Advertisement

لبنان

الحريري يحرّر نفسه

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
24-01-2022 | 10:00
A-
A+
Doc-P-910812-637786402033841760.jpg
Doc-P-910812-637786402033841760.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

فعلها الرئيس سعد الحريري. أعلن قراره النهائي. فهو لن يترشّح لإنتخابات العام 2022. وكذلك تياره السياسي. ويعلق عمله وتياره بالحياة السياسية، ولكن هذا القرار لا يعني أن الحريرية السياسية قد افلت. قالها أمس الأول أمام الحشود الشعبية التي أمّت "بيت الوسط" داعمة لمواقفه، وأعاد التأكيد عليها بالأمس: هذا البيت هو بيتكم وهو لن يُقفل". 
Advertisement

الإعتبارات والمعطيات التي أملت على الحريري إتخاذ مثل هكذا موقف كثيرة ومتشعّبة، وقد كثرت في الأيام الأخيرة التحليلات والتفسيرات حول الجهات المستفيدة من قرار الحريري وكذلك الجهات المتضررة. ولكن ثمة قاسمًا مشتركًا بين الجميع على أن هذا القرار سيترك فراغًا على المستوى التمثيلي الذي كانت "الحريرية" تؤمّنه لدى الطائفة السنّية داخل البرلمان، مع الإشارة إلى أن الأنظار تتجّه حاليًا إلى العاصمة الثانية، من حيث ثقلها السياسي في المعادلة الوطنية العامة أولًا، ومن حيث ثقلها السنّي بالتكامل العضوي مع الضنية والمنية وعكار ثانيًا، على رغم أهمية بيروت كمركزية سياسية معبّرة عن وحدة تكاملية لصيغة العيش المشترك تمامًا كعاصمة الشمال، التي يُمكن إعتبارها نموذجًا يُحتذى. 

وبهذا القرار يكون سعد الحريري قد حرّر نفسه من بعض القيود، التي كانت تفرض عليه إتخاذ بعض المواقف الحسّاسة، "منعًا للحرب الأهلية"، والتي إعتبرها البعض غير جريئة بالنسبة إلى واقع الأزمة اللبنانية، والتي لها علاقة مباشرة بأزمات المنطقة، فيما رأى فيها البعض الآخر تعاطيًا واقعيًا مع ظروف غير طبيعية يعيشها لبنان، وهي التي توجب على كل مسؤول التعاطي معها بحذر شديد، وقياس الأمور من منظار المصلحة الجماعية. 

ما هو مؤكد أن الحريري بقراره هذا أوقف العمل بسياسة ربط النزاع مع "حزب الله". وقد دفع الكثير من رصيده الشخصي نتيجة هذه السياسة، لكن هذا لا يعني أنه قطع "شعرة معاوية" مع مكّون سياسي لبناني له حيثيته التمثيلية على مستوى السلطتين التشريعية والإشتراعية، وله جمهوره وناسه وعلاقاته مع أكثر من طرف داخلي وخارجي، وهو مؤّثر فاعل في الحياة السياسية الداخلية. إلاّ أن هذا لا يعني بالتأكيد أنه سيهادنه كما كان يفعل يوم كان في السلطة، وذلك لإعتبارات كثيرة كانت تلك المرحلة تستوجب عليه إتخاذ بعض المواقف التي أسقطت عنه بعض الدعائم الإقليمية، من ضمن التوازنات القائمة في الإقليم، والتي تُترجم حتمًا على الساحة الداخلية في شكل أو في آخر، ولها تأثيرات مباشرة على وضعية الأزمة السياسية القائمة في لبنان على اساس إنقسام اللبنانيين بين محورين مختلفين في التوجهات والتطلعات بالنسبة إلى مستقبل البلاد، وهي كانت محور خلاف بين نظرتين متناقضتين حول دور لبنان، يوم كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري يدعو إلى أن يكون لبنان شبيهًا بهونغ كونغ فيما كان "حزب الله" يطالب بتعميم تجربة "هانوي". 

ما هو أكيد أن الساحة السياسية لن تكون بعد قرار 24 كانون الثاني من العام 2022 كما كانت قبل هذا التاريخ، على رغم عدم إنكفاء الحريري عن الحياة السياسية العامة، وهو رسم لنفسه في بيانه بالأمس خارطة الطريق، التي سيسلكها في المستقبل، وهو باقٍ عضو فاعل في نادي رؤساء الحكومات الحاليين والسابقين. 

فتعليق الحريري عمله بالحياة السياسية يلقي بمسؤولية وطنية كبيرة على عاتق جميع  جميع اللبنانيين الذين يقدّرون الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد، والتي تفرض التعاطي معها بكل مسؤولية وحكمة وشجاعة حتى تمرير هذه المرحلة الدقيقة والحسّاسة بأقل أضرار ممكنة.  

الظرف تاريخي ومصيري ويحتاج إلى مواقف جريئة وصلبة، ولكن في الوقت نفسه إلى حكمة وبعد نظر. فاللبنانيون ملزمون بأن يعيشوا مع بعضهم البعض، ولكن شرط أن تُرفع عنهم الوصايات الخارجية، وشرط إنخراط الجميع في مشروع إعادة بناء الدولة على أسس سليمة. فلا يكون فيها شتاء وصيف فوق سقف واحد. ولا يكون فيها مواطنون صفّ أول وآخرون صفّ ثانٍ وثالث ورابع. 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك