Advertisement

لبنان

خفايا تُكشف عن مفاوضات الوسيط الأميركي.. هذا ما تريدُه إسرائيل "حرفياً"

محمد الجنون Mohammad El Jannoun

|
Lebanon 24
02-08-2022 | 05:00
A-
A+
Doc-P-976829-637950408097331910.JPG
Doc-P-976829-637950408097331910.JPG photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
حتى الآن، لا يُمكن الجزم تماماً بوجود إيجابية "مُطلقة" على صعيد ملف ترسيم الحدود البحريّة، حتى وإن كان هذا الأمرُ هو الظاهر في اجتماع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، يوم أمس، مع الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا. 
Advertisement
 
بشكل أو بآخر، فإنّ ما بيّنه مسار المشاورات التي حصلت خلال الساعات الماضية، يكشفُ عن ثغرات أساسيّة ما زالت قائمة في الملف، وبالتالي فإن الجولة التفاوضية التي أجراها هوكشتاين مؤخراً لم تفضِ إلى تقدّم كبير على صعيد التسوية المُنتظرة. وبعكسِ ما أشيع، فإنّ الوسيط الأميركي لم يحملْ طرحاً إسرائيلياً واضحاً بشأن الترسيم، بل إنّ الأمر اقتصرَ على مُحادثاتٍ فعليّة بشأنِ التثبت من أمرين أساسيين: الأوّل وهو إنهاء النقاش بكل ما يرتبطُ بالخط 29، والثاني تثبيت المفاوضات حول كل ما يرتبط بالخط 23 حصراً. كذلك، كان هوكشتاين واضحاً بقوله إن إسرائيل لن تقبلَ تماماً في أي بحث لبناني يتطرق إلى جنوب الخط 23، في حين أن لبنان كان واضحاً أيضاً بأن أي نقاشٍ شمال هذا الخط لن يكون وارداً أبداً.  

كلّ هذه المعطيات التي رشَحت عن اجتماع الأمس لا تكشف أبداً عن طرحٍ واضح، إذ أن الوسيط الأميركي لم يبحث مع الرؤساء الثلاثة أي تفاصيل تقنية ترتبطُ بالبلوكات النفطية، والدليل الأكبر على ذلك هو أنّ هوكشتاين في حديثٍ له عبر الـ"LBCI"، الإثنين، لم يكشف أي تفاصيل عن طرحٍ قدّمه، بل اكتفى بالإشارة مراراً إلى وجود "إيجابية" على صعيد المشاورات القائمة. 

ما يُمكن قوله بكلّ بساطة هو أن معالم الملف ما زالت غير مُكتملة العناصر، في حين أنّ مختلف النقاط الخلافية بين لبنان وإسرائيل ما زالت مطروحة على طاولة البحث. أما ما قيلَ عن انحسار الفجوة في الخلاف، فيرتبط بأن لبنان حصر نقاشه مع الأميركيين بالخط 23 دون سواه، وهو الأمر الذي انعكس مباشرة في "إيجابيّة" تحدّث عنها الأميركيون مراراً، ويعدّ هذا الأمرُ ضمانة لإسرائيل بالتحرّك ضمن حقل "كاريش" من دون أي رادعٍ أو تهديد.

على أساسِ ذلك، سعت تل أبيب إلى رسم مسار اقتراحٍ بشأن الترسيم الذي ضمِن لها ابتعاداً لبنانياً تاماً عن المساحة الفاصلة بين الخط 23 و 29. وهنا، فإنّ ما يمكنُ قوله هو أنّ إسرائيل ضمنت الجولة الأولى من المفاوضات عبر إقصاء أيّ خطرٍ عن "كاريش" الذي سيستمر التنقيب فيه واستخراج الغاز منه في أيلول بشكل حاسم، في حين أنها تسعى بشكل أو بآخر لتحقيق مكاسب أخرى من خلال إضفاء تعديلات على مسار الخط 23 واكتساب أجزاءٍ من البلوك رقم 8 الذي يعدّ كاملاً من حصّة لبنان.  
 
وفي هذا الصّدد، تقول مصادر متابعة لعملية التفاوض في ملف الحدود البحرية لـ"لبنان24" إنّ "التفاؤل الذي يسيطر على الملف حذرٌ تماماً"، موضحة أنّ "المشكلة ما زالت قائمة، والرهان اللبناني على الخط 23 قد يتقلّص تباعاً في ظل أي شروط إسرائيلية قد ترتبطُ به"، وتضيف: "ما يحصل هو أنّ إسرائيل ضمنت لنفسها المساحة الكاملة بين الخطين 23 و 29، وقد انتقلت الآن إلى فرض شروط جديدة تتعلق بالخط 23 الذي يتمسّك لبنان به، وتشدّد على أخذ أجزاء أساسية من البلوك رقم 8. هنا، وفي حال تم الوصول إلى تسوية بشأن هذا البلوك، فإنّ الخوف هو أن تبادر إسرائيل لاحقاً إلى طرح شروط جديدة تطوّق الحقوق اللبنانية، وهنا الخطر الأكبر". 
 
وتردفُ المصادر: "المشكلة هي أن لبنان قلّص من المكاسب التي كان سيحصل عليها، فكلما حصل على مساحات بحرية أكبر كلما كانت الفرصة بالتفاوض أعمق وأشمل، لكن الأمور باتت تضيقُ تماماً وهذا الأمرُ ليس جيداً بالنسبة لنا، لكنه قد يكون جيداً بالنسبة للأميركيين والإسرائيليين". 

فعلياً، فإنه في حال ضمان لبنان لحقل "قانا" المُحتمل مع الخط 23، فإن معادلة "قانا" مقابل "كاريش" ستكون قد تحققت بالنسبة للبنان، وهذا الأمر بات محسوماً لدى الأميركيين بشكل واضح. إلا أنّ المشكلة باتت تتعلق بأمر آخر وترتبط بالبلوك رقم 8 وسبب الإصرار الإسرائيلي عليه، إذ أن بعض الخبراء المتابعين يشيرون إلى أن تل أبيب ومن خلال عمليات التنقيب التي تُجريها، يمكن أن تكون قد كشفَت ما يتضمنه هذا البلوك من ثروات، في حين أنّ لبنان ليس لديه أي معطيات بما تتضمنه الآبار البحرية من غازٍ ونفط، خصوصاً حقل "قانا". كذلك، جرى مؤخراً الترويجُ لنظرية تفيدُ بأنّ البلوك رقم 8 يُساعد إسرائيل تماماً على توفير إمدادات الغاز إلى أوروبا بأقلِ تكلفة ممكنة، لاسيما أن عملية إنشاء الأنابيب في البحر بحاجة إلى مليارات الدولارات، ويمكن لأي سيطرة على أجزاء من هذا البلوك أن توفر على إسرائيل أموالاً باهظة خلال عمليات إيصال الغاز إلى أوروبا. إلا أنه في المقابل، يقول أحد الخبراء التقنيين في فريق التفاوض حول ملف ترسيم الحدود لـ"لبنان24" إنّ "هذه النظرية غير دقيقة أبداً، فإسرائيل بإمكانها مدّ أنابيب ضمن البحر في أي بلوك شرط ألا تتدخل في ثرواته التي يحق للدولة المالكة لها استغلالها بشكل كامل بمعزل عمّا يمر هناك من أنابيب". 

إلى جانب ذلك، تكشفُ المعلومات أن المطلب الإسرائيلي الجديد الذي جرى الترويج له ونقله هوكشتاين يوم أمس، جرى تقديمُه للأخير يوم الثلاثاء الماضي، وذلك خلال اجتماع عقد مع الفريق الإسرائيلي المعني بملف الترسيم، بحضور بريت ماكغورك، مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط. كذلك، فإنّ الأوساط الإعلامية الإسرائيلية باتت تُروّج لإمكانية وجود حلّ قريب مع لبنان، في حين أن هناك إشاعة لكلامٍ عن أن المطلب الإسرائيلي الجديد يتضمّن دعوة لتجديد المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل في الناقورة تحت رعاية الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي كانت دعت إليه الأطراف اللبنانية في وقتٍ سابق. 
 
ما لا يُمكن إغفاله أيضاً هو أنّ المشاورات الأخيرة التي حصلَت مع هوكشتاين لم تحظَ بتأكيدٍ أميركي جازم لإمكانية حصولِ لبنان على موافقة أميركية بالتنقيب عن الغاز والنفط في أي بقعة من مياهه الإقليمية، لكن الأمور إيجابية على هذا الصعيد بعد الإشارة اللبنانية إلى هذا الأمر بشكل حازم، وتلقي علامات أميركية إيجابية بهذا الصدد. لكن الأمر الأساس هو أن عدم حصول هذا المكسب بأسرع وقتٍ ممكن سيشيرُ إلى أنّ كل المحاولات التي تجري في الوقت الراهن لا تفِي بالغرض، وما السماح للبنان بشكل مباشر باستغلالِ الغاز الموجود في مياهه الإقليمية إلا خطوة مُنتظرة منذ زمن، ووحدها تعني إمكانية خروج لبنان من المأزق الذي يعيش فيه بعيداً عن حربٍ أو صراعٍ عسكري مُباشر. 
 
وفي سياق هذا الأمر، فإن ما يتبيّن من مسار المعلومات الحالية هو أنّ الإقتراح الذي طرحه العدو الإسرائيلي يشيرُ إلى أن استثمار لبنان لحقل "قانا" سيكون أمراً مفروغاً منهُ، ومن شأنه أن يمهد لاحقاً للسّماح للبنان تباعاً باستغلال حقول النفط الأخرى وذلك وفق شرط واحد، وهو ضمان عدم إقدام "حزب الله" على تهديد حقول النفط الإسرائيلية، لأن ذلك - إن حصل - سيضعُ "فيتو" جديد على إمكانية تصرّف لبنان بموارده الطبيعية. 

في ما خصّ "الرفض - الفيتو" المشار إليه، فإنّ أمرَه واردٌ تماماً بالنسبة للإسرائيليين، إذ كشفت التقارير الإسرائيلية العديدة عن أنّ المعادلة الجديدة ستكون وفق التالي: إن سمحنا للبنان بالتنقيب عن الغاز والنفط، فإن هذا الأمر يجب أن يقترن بضمانة واحدة: تعهد "حزب الله" بالابتعاد عن أيّ عملٍ ضد منصات الغاز في البحر، لأنه في حال جرى ذلك، فإن الاستهداف الإسرائيلي سيطالُ المنصات اللبنانية أو ما يرتبطُ بها.  
 
وبناء لتلك القاعدة، يبدو أن إسرائيل ترغبُ تماماً في تجنيب منصاتها أي صراعٍ، وهي باتت تربطُ هذا الأمر بالسماح للبنان بالتنقيب. وبشكل واضح، فإنّ هذا الأمر قد يحشر "حزب الله" في "خانة اليك"، خصوصاً إن الأخير حمل مطلباً واحداً وهو السماح للبنان بالتنقيب، لكنه لم يضمن عدم تحركه ضدّ أي منصة بحرية حتى وإن تحقق ذلك السّماح.  
 
مصادر مقربة من "حزب الله" قالت لـ"لبنان24" إنّ "الأمور ما زالت ضبابية وليس هناك من أمورٍ واضحة"، مشيرة إلى أن "لبنان الرسمي لم يعطِ ضمانات لإسرائيل بعدم التحرّك ضد منصات الغاز، وما يُقال عن طرح اسرائيلي في الوقت الراهن ليسَ إلا كلاماً عاماً"، وتابعت: "أين التفاصيل التقنية التي جرى بحثها؟ ما هي البنود التي تم طرحها؟ أين الوفد التقني الذي أشرف على وضع خطة الترسيم؟ هل العودة إلى الناقورة كفيلة بمناقشة الجوانب التقنية أم أن هناك ستطرأ عراقيل جديدة ستؤخر قدرة لبنان في التنقيب عن النفط؟". 
 
في المُحصّلة، فإن ما يتبين تماماً هو أن الرهان على استمرار المفاوضات ما زال قائماً، ولا يمكن حتى الآن الحديث عن مكاسب أو إيجابية إلا من خلال ضمان 3 نقاطٍ أساسية وهي: ضمان الخط 23 كاملاً مع إتمام سيادة لبنان على أجزاء أساسية من البلوك رقم 8 - إنتزاع الحق في التنقيب عن النفط والغاز في كامل البلوكات البحرية - الحصول على ضمانات بعدم التعرّض لأي منصات بحرية لبنانية من قبل إسرائيل في المستقبل. وبحالِ تحقق ذلك، فإن لبنان يكونُ قد حقق خطوة إلى الأمام، إلا أنها حتى الآن ما زالت مرتبطة بمحاذير كثيرة، ومسار التفاوض القائم سيكشف ما سيحصلُ لاحقاً.  
 
 
 
 

تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك