تزامناً مع اجتياح فيروس كورونا العالم، لم يكن أمام عدد كبير من الشركات التي تتيح لها طبيعة عملها ذلك، إلا الاتجاه نحو العمل عن بعد، لتفادي خطر إصابة العمال من جهة وتجنبًا لركود العمل من جهة أخرى.
وفي لبنان، زاد الوضع الاقتصادي والأحداث الأمنية، من اقفال طرقات واحتجاجات، الطين بلة، مما سرع من قرار الشركات الاعتماد على طريقة العمل "عن بُعد"، بما تحمله من سيئات وإيجابيات.
بعد مرور أكثر من سنتين على هذا الوضع، ورغم أن فيروس كورونا بدأ بالانحسار، إلا أن هناك شركات فضلت استمرار العمل من المنزل، إذ على ما يبدو أن إنتاجية الموظفين أصبحت أفضل، بالرغم من مشكلات الكهرباء والإنترنت وعدم القدرة في بعض الأحيان على التجاوب السريع والتواصل كما هي الحال حين يتم العمل من المكاتب.
اضافة إلى هذا العامل، استفاد بعض الشركات الخاصة من العمل عن بعد، حيث وفر إيجارات المكاتب وتكلفة الكهرباء والإنترنت والمياه وحتى اشتراكات المولدات الكهربائية أو مصاريف المازوت في حال كانت الشركة تملك مولداتها الخاصة.
وفي ما يتعلق بالموظفين، يمكن القول إن النسبة الأكبر منهم تفضل أيضًا استمرار العمل من المنازل وفق عدة اعتبارات.
ترى إحدى الموظفات في شركة خاصة أن عملها في المنزل وفر عليها الوقت نظرًا إلى أن منزلها بعيد عن مقر عملها، كما وفر عليها مصاريف التنقل المكلفة هذه الأيام.
شخص آخر يعمل أيضًا في إحدى الشركات الخاصة اعتبر أنه استفاد من بعض الوقت في الصباح لكي يحصل على المزيد من الراحة.
عدد آخر من الموظفين اعتبر أن العمل من المنزل أتاح له التركيز بمقدار أكبر، ووجد أنه من خلال العمل "عن بُعد" يستطيع أن ينتج أكثر.
من جهة أخرى، يقر الموظفون أنه بقدر الأمور الإيجابية التي يحصلون عليها من خلال العمل "عن بُعد"، إلا أن ثمة أمورًا تثير قلقهم وتشعرهم بالتوتر والمزيد من المسؤولية أثناء العمل، خصوصًا في ظل المشكلات الكهربائية والإنترنت الرديء، معتبرين أن بعض مسؤولي العمل يلقون ضغطًا كبيرًا عليهم ولا يتفهمون أحيانًا المشكلات التي يواجهونها.
وبعيدًا عن هذه الصعوبات، يبقى عدد قليل يفضل العمل من مقر شركته معتبرًا أن التواصل بين زملاء العمل يفتح حلولًا لمشكلات قد تكون عالقة في مهمة ما، وبالتالي فإن العمل حينها يكون فعالًا.