Advertisement

مقالات لبنان24

مشهدية تظاهرة وسط بيروت بروفا: إحذروا غضب الشارع

نوال الأشقر Nawal al Achkar

|
Lebanon 24
29-09-2019 | 10:00
A-
A+
Doc-P-630253-637053725114270576.jpg
Doc-P-630253-637053725114270576.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
بصرف النظر عن حجم تظاهرة وسط بيروت وهوية الداعين إليها، وما سادها من أعمال شغب، ما لا شك فيه أنّ الشعارات والمطالبات التي حملها المعتصمون ومعظمهم من الشباب العاطل عن العمل من جهة، وما رافقها من تظاهرات مماثلة من البقاع إلى الجنوب من جهة ثانية، مشهدية شكّلت مؤشراً لاتساع رقعة الغضب الشعبي فيما لو بقي الوضع على تردّيه.
Advertisement
 
والأسوأ أنّ السلطة السياسية القادرة وحدها على امتصاص النقمة الشعبية عبر اتخاذ إجراءات علاجية تخفف حجم معاناة المواطنين، هي في الإتجاه المعاكس تماماً، تبحث عن فرض ضرائب جديدة على كاهل الشعب، تمّول بها إيرادات الخزينة، بدل الذهاب لإصلاحات جذرية تضع حدّاً للفساد والمفسدين، مطمئنّة إلى خططها الإستباقية الناجعة بتقسيم الشعب إلى مجموعات مذهبية، يستحيل معها توحّده ضدها.
 
ولأنّها غير قادرة أو بالأحرى غير راغبة بتجفيف منابع فساد أركانها، توجّهت نحو الخيارات الأسهل وهي جيوب مواطنيها، فاجتمع ممثلون عن أركانها ضمن اللجنة الوزارية لدراسة الإصلاحات المالية والاقتصادية " وتمحور البحث حول مجموعة نقاط ، شملت تجميد زيادة الرواتب في القطاع العام، زيادة الحسومات التقاعدية، زيادة ضريبة القيمة المضافة على الكماليات وفرض رسوم على الدخان والبنزين". وعلى رغم عدم اتخاذ قرار بالسلّة الضريبية هذه، إلّا أنّه مجرد البحث بها يشكّل نموذجًا عن الإجراءات التي تنوي الحكومة من خلالها مواجهة الأزمة المالية التي بلغت حدودًا خطرة.
 
أمّا الخيارت الأخرى التي تعهدت الحكومة بوضعها موضع تنفيذ، أو ما بات يعرف بالإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي والتي اجتمع أركانها في بعبدا وتوافقوا عليها ، فستبقى حبرًا على ورق دفاتر الخطط التي دفعت الحكومة المليارات لإعدادها، ثم ما لبثت أن تناستها ووضعتها إلى جانب ما سبقها من خطط في أدراج الإهمال عن سابق تصور وتصميم، وخطة وماكيزي أبرز دليل. وهكذا تبقى الأملاك البحرية ومعابر التهريب محميات لهذه الجهة وتلك، وغيرها الكثير من الموافق التي ينخرها الفساد.
 
تراهن الحكومة على قدرتها على التهرّب من تنفيذ الإصلاحات الحقيقية، بدليل عدم تعيينها للهيئات الناظمة لقطاعي الإتصالات والكهرباء لغاية اليوم، على رغم أنّ الوسيط الفرنسي المكلّف متابعة تنفيذ مقرارات "سيدر" بيار دوكان أشار بصراحة إلى هذا المطلب، وعلى رغم قيامها بتعيينات في الفترة الأخيرة، لا بل أكثر من ذلك يتحضّر نواب التيار الوطني الحر لتقديم اقتراح إلى المجلس النيابي متعلّق بصلاحية وعمل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، من شأنه أنّ يجعلها هيئة شكلية فيما تبقى الصلاحيات التقريرية بيد وزير الطاقة وحده. أمّا مرفأ العاصمة الذي تنشط فيه أعمال الاستيراد والتصدير، وكذلك الصفقات والرشاوى، التي يحقق أصحابها أرباحًا غير مشروعة على حساب خزينة الدولة باعتراف أهل السلطة أنفسهم ،ومداخلات النواب في جلسات المجلس خير دليل ، فسيبقى محميًا هو الآخر وإن زاره مؤخّرًا الرئيس سعد الحريري، ووجه من هناك رسائله للسياسين لكي " ينضبوا" وغم أنّه شدّد من هناك على أنّ "من يهرّب في المرفأ سيصطدم بالدولة و"خلصنا بقى".
 
صرخات المتظاهرين في وسط بيروت قالت هي أيضًا للطبقة السياسية " خلصنا بقى "، فيكفي أن تستمع الحكومة إلى بعض ما ورد على لسان المشاركين في الإعتصام لتدرك كم بات الحمل ثقيلًا على شعبها. وهذه عينة مما قاله بعض المعتصمين من مسنّين وشابات وشبان " نزلت لأننن خذلونا بالإنتخابات وبدعي لعصيان مدني"، "منذ 3 سنوات بلا شغل حاملة شهاداتي وناطرا فرصة"، "نازلة لأنّ الوجع صار كبير ومش قادرين نحمل أكثر من هيك"، "نازل لأنّ بيي عمرو سبعين سنة بيشتغل ليجيب مصاري"، "شاطرين على معاشات الموظفين يروحو يشيلوا من معاشاتن"، "جيتوا طلبتوا ننتخبكن وينكن وين وعودكن، حقنا بالشغل والطبابة والعيش". ومن المعتصمين رسالة إلى رئيس الجمهورية "حاربت العالم كلو لتصير رئيس جمهورية، أنت بي الكل وأنت القوي إذا راضي عن الوضع نحنا راضيين".
 
والرسالة الأوضح لأركان السلطة، هي أنّ عدد المتظاهرين وإن كان محدوداً لا يشكل بالضرورة مؤشّراً على قدراتهم. فمليون مصري من أصل سبعين مليون أسقطوا حكم حسني مبارك. كما أنّ الجوع والفقر لا يعرفان ضوابط. أمّا المراهنة على دور القوى الأمنية بمواجهة الشارع ولجمه فليس في محله، لاسيّما وأنّ عناصر القوى الأمنية من كافة المؤسسات تتشارك والمتظاهرين المعاناة نفسها، فبالأمس القريب اقتطعتم من مخصصات العسكريّن ومعاشاتهم التقاعدية، وبالأمس القريب أيضَا جعلتم الجيش اللبناني قاهر الإرهاب ينتظر إفراجكم عن أمواله ليأكل . فاحذروا غضب الشارع.
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك