Advertisement

لبنان

بعيدا عن كل الأزمات... اليكم هذه الصورة عن "لبنان الحلو"

جو لحود-Joe Lahoud

|
Lebanon 24
08-09-2021 | 04:30
A-
A+
Doc-P-861573-637666931519890907.jpg
Doc-P-861573-637666931519890907.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
كثرت في الآونة الأخيرة الكتابات التي تعالج المشاكل اللبنانية المتعددة والمتفرعة واللامتناهية، فضعنا جميعا بين سطور البنزين والخبز والدواء والطوابير السارحة برعاية السلطة وناسها وأهلها، وبين أخبار الدولار المتقلب على صدى أوهام الايجابية التي بات لها غرفها الخاصة، التي تعمل على قياسها وبثها واستعادتها، لتمسي مادة تدغدغ مشاعر اللبنانيين بصفة المعجل والمكرر.
Advertisement
لكن وبعيدا عن اوهام الايجابية وعن كل من يريد اصطناع الفرج ليؤجل الانفجار، هناك فعلا من يعمل على خلق ايجابية حقيقية ويبحث عن التغيير بطرق حضارية قادرة ان تمنع الانفجار لو تم تعميمها ونشرها على صعيد كل الوطن.
وفي ظل السوداوية اللبنانية القاتمة، يمكن الحديث عن بعض فسحات للأمل ناتجة في معظمها عن مبادرات فردية من قبل أشخاص آمنوا بالأرض والوطن والهوية اللبنانية الصرف.
إن توفّر لك البنزين وان أردت ان تعاينها بأم عينك، يمكن ان تتجه بسيارتك شمالا، فالمسافة من بيروت الى مدرسة "رشيل اده الرسمية" في بلدة سبعل الشمالية، لا تزيد عن ساعتين من القيادة في ظل زحمة سير خانقة يشهدها عادة اوتوستراد جونية، وعرقلة باتت من يوميات سالكي اوتوستراد شكا في ظل غياب المعالجة الحقيقية لجبل شكا الذي هوى منذ أكثر من 3 سنوات.
اذا، مسافة الساعتين التي جعلت القرى الشمالية نائية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، كفيلة ان توصلك الى المدرسة النموذجية، التي أحدثت فرقا منذ تأسيسها في مفهوم التعليم الرسمي في لبنان.

من مدرسة مهملة الى مشروع رائد
كسائر المدارس الرسمية الابتدائية والتكميلية في لبنان، كانت مدرسة سبعل الرسمية مهملة، لا بل متروكة لتضيع بين الرطوبة والصقيع والمازوت المتدحرج على حيطانها، فضلا عن المشاكل التربوية التي تتشاركها مع مثيلاتها في لبنان والتي تنطلق من نواقص متعارف عليها في الكادر التعليمي ، ولا تنتهي عند باب المحاصصة الذي اغرق القطاع العام ومعه الدولة اللبنانية.
بعد أحداث تموز 2006، لفت الموضوع المهندسة جوزيان اديب طربيه، فكانت من هناك الانطلاقة، اذ تحوّل المشروع الى هم أساسي بالنسبة لها، رأت من خلاله خلاصا لأجيال متتالية تغيب عنها المعرفة والقدرة على التمييز فضلا عن التربية الوطنية التي من شأنها ان تخلق مواطنا مرتبطا بارضه وبلده.
سنوات طويلة  ومضنية من التخطيط  ورسم الأفكار والبحث عن التمويل اللازم، توّجت بافتتاح "مدرسة راشيل اده" في العام 2015  بتمويل مباشر من السيد جان غبريال اده وبرعاية من بلدية سبعل.

6 سنوات من التميز
منذ انطلاقة "مدرسة راشيل اده"، كان التميز هدفا اساسيا للقائمين عليها، فزودت المدرسة بكادر تربوي وتعليمي متخصص ، يمتلك مختلف أفراده شهادات عليا في تخصصاتهم والمواد التي يقومون بتدريسها، فضلا عن ان المدرسة، وعلى غرار ما تقوم به كبريات المدارس الخاصة في لبنان، استعانت باخصائيين في مجالات مختلفة  كالعلاج النفسي، وتقويم النطق والمتابعة الاجتماعية وغيرهم.
كما ان المدرسة، سعت لان تكون مكانا محببا ومريحا وناشرا للطاقة الايجابية، فأدخلت المسرح والرياضة والسينما والفنون المتعددة الى حصصها، ايمانا منها بقدرة الفنون والرياضة على خلق مجتمع أكثر أمانا وابداعا.
وتتميز المدرسة ايضا، ببنائها النموذجي، اذ ان البناء يحترم القواعد البيئية بامتياز، فهو متداخل مع شكل وطبيعة الأرض الموجود فيها، ويعتمد على العناصر الطبيعية لاسيما الشمس والهواء في عملية التدفئة شتاء والتبريد صيفا.
وفرادة المدرسة، يمكن الاطلالة عليها من باب التكنولوجيا، التي تعتبر عمودا اساسيا في شكل ومضمون التعليم الذي تنتهجه مدرسة راشيل اده، ما جعلها تدخل في صلب التعليم الحديث ما قبل انتشار جائحة كورونا وما قبل بداية التعلم عن البعد، فصفوف المدرسة مجهزة بألواح تفاعلية موصولة على شبكة الانترنت، ليقوم الاستاذ من خلالها بشرح الحصص بطريقة تفاعلية وعن طريق استخدام تطبيقات تضع الطالب على تماس مع شكل الحياة الجديد الذي فرضه التقدم المعلوماتي والتكنولوجي.
كذلك، ان سير العمل في المدرسة لا يقتصر على ساعات التعليم وحسب، انما يمكن الحديث عن نشاطات لا صفّية دورية، تهدف لفتح الآفاق عند الطلاب ووضع مختلف احتمالات النجاح بين ايديهم، فيتمكنوا من اكتشاف انفسهم ومحيطهم وبلدهم وقدراتهم.
فضلا عن ان المدرسة، تشارك غالبا في مؤتمرات ودورات تدريبية، تسعى من خلالها الى تدريب كوادها ووضعهم في صلب التطور الاكاديمي والعلمي، كما تعمل من خلالها على وضع تجربتها الرائدة كشهادة حية لكل من يرغب في خلق التغيير وايجاد مجتمع يتميّز بالمواطنة والايجابية والسلام.
يذكر ان مدرسة "راشيل اده الرسمية" نالت مؤخرا "اللوحة التذكارية الخاصة لعلامة CELF"، من قبل السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو وهي جائزة فرنسية تكافئ المؤسسات الفرنكوفونية التي تعتمد الثنائية اللغوية.

على الرغم من كل الظروف... النجاح مستمر
ان مدرسة "راشيل اده" التي تشرف عليها جمعية "ملح الأرض"، ومع بداية جائحة كورونا وجدت نفسها كمختلف مكونات القطاع التربوي في لبنان، امام أزمة كبيرة، لكن القيمين عليها، استطاعوا تحويل الأزمة الى تحد والتحدي الى فرصة جديدة للتميز، فكانت تقنيات التعلم عن بعد من بابها المهني وسيلة فعالة للتواصل بين الاساتذة والتلاميذ.
فالمدرسة استفادت من خبرة اساتذتها بالتعاطي مع العناصر التكنولوجية ، التي اكتسبوها خلال تدريبات مكثفة خضعوا اليها للتعاطي مع الوسائل الحديثة التي وفرتها المدرسة منذ نشأتها، كما استفادت من فريقها التقنيّ الذي عمل على تطوير نظام تدريسي عن بعد يأخذ بعين الاعتبار الواقع اللبناني لجهة غياب البنى التحتية اللازمة.
المدرسة اليوم، تضم أكثر من 300 تلميذ، وهي بذلك تكون قد وصلت الى قدرتها الاستيعابية، ولكن مع تكاثر الحاجة وفي ظل الأزمات اللبنانية المتلاحقة وبعد الثقة الكبيرة التي رسختها المدرسة بين ابناء المنطقة، بات التفكير اليوم ملحا لبدء العمل على توسيع البناء او اضافة مبان جديدة تراعي معايير البناء الاساسي عينها، حتى يتمكن أكبر عدد من أبناء زغرتا الزاوية من الاستفادة من التعليم المجاني والنوعيّ والذي هو حق مكتسب مبدئيا لكل مواطن لبناني.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك