Advertisement

لبنان

من لا يرَ إلاّ السواد... فليره وحدَه

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
18-09-2021 | 03:00
A-
A+
Doc-P-865103-637675514939232081.jpg
Doc-P-865103-637675514939232081.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

عندما تحدّث وزير الإعلام جورج قرداحي، وهو الآتي من رحم الإعلام، عن ضرورة تحمّل المؤسسات الإعلامية مسؤوليتها كاملة في هذه الظروف الدقيقة والمصيرية، لم يكن يقصد ما ذهب إليه بعض الذين إتهمونه بمحاولة "تدجين" الإعلام، وضرب الحريات الإعلامية، وما إلى هناك من تفسيرات خاطئة.

 

ما قاله الرجل لم يكن يستأهل كل هذه الضجّة. فلو أُخذ كلامه على محمل الجدّ لما كان بعض الإعلام الذي يفتش عادة عن الإثارة ومرض "الترافيك" وما شابه، قد إسترسل في التحليل والإستنتاج وتصويب البوصلة في غير إتجاهها الصحيح.

 

طالب الإعلامي جورج قرداحي، وهو اللقب الملازم له والأحبّ على قلبه، على رغم لقب سيد الوزير، بصيغة التمنّي وسائل الإعلام بالإمتناع، طوعًا، عن إستضافة الأشخاص الذين يعمّمون "ثقافة سوداء"، ولا يرون سوى السواد في كل مكان، حتى ولو كان الواقع المأزوم يوحي بذلك. ولكن ما أعلنه الرجل، وفي أول تصريح رسمي له، لم يكن يقصد به الإساءة إلى الإعلام، وهو إبن هذه المهنة، بقدر ما كان يهدف إلى الإضاءة على ناحية مهمّة في دور الإعلام، الذي هو شريك فعلي وأساسي في عملية الإنقاذ.

 

ليس المقصود في هذه الزاوية الدفاع عن وزير نأمل أن تكون له بصمات حيث هو، وخاصة في ما خصّ تعزيز الحريات الإعلامية وصونها وتقديسها، إنما المقصود الإنضمام إلى الفريق الذي يحاول أن يرى النصف الملآن من الكأس، وعدم الإكتفاء برؤية النصف الفارغ، والسعي إلى محاولة إقناع الآخرين بصوابية نظرته إلى الأمور.

 

صحيح أن الوضع سوداوي ولكنه لا يحتاج إلى من يزيده سوادًا وبؤسًا، وصحيح أيضًا أن المدافعين عن نظرية النصف الملآن من الكأس تنقصهم الحجج والأدلة الدامغة، وصحيح أن من يرّوجون لـ"ثقافة" التشاؤم لا يحتاجون إلى الكثير من البراهين الحسّية لدعم نظريتهم، وهذا ما يدعو إلى التأسف والحسرة. فعلى رغ مأسوية الأوضاع فإن فرص الإنقاذ لا تزال متاحة، وهذا ما يجب الإضاءة إليه، بدلًا من أن تتحوّل نشرات الأخبار إلى "ورقة نعوة"، وبدلًا من أن يتسابق المحلّلون والمنظّرون، وما أكثرهم هذه الأيام، على إشاعة أجواء اليأس والدعوة إلى الإستسلام والقبول بالواقع على علاّته.

 

فإذا كان هؤلاء المحلّلون والمنظّرون لا يرون إلا الأسود، لغايات معينة، فهذه مشكلتهم، ولكن فليروا هذا السواد وحدهم. فالناس قلبها "مطّبق"، وهي لا تحتاج إلى من يزيد على قلبهم، أو أن يزيد الطين بلّة، بل يحتاجون في هذه الأوقات الصعبة إلى من يمدّهم بالأمل، حتى ولو كان هذا الأمل ضئيلًا وشحيحًا.

 

سمعت من بعض الإعلاميين كلامًا لم أشتمّ منه سوى دفع الناس إلى القنوط والإستسلام للأمر الواقع وكأن الوضع ميؤوس منه. لسنا هنا في معرض تزييف الوقائع وتجميلها، لأن الجميع، بمن فيهم "المقمط بالسرير"، يعرفون أن هذا الوضع لا نُحسد عليه كثيرًا، وأن الأمور زادت عن حدّها المقبول من كل النواحي، بل ما نحاول قوله هو أن الإستسلام والخضوع للأمر الواقع هو النقيض للأمل الباقي، والذي لولاه لكان العيش أو ما تبّقى منه ضيقًا جدًا.

 

فلماذا لا نساهم، نحن معشر أهل القلم والرأي الحر، في نشر النور من خلال شمعة نضيئها في هذه العتمة، بدلًا من إلقاء اللوم على هذا الظلام، الذي هو في كثير من الأحيان من صنع أيدينا؟

 

Advertisement
المصدر: لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك