Advertisement

مقالات لبنان24

ضريبة "الواتساب" وأخواته: مخالفات بالجملة...وطريقة للتهرّب؟!

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
17-10-2019 | 14:54
A-
A+
Doc-P-636122-637069462672634886.jpg
Doc-P-636122-637069462672634886.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
 
السلطة السياسية الحاكمة راهناً، "عينها ضيّقة". مثلاً، تكتشف أنّ المواطن اللبناني يأكل أطعمة فاسدة، فتضع له النفايات في الصحون. تلحظ أن المواطن يموت قتلاً على الطرقات وجنون السير، فتضع له مئة وسيلة أخرى للموت، كالموت مسموماً بالتلوّث البيئي. ترى أن راتب المواطن لم يعد يكفيه لأيام معدودة، فتُمعن في ضرب الإقتصاد. لا يطيب لها أن "يتهنى"، هذا الكائن الحيّ-الميت، بشيء. تحسده على كل شيء...حتى على نعمة "واتساب" وأخواته!
Advertisement
 
هكذا، وافق مجلس الوزراء على قرار وزير الاتصالات فرض ضريبة على استخدام تطبيق واتساب المجاني وغيره من تطبيقات الاتصال عبر الإنترنت، قيمتها 20 سنتاً على كل أول اتصال يجرى في اليوم، وهو ما يعادل 6 دولارات شهرياً تقريباً. نعم، لم يجد "أينشتاينيو" الحكومة وسيلة لتأمين إيرادات إلى الخزينة، سوى "مُتنفّس" اللبنانيين الأخير في ظلّ ارتفاع تكلفة الاتصالات محلياً، وغالباً ردائتها.
 
بحسب الدكتور المتخصص بقانون التكنولوجيا، رئيس مركز المعلوماتية لتكنولوجيا الإتصالات في نقابة المحامين في بيروت ورئيس لجنة الحوكمة في مجتمع الإنترنت في لبنان المحامي شربل قارح، فإن هذا القرار ينطوي على مخالفات عدّة. في حديث لـ "لبنان24"، يلفت بداية، أنّه، تقنياً، يمكن إتمام هذا الأمر، من خلال أجهزة وبرامج تملكها شركتي الاتصالات، ألفا وتاتش.
 
وبحسب المعلومات، فإن الضريبة تطال التخابر عبر الإنترنت Voice over IP، أي المكالمات الصوتية حصراً، وليس الرسائل النصية أو الدردشات المكتوبة. ويلفت د. قارح إلى المخالفة الأولى "العظيمة" في هذا الموضوع، وهي تتعلق بوضع رسمين مختلفين على خدمة واحدة. يقول:"اليوم، يدفع المستخدم سعر الداتا، لكنّ الدولة، بقرارها هذا، تقول له إنه لا يمكنه استخدامها كيفما يحلو له، بل القرار يعود لها، وتالياً، بات عليه أن يدفع مرة ثانية مقابل الخدمة نفسها. إنها ازدواجية رهيبة".
 
ويوضح د. قارح أنّ الأمر لا يتعلق بتطبيق ما، بل بالداتا، وبالتالي لا يهمّ إن كان التطبيق، مثل "واتساب" أو غيره، موضوعأ بشكل مجانيّ في تصرف المستخدمين.
 
أما المخالفة الثانية، فتكمن في أنّ القرار يتعارض مع العقود التي سبق ووقع عليها المستخدمون في لبنان، بل عدّلها من دون موافقتهم، بحسب د. قارح.
 
الأهمّ من كل ذلك، أن فرض الضرائب على التخابر عبر الانترنت، يضرب بعرض الحائط الدستور اللبناني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نصّ في مواده 16 و20 و24 تحديداً على حق الفرد بالوصول إلى شبكة الإنترنت واستخدامها بشكل حرّ وغير خاضع لقيود، يقول القارح. كما أنّ في هذا التدبير، تمييزاً بين المستخدمين، إذ كأن مبتدعيه يقولون إن من يستطيع أن يدفع فلديه الحق في التخابر، ومن ليست لديه القدرة المادية للقيام بذلك، فهو ممنوع من هذا الحق الجوهري! أكثر من ذلك، يرى د. قارح أنّ فرض ضريبة على التخابر عبر الإنترنت يضرب إحدى وسائل حرية التعبير، المقدسة طبعاً، بحسب ما يُفترض!
 
ومع أنّ ثمة بلدان عربية قد عمدت إلى حظر التخابر عبر الإنترنت كليّاً حفاظاً على عائداتها من قطاع الاتصالات أو لدواع أمنية، فإن "معركتها" ليست سهلة، بل هي متواصلة في ظلّ الابتكار والتطوّر الرقمي الهائل.
 
ورداً على سؤال عما إذا كان في القرار مخالفة لخصوصية الفرد، يقول د. القارح أنّ الدولة اللبنانية قد أعفت نفسها من شروط الخصوصية وحماية البيانات ذات الطابع الشخصي في القانون الصادر حديثاً (قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي)، مانحة نفسها حق استعمال البيانات بقوة هذا النصّ القانوني، "ولهذا السبب تقدمنا باقتراح قانون لتعديل هذه الثغرة، إذ لا يجوز أن يكون للأمن العام مثلاً حق جمع الداتا والتصرّف بها"!
 
من ناحيته، أكّد مهندس الكمبيوتر والإتصالات سلوم الدحداح في حديث لـ "لبنان24أنّه بالإمكان تقنياً حصر التخابر الدولي من خلال الـ DPI، لكنه سأل:"ماذا سيحصل في حال تلقيت اتصالاً على تطبيق واتساب مثلاً ولم أجب عليه، في وقت لا يمكن للتقنية معرفة ما إذا أجبت أم لا؟ هل ستفرض عليّ ضريبة الـ 20 سنتاً أيضاً؟".
 
وإذا تشير المعلومات الراهنة،أن الضريبة ستطال في المرحلة الأولى التخابر على الإنترنت الحاصل على شبكة الـ 3G، فإن الدحداح يؤكد أن إتمام هذا الأمر على "الواي فاي" أمرٌ ممكن أيضاً. لكنه يسأل:" ماذا يحصل في حال كان المستخدم يستعمل الـ "راوتر" التابع لشركة ألفا مثلاً لاستخدام الانترنت وقام بإجراء اتصال على واتساب، فهل ستتمّ فرض ضريبة مضاعفة، على الـ 3G والـ "راوتر"؟!
 
ويستغرب الدحداح كيف للدولة أن تجني أموالاً من شيء لا تملكه لا من قريب ولا من بعيد، إذ في هذه الحالة تقوم الدولة بحظر خدمة الـ VOIP وتعمد إلى نشر تطبيقات تعود ملكيتها إليها وحينئذ يمكنها أن تضع الرسوم التي تشاء، وعلى المستخدمين الاختيار إن كانوا يودون الاشتراك بها أم لا.
 
على أيّ حال، يلفت الدحداح أنه بإمكان المستخدمين اللجوء إلى الشبكة الخاصة الافتراضية vpn والتي يتطلب تعقب الداتا لدى استعمالها تقنية متطورة، كتلك التي تملكها دول عربية. فهل لبنان يملكها؟
 
أسئلة كثيرة سيطرحها اللبنانيون في الأيام القادمة. الموضوع، سيّما وأنه يتعلق بأمور تقنية، لا يزال ضبابياً بعض الشيء. لكن السؤال الأهم يبقى: هل ستكون ثورة الواتساب خلاص اللبنانيين، أم أنّ هذا الشعب ينتظر حظر الأرجيلة نهائياً كي يتحرّك؟
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك