرج البلاد من مرحلة صعبة ودقيقة وتعرض لهجمات من كلا فريقي ٨ و١٤ اذار كونه ظل محايدا دون أن ينحاز إلى فريق دون آخر ولا إلى محور ضد آخر.

بعد ذلك، ورغم الكثير من المتغيرات والتطورات استمر بحياده، وتولى رئاسة الحكومة مرة ثانية في عام ٢٠١٠، ومن سوء الحظ انفجرت الحرب السورية والتوترات في المنطقه ودخلت البلاد مرحلة حساسة، ولكن الرئيس ميقاتي استمر بسياسة النأي بالنفس خشية انزلاق البلاد بالفوضى، بالرغم من انخراط معظم القوى السياسية بالحرب السورية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

كما أن الرئيس ميقاتي رفض إعطاء الشرعية لأحد، وظلت الحكومة اللبنانية حيادية، وإن كان بالشكل، مما جعله عرضة للانتقادات من كافة القوى السياسية نتيجة مواقفه المتميزة.

ومنذ اليوم الأول لترؤسه الحكومة، رفض الكيدية ضد فريق معين أصيب بنكسة، وخسر السلطة، فمنع الاقالات، وتصفية الحسابات، وتغيير التركيبة المتعارف، واستمر بدعم المحكمة الدولية، فتعرض لهجوم من فريق ٨ آذار. ورغم كل ذلك، حافظ على الثوابت الوطنية، ومنها عروبة لبنان، وحقه بالمقاومة ضد العدو الإسرائيلي، وهنا تعرض لهجوم مماثل لكن هذه المرة من قوى ١٤ آذار.

وعام ٢٠١٨، تجلت مواقفه الواضحة في الانتخابات، وشكل لائحة مقابلة لقوى ٨ و١٤ آذار، فعرضه ذلك لاستهدافات متتالية من كلا الطرفين، في الوقت عينه، وبالتزامن.

ومع اندلاع شرارة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، تناوبت الأطراف السياسية على شن الحملات عليه من أجل إضعافه، وإفقاده المبادرة، واستبعاده من دائرة الفعل، والإنقاذ، وكان المطلوب بالدرجة الأولى إخراجه من المشهد السياسي، والاستفراد بتيار "المستقبل"، وقد تلمس خطورة الموقف مسبقا، لما وجد في تلك الخطة إضعافا لموقع رئاسة الحكومة، وتشتت الساحة السنية، وتحويلها إلى ملحق وضرب مفهوم إتفاق الطائف الذي يؤمن التوازن السياسي المطلوب من هنا سعى دولته لإنشاء منصة رؤساء الحكومات لتعيد نوعا من التوازن وكتعويض عن الفراغ الكبير الذي أصاب الساحة السنية ونتيجة انشغال العرب في صراعات المنطقة، ذلك بالرغم من عدم قناعة الرئيس ميقاتي بالاصطفاف الطائفي إنما كانت منصة رؤساء الحكومات من منطلق وطني ولكن هذا لا يعني تجاوز الواقع الذي يتطلب تمثيلا صحيحا يؤدي إلى الانصهار الوطني. وهو رأى أن اعتماد سياسة التهميش يؤدي إلى الشعور بالغبن، والإحباط، مما يعزز من الحالة الطائفية، ولهذا رفض الرئيس ميقاتي فكرة الاسماء البديلة، او المطروحة لرئاسة الحكومة خشية تعميق الانقسام، واستمرار الأزمة، فهو يرى أن البحث عن الأسماء البديلة في ظل غياب خطط الانقاذ، والتوافقات الداخلية، والإجماع الوطني، والمساعدة الدولية ما هي سوى شعارات لإطالة الازمة.

من هنا تستمر الاستهدافات لشخص الرئيس ميقاتي، ولكنه، وبالرغم من كل المحاولات الرامية للنيل من حضوره السياسي، يحافظ على حياده وحضوره، ولا شك أن الانقسام حول شخصه بين مؤيد و معارض يؤكد أنه بات واحدا من أهم الشخصيات السياسية في الساحة اللبنانية عامة، وخاصة أنه أصبح يمثل الحالة الطرابلسية المتجددة والتي تعبر عن قيم وتاريخ المدينة.
 
المصدر: خاص لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك