Advertisement

مقالات لبنان24

تحريضٌ أميركيٌّ على تفجير جسر القرم.. والأمن الأوكرانيّ يتحرّك!

جمال دملج

|
Lebanon 24
17-05-2018 | 12:38
A-
A+
Doc-P-474335-6367056562286247105afdaff812e4f.jpeg
Doc-P-474335-6367056562286247105afdaff812e4f.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

بعدما أعربت السفارة الروسيّة في الولايات المتّحدة اليوم الخميس في بيانٍ رسميٍّ عن انزعاجها ممّا نشرته صحيفة "واشنطن إيكسمينير" نهار أوّل من أمس الثلاثاء بخصوص وجوب قيام الأوكرانيّين بتفجير الجسر الجديد الذي افتتحه الرئيس فلاديمير بوتين في اليوم نفسه ليربط ما بين شبه جزيرة القرم وما بين البرّ الروسيّ، معتبرةً أنّ "حرّيّة التعبير لا يمكن أن تبرِّر الدعوة لعملٍ إرهابيٍّ وقتل الناس"، وواصفةً المادّة المنشورة بأنّها تشكِّل "انعكاسًا للنوايا الحقيقيّة لفئةٍ معيّنةٍ من النخبة السياسيّة الأميركيّة التي تواصل التحريض على الكراهيّة والعداء بين أوكرانيا وروسيا"، جاءت عمليّة اقتحام المقرّ الرئيسيّ لوكالة "ريا نوفوستي أوكرانيا" الشريكة لوكالة "روسيا سيغودينيا" على أيدي جهاز الأمن الأوكرانيّ في العاصمة كييف لتعبِّر عن أحد تجليّات هذا التحريض المتواصل، ولا سيّما أنّ العمليّة وصلت إلى حدِّ اعتقال مدير الوكالة كيريل فيشينسكي ومداهمة شقق الصحافيّين الروس العاملين فيها، الأمر الذي دفع قصر الكرملين في موسكو إلى التعهُّد بالردّ قريبًا على هذه الممارسات، موضِحًا أنّ ردَّه لن يطال بالضرورة نشاط الصحافيّين الأوكرانيّين العاملين في روسيا.

هذا التعهُّد الذي تزامَن مع الإعلان عن اعتماد البرلمان الروسيّ مشروع العقوبات ضدَّ الولايات المتّحدة أو أيِّ دولةٍ أجنبيّةٍ أخرى تتَّخذ خطواتٍ غيرَ ودّيّةٍ بحقّ روسيا، بما فيه البند الذي يعطي رئيس الدولة صلاحيّاتٍ لاتّخاذ أيِّ إجراءاتٍ أخرى يراها مناسِبة، سرعان ما اندرج في سياق مناشداتٍ صادقةٍ جاءت على لسان أكثرَ من شخصيّةٍ إعلاميّةٍ بارزةٍ في موسكو، مثل رئيسة تحرير وكالة "روسيا سيغودنيا" وقناة "آر تي" مارغريتا سيمونيان التي طلبت من المحافل الحقوقيّة والإعلاميّة التدخُّل للإفراج عن فيشينسكي، وذلك على خلفيّة الخشية من المخاطر المحدقة به، ولا سيّما إذا أخذنا في الاعتبار أنّ أجهزة الأمن التي تحتجزه وجَّهت له تهمة الخيانة كونه يحمل الجنسيّة الأوكرانيّة، ناهيك عن أنّ هذه الأجهزة معروفةٌ أصلًا باستخدام أساليب التعذيب لانتزاع الاعترافات من المعتقَلين.

وإذا كانت سيمونيان قد رجَّحت مسبَقًا أنّ وسائل الإعلام الغربيّة ستقوم بتجاهُل الموضوع ولن تقوم بتغطيته، فإنّ هذا الترجيح لا يزال ينطبق أيضًا على طريقة تعاطي المنظومة الإعلاميّة الأميركيّة والدائرين في فلكها بصمتٍ مخجِلٍ مع تحريض صحيفة "واشنطن إيكسمينير" على تفجير "جسر القرم"، وهو الصمت الذي إنْ دلّ إلى شيءٍ، فهو يدلّ إلى أنّ سياسة المعايير المزدوَجة لم تعُد تقتصِر على سلوكيّات المسؤولين الرسميّين الأميركيّين وحدهم وحسب، بل وصلت إلى عقر دار "السلطة الرابعة" في الولايات المتّحدة أيضًا.

لا شكّ في أنّ التشريع الروسيّ ينصّ على إمكانيّة المقاضاة الجنائيّة للأشخاص الذين يوجِّهون دعواتٍ علنيّةً للقيام بأنشطةٍ إرهابيّةٍ أو لمن يبرِّرون الإرهاب ويروِّجون له في إطار الدعاية بشكلٍ علنيٍّ، على غرار ما أوحى به كاتب المقال في الصحيفة الأميركيّة توم روغان، وخصوصًا عندما وصف جسر القرم بأنّه "إهانة فاحشة لجوهر أوكرانيا كدولةٍ"، مضيفًا أنّه "من حُسن الحظّ، يمكن للقوّات الجوّيّة الأوكرانيّة أن توجِّه ضرباتٍ جوّيّةً على الجسر بطريقةٍ تجعله غيرَ صالحٍ للاستعمال"، ومشيرًا إلى أنّ "طول الجسر سيقلِّل من خطر سقوط الضحايا بين الناس الذين يمرّون عليه"، بحسب ما ورد حرفيًّا في المقال الذي نُشر يوم الخامس عشر من شهر أيّار الجاري تحت عنوان: "يجب على أوكرانيا نسف جسر بوتين في القرم".

من هنا، وبالنظر إلى أنّ هذا النوع من المقالات لا يمكن أن يمتّ لأخلاقيّات العمل الصحافيّ بأيِّ صلةٍ، ناهيك عن أنّه يشكِّل تحريضًا مباشِرًا على الكراهيّة والعداء في أوساط الأوكرانيّين ضدَّ جيرانهم الروس، فإنّ البيت في القصيد هنا يتمثَّل في وجوب الإشارة إلى بديهيّةٍ مؤدّاها أنّه لو قُدِّر لصحافيٍّ روسيٍّ أن يكتب مقالًا مشابِهًا لما كتبه توم روغان، وإنّما في اتّجاهٍ معاكسٍ، لكانت الدنيا قد قامت ولم تقعد في مختلف المحافل الحقوقيّة والإعلاميّة على طول خارطة الغرب الأميركيّ والأوروبيّ وعرضها من دون أدنى شكّ.. وحسبي أنّ كلمة السرّ هنا تكمُن في ما بات يُعرف بـ "المعايير المزدوَجة" التي تكاد تُوصِل النظم القيميّة في العالم إلى الحضيض، حيث سيل الأمثلة على ذلك له أوّلٌ وليس له آخِر.. والخير دائمًا من وراء القصد.

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك