Advertisement

لبنان

مَعلَمٌ لبناني إلى الشهرة الخارجية: العين على الشمال

نوال الأشقر Nawal al Achkar

|
Lebanon 24
22-08-2022 | 04:30
A-
A+
Doc-P-982999-637967555547668847.jpg
Doc-P-982999-637967555547668847.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
يقال إنّ لبنان بلد الفرص الضائعة، يملك مقوّمات اقتصاديّة كبيرة، تؤهّله للخروج من الضائقة المالية، لكنّه يتجاهل استثمارها، بفعل التجاذبات السياسيّة. ثروة النفط والغاز المدفونة في أعماق بحره وبرّه، ليست وحدها الكنز المتروك، هناك الكثير من المقوّمات المهملة، بعضها بفعل أداء أصحاب الإعتبارات المذهبية والمناطقية، والبعض الآخر بفعل سوء إدارة مجموعة من الفاسدين، ولعلّ الكهرباء أبرز دليل، بحيث يمكن لبلد يمتلك الهواء والشمس أن ينتج حاجته وأكثر من الطاقة الكهربائية، من دون أن يكلّف الخزينة قرشًا واحدًا، فما بالكم بقطاع كلّف الدولة ما يوازي نصف الدين العام، ورغم ذلك، أوصل البلاد إلى عتمة شبه شاملة.
Advertisement
معرض رشيد كرامي الدولي يجسّد أحد أبرز الفرص الضائعة، نتحدث عن مساحة مليون متر مربع، متروكة للتصدّع والنسيان، لا يُستفاد من أيّ من منشآت المعرض وصالاته وأجنحته ومسارحه المتعدّدة. لعّل الواقعة التي رواها قبل سنوات رئيس مجلس إدارة المعرض أكرم عويضة تظهر مدى سوء التعامل مع هذا المرفق، إن لم نقل التواطؤ بحق مدينة طرابلس. يقول عويضة إنّ الصليب الأحمر الدولي تقدّم قبل سنوات بطلب إلى إدارة المعرض، لاستخدام قاعة المؤتمرات وصالات أخرى في المعرض، لإقامة مؤتمر دولي لكل فروع الصليب الأحمر في الشرق الأوسط، مقابل بدل مالي، على أن يتم تأمين الكهرباء وأمور تقنية، رُفع الطلب إلى وزير المال في حينه، فرفض الأخير، نعم رفض.
 
قانون جديد يحرر المعرض
القيّمون على المعرض يَرون أنّ وضع المعرض تحت وصاية وزارتي الاقتصاد والمالية، شلّ إمكانية الإستفادة منه، بفعل الروتين الإداري المعقّد عند كلّ معاملة. بحيث أنّ القانون القديم كان يفرض عودة مجلس إدارة المعرض إلى وزارة الإقتصاد قبل اتخاذ أيّ قرار يتعلّق بالأمور الفنيّة، وإلى وزارة المالية في كل ما يتعلق بالأمور المالية وطلب صرف اعتمادات أو التعاقد مع شركات أو تقاضي أي أجر من أي شخص يستفيد من منشآت المعرض. لدى الوزارتين مهلة شهر للردّ على مجلس الإدارة في أيّ طلب. ويعتبر موقف الوزيرين حاسماً ونهائياً. هذه الوصاية المفروضة على المعرض وما أنتجته من قيود بيروقراطية، تمّ تجاوزها أو على الأقل الحدّ منها، من خلال القانون الجديد الذي أقّر في 21 شباط 2022، والذي يرعى إعادة تنظيم معرض رشيد كرامي الدولي، ويمنحه جزءاً من الاستقلالية لتنفيذ بعض الأعمال والمشاريع المنتجة، ويعزز دور القطاع الخاص في الاستثمار بالشراكة مع إدارة المعرض. كان قد تقّدم به النائب السابق سمير الجسر عام 2018.
معرض رشيد كرامي على قائمة التراث العالمي
شكّل القانون الجديد مطلبًا تاريخيًّا للقيادات الطرابلسيّة، فضًلا عن كونه يحرّر المعرض من الروتين الإداري، يحافظ كذلك على الطابع التراثي للمباني، وهو جانب ضروري، لاسيّما وأنّه تمّ إدراج المعرض على لائحة المؤشّر الأول للتراث العالمي عام 2018. الرئيس نجيب ميقاتي الذي واكب مرحلة إقرار القانون، يتابع مع وزير الثقافة ملف الطابع التراثي للمعرض، الذي يكاد يصل إلى خواتيم سعيدة. في هذا السياق يلفت المهندس المعماري الذي ينشط للحفاظ على المعرض وسيم ناغي، وهو عضو في اللجنة التي أعدّت ملف الترشيح، أنّهم قدّموا الملف النهائي منذ ستة أشهر إلى المجلس العالمي للمعالم والمواقع (إيكوموس).
في حديث لـ "لبنان24" يقول ناغي "كلّ المؤشرات تشير إلى أنّ المعرض سيُعلن ضمن التراث العالمي قبل نهاية العام الحالي. نحن على تواصل دائم مع القيّمين على الموضوع إلى جانب نقيب المهندسين السابق جاد ثابت. الملف وصل إلى خواتيمه، واستنادًا إلى التسريبات من قبل الخبراء المشاركين، الكل يرجّح إعلان معرض رشيد كرامي الدولي على لائحة التراث العالمي، لا محال". يضيف ناغي "في حال نجحنا بتصنيف المعرض على لائحة الأونيسكو للتراث قبل نهاية العام الحالي، يكون المعرض أولَ معلمٍ حداثي في العالم العربي والشرق الأوسط يُصنّف في قائمة التراث العالمي. هو حدثٌ على جانب كبير من الأهميّة، يشكّل قيمة مضافة للبلد ككل، وليس فقط لمدينة طرابلس، ومن شأنه أن يعزّز موقعه كمعلم سياحي، ويؤمّن فرص عمل، ويجذب السيّاح، ويُدخل العملة الصعبة، ويجلب اهتمامًا دوليًّا، ويفتح باب التمويل والهبات الدوليّة للترميم والتأهيل".
يتابع ناغي "يتربّع المعرض على قائمة أهم المرافق بالنسبة لمنطقة طرابلس والشمال، ويُعوّل على دوره في التعافي وتنشيط الحركة الإقتصادية، في حال تمّ استثماره، على أن يترافق ذلك مع  استقرار سياسي وحوكمة وقرار سياسي سليم".
المعرض تحفة معماريّة فنيّة ثقافيّة
يضم المعرض تحفاً معمارية وهندسية عدّة، وضع تصاميمها مهندس العصر البرازيلي الشهير اوسكار نيماير، الذي صمّم مدينة "نيو برازيليا". أبرز أقسام المعرض: المسرح المكشوف، المسرح التجريبي، قاعة المؤتمرات الكبرى، الجناح اللبناني، متحف الفضاء، بيت الضيافة، قاعة المعارض، برج خزان المياه، متحف السكن، البيت النموذجي، المكاتب ومركز الأعمال، وغيرها من المباني والمنشآت. إضافة إلى مواقف لحوالى خمسة آلاف سيارة، وطريق دائري بعرض اثنين وثلاثين متراً، ومسار طوله ثلاثة كيلومترات، ويحتل حوالي ثمانية بالمئة من مساحة وسط مدينة طرابلس. للمعرض قيمة جماليّة عالية، يُنظر إليه على أنّه تحفةٌ فنّيّة معماريّة، ورمز للتحضّر. لكن منشآته تعاني من أضرار كبيرة، بفعل النقص في أعمال الصيانة والترميم على مدى عقود، وبفعل الشحّ الكبير في الاعتمادات، فموازنة المعرض هي فقط 300 مليون ليرة سنويًا، يلفت المهندس ناغي "في حين أنّ موازنة سكك الحديد على مدى السنوات العشرين الأخيرة بلغت 8 مليار ليرة، وهي غير عاملة".
 
 

الشراكة مع القطاع الخاص تفتح باب الإستثمار

فتح القانون الجديد باب الشراكة بين القطاعين العام والخاص لاستثمار المعرض، بحيث تنصّ المادة الثالثة منه على استثمار منشآت المعرض وأراضيه، لإقامة مشاريع تتعاطى أعمال التجارة وتقديم الخدمات على أنواعها، لاسيما في مجالات السياحة واقتصاد المعرفة وتكنولوجيا المعلومات. كما يتولى تنظيم واستضافة المؤتمرات والمعارض والندوات والاجتماعات والاحتفالات على أنواعها، لا سيما الاقتصاديّة والتجاريّة والثقافيّة والفنيّة والسياحيّة والرياضيّة. فضلًا عن مقّوماته الفريدة، ووجود مساحات شاسعة غير مبنية تناهز الأربعمئة ألف متر مربع، يكتسب المعرض قيمة اقتصاديّة إضافيّة، نظرًا لقربه من مرفأ طرابلس و مطار القليعات.
بوصول المعرض إلى التراث العالمي كواحد من أهم المعالم التراثيّة للعمارة المعاصرة، ونموذج رائع لحقبة الحداثة، يكتسب لبنان موقعًا جديدًا على لائحة الأونيسكو، يضاف الى المواقع التراثية الخمسة: صور، جبيل، بعلبك، عنجر ووادي قاديشا. المفارقة أنّ المعرض صُنف على لائحة التراث العالمي، في وقت هو غير مصنّف على لائحة التراث المحلي، الأمر الذي يعكس اهتمام الجهات الدوليّة وتجاوزها التقصير المحلي. بأيّ حال، لا بدّ لمدينة طرابلس أن تأخذ حقّها، من الإنماء والإزدهار الإقتصادي، مهما نجح المتآمرون على المدينة من إطالة زمن الإهمال، فمقوماتها المتمثّلة بمرفأ طرابلس، معرض رشيد كرامي، المنطقة الاقتصادية الخاصة، مصفاة النفط، ومطار القليعات، من جهة، وموقعها الجغرافي من جهة ثانية، يؤهلان المدينة لتشكّل منصّة للتبادل التجاري في المنطقة، ولإعادة إعمار سوريا، كونها تشكّل أقصر طريق لاستقدام المواد وتأمين الإمدادات إلى الداخل السوري.
 
 

تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك