Advertisement

خاص

نعمة النفط ونقمة السلطة والمرض الهولندي

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
20-11-2019 | 12:45
A-
A+
Doc-P-647109-637098750068542342.jpg
Doc-P-647109-637098750068542342.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لا ريب أن مستوعبات الدفعة الثانية من المعدات المخصصة لحفر البئر الاستكشافية للنفط المرسلة من شركة TOTAL وصلت إلى لبنان، لكن الثابت والأكيد بحسب TOTAL أن استخراج النفط سوف يبدأ في العام 2029، فهي أشارت إلى أن  تاريخ العام 2020
Advertisement
 
 سيكون لحفر البئر الاستكشافي، ايجاد المواد النفطية.والعام 2021 لحفر البئر التقييمي لتحديد كمية ونوعية المواد القابلة للاستخراج.في حين ان الكونسورتيوم سوف يتخذ بين العامين 2020-2021 ،القرار الاستثماري النهائي تبعا للجدوى التجارية، ليطلب بين 2022-2026 الموافقة الحكومية على خطة الانتاج في حقل النفط. تصميم المنصة الاستخراجية، الانابيب والبنى التحتية، لينتهي تحضير البنى التحتية  بين 2026-2029.

قد تصح مقولة أن النفط في لبنان يشكل وسيلة للاستثمار السياسي، لكن الواضح في الوقت عينه أن  القوى السياسية باتت تصور قطاع النفط والغاز وكأنه المنقد شبه الوحيد للبنان من ازمتيه الاقتصادية والمالية.

تُقدّر حصّة الدوّلة اللبنانية الصافية من الثروة الغازية والنفطية ، بحسب الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة لـ"لبنان24" ما بين 200 مليار دولار أميركي (مع احتمال 95%) و900 مليار دولار أميركي (مع احتمال 5%) بأسعار النفط اليوم! بالطبع فإن قيمة هذه الحصة ترتفع إلى أكثر من ذلك في حال إرتفعت أسعار النفط عالميًا. أما قانونيا فإن مداخيل الدوّلة يجب أن تذهب إلى صندوق سيادي غير مُنشئ حتى الساعة. لكن بفرضية أنه موجود، يتوجّب على الدوّلة استثمار هذا الصندوق في استثمارات خارجية على أن تستفيد من عائدات هذه الاستثمارات وبالتالي يُمكنها ضخّ هذه العائدات في الماكينة الإقتصادية وفي خزينة الدوّلة.

وبإختصار الثروة النفطية والغازية تسمح، بحسب عجاقة، بدعم الإقتصاد والمالية العامّة والليرة اللبنانية، لكن على عكس ما يحاول البعض الترويج له، فإن استخدام الثروة النفطية والغازية لسدّ الدين العام هو عملية حرق لهذه الثروة نظراً إلى أن إطفاء الدين العام، يجب أن يتمّ بالدرجة الأولى من خلال النمو الإقتصادي.

أما لماذا الحديث عن ضعف النمو الاقتصادي بعد عملية اكتشاف (النفط والغاز)، فالجواب يكمن، وفق عجاقة، في أن هيكلية الإقتصاد اللبناني هي هيكلية ضعيفة وحتى لو كان هناك نفط وغاز وتمت عملية استخراجهم، فإن لبنان سيعيش على الريع من دون إقتصاد إنتاجي حقيقي. والمعروف أن المرض الهولندي( (Dutch Disease هو أحد التداعيات السلبية التي تنتجّ عن مثل هذا النموذج. لذا المطلوب أن يكون هناك اقتصاد قوي يسمح بمواكبة عصر الغاز والنفط ويسمح بخلق وظائف وتحقيق الإنماء الإقتصادي والإجتماعي على كامل الأراضي اللبنانية.

اذاً إستخراج النفط والغاز لن يؤمّن للدّولة اللبنانية الموارد التي تُريدها الأن إلا إذا عمدت، بحسب عجاقة،  إلى رهن النفط وهو ما سيُشكّل ضربة كبيرة للمواطن اللبناني وخصوصًا الأجيال المُستقبلية! لذا ما يحتاجه لبنان الأن هو إصلاح إقتصادي.

وعليه، فإن الغاز والنفط عبارة عن طاقات أحفورية( وبالتالي تخضعّ للنضوب. فإذا استخرج النفط والغاز "اليوم"، سيكون هناك نضوب لهذه الثروة في حدود الأربعين عاما.  من هذا المنطلق، يسأل عجاقة: ماذا يفعل  لبنان بعد هذا التاريخ؟ هل يكرر ما لجأت إليه بعض الدول العربية التي نضب فيها النفط؟

على كل الأحوال، استخراج النفط والغاز لن يكون قبل العام 2027 في أحسن الأحوال. وعلى وتيرة المشاكل التي نواجهها، من المرجّح أن يكون  لبنان في الحضيض في غضون سنة أو سنتين إذ ما استمرّت الأوضاع الاقتصادية والمالية على ما هي عليه في الوقت الحالي! لذا التعويل على هذه الثروة للخروج من الأزمة ليس بأمر سليم.

وعليه، يمكن القول إن ما تقدم قد يكون منسجما مع  اشارة السفير الفرنسي بيار دوكان خلال  زيارته بيروت من أنّ "اكتشاف النفط ليس الحل السحري الذي سيحل كل الصعوبات التي واجهها  ويواجهها لبنان. والمطلوب هو إجراء إصلاحات اقتصادية تسمح بنقّلة للاقتصاد من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد إنتاجي. وهذه الإصلاحات تتمثّل بدعم القطاع الصناعي والقطاع الزراعي. وقد يكون الحلّ لهذه الإصلاحات أسهل مما يعتقد بعض السياسيين مع تخصيص أراضي من أملاك الدوّلة وتأجيرها بأسعار رخيصة لمُستثمرين شرط توظيف لبنانيين. هذا الأمر ليس بمُستحيل ويحتاج إلى قرار سياسي فقط لا غير، بالتوازي مع إصلاحات على صعيد المالية العامة خصوصا لجهة وقف الفساد المُستشري في الجمارك والكهرباء والأملاك العمومية... وتحسين جباية الدوّلة، يقول عجاقة. فبحسب المؤسسات الدوّلية يتوجّب على لبنان زيادة الضرائب للوصول إلى توازن في المالية العامّة وهو ما سيشكل كارثة اجتماعية مع كل ما يعيشه لبنان من تراجع إجتماعي يتمثّل بنسبة الفقر وغياب التغطية الصحية وغيرها.
تابع
Advertisement
22:10 | 2024-04-17 Lebanon 24 Lebanon 24

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك