قبل الأزمة، كان لبنان مركزاً للسياحة الطبية في الشرق الأوسط، فبحسب نقابة الأطباء، كان يقصده نحو 60 ألف مريض سنوياً، لا سيما من العراق. الحال تبدّل. فمع اشتداد الأزمة، يشهد القطاع الطبي موجة هجرة واسعة في أوساط الأطباء والممرضين، في خطوة يحذر مراقبون من أنها ستسرّع من وتيرة الانهيار المتزامن مع جائحة كورونا.
صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية تناولت هذا الملف، ناقلةً عن نقابة الأطباء تقديرها أنّ نحو ألف طبيب من أصل 15 ألف طبيب مسجل في النقابة قد غادر لبنان منذ العام 2019. كما نقلت الصحيفة عن مصدر في "اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﻄﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت" AUBMC قوله إنّ 40% من طاقم الطوارئ إلى جانب 50% من الممرضين غادروا البلاد.
تركز الصحيفة على هجرة الأطباء إلى العراق، إذ تنقل عن الطبيب الجراح أيمن عبيد (40 عاماً) قوله إنّه اشترى "تذكرة ذهاب فقط" من بيروت إلى السليمانية في إقليم كردستان بعدما تلقى عرض عمل في العراق.
عبيد الذي سبق له أن عمل في مستشفى رفيق الحريري الحكومي ومستشفى بهمن قوله: "لا يتعين عليك إعادة النظر بالموضوع. فلا يتعلق الأمر بالأطباء فحسب"، مشيراً إلى أنّ كل لبناني تسنح له فرصة الذهاب في العمل خارج البلاد سيغادر.
وتوضح الصحية أنّ عبيد يُعدّ واحداً من أكثر من 40 طبيباً لبنانياً انضم خلال الأشهر الماضية إلى طاقم عمل "مدينة فاروق الطبية" الكائنة في السليمانية (تبعد ساعتين و40 دقيقة عن إربيل)، ناقلةً عنه قوله: "القطاع الصحي اللبناني يتدهور منذ 10 سنوات، إلا أنّه ينهار اليوم".
وبحسب ما تكتب الصحيفة، فإنّ كردستان، الآمنة نسبياً اليوم، تجتذب الأطباء خريجي الجامعة الأميركية في بيروت، مثل عبيد. وتعلّق: "هذا المستشفى العراقي الأول الذي يبحث عن موظفين لبنانيين"، مضيفة: "قد يطلق اتجاهاً جديداً في البلاد".
في هذا السياق، يوضح عبيد: "تعتبر المستشفيات الخاصة في كردستان هذه التجربة (توظيف أطباء لبنانيين) بمثابة دراسة تجريبية. وإذا توصلوا إلى نتائج (إيجابية)، عندها قد تبدأ مستشفيات أخرى في توظيف أطباء وعمال لبنانيين".
من جانبه، أوضح المدير التنفيذي لـ"مدينة فاروق الطبية" علي الحاج، وهو لبناني، أنّ المستشفى ترمي إلى أن تصبح نموذجاً للعراق برمته. يُذكر أنّ عدد اللبنانيين في كردستان ارتفع من ألفين قبل العام 2019 إلى 3 آلاف، بحسب ما يقول مصطفى حريري، ممثل الجالية اللبنانية في إربيل، عاصمة كردستان.
*صورة الخبر للجراح اللبناني أيمن عبيد