Advertisement

لبنان

رمضان ينادينا جميعا.. إلى الرحمن من جديد

خاص "لبنان 24"

|
Lebanon 24
13-04-2021 | 10:00
A-
A+
Doc-P-812500-637539229821247786.jpg
Doc-P-812500-637539229821247786.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

كتب الأستاذ الدكتور رأفت محمد رشيد الميقاتي رئيس جامعة طرابلس لـ"لبنان 24": 

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد،

ففي عالم مزدحم بالكوارث ومتخم بالمشكلات، يطل علينا شهر رمضان المبارك فتلتقط فيه الأرواح المؤمنة أنفاسها من جديد، وتستمد من خالقها صفاء الرؤية على ضوء أنوار الوحي الإلهي المنزل من السماء على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

يخطىء من يختزل شهر رمضان بتغيير مواعيد تناول الطعام والشراب، فمجرد تعديل تلك المواعيد لا يمكن أن يكون بذاته ركنا لدين عظيم ، لكن رمضان عبادة تطويع الإرادة لخالقها، وبرمجة النفس لبارئها، وعروج الروح إلى آفاق مبدعها.

إنها مدرسة الثلاثين يوما أو أقل من ذلك بيوم واحد ، فيه تستنفر العزائم للإقبال على الله من جديد، وإعادة ترتيب أولويات الحياة فنقدم ما حقه التقديم ونؤخر ما حقه التأخير، وفق ميزان رباني دقيق يعلمنا قراءة الكون بعين مؤمنة، والتفاعل مع المجتمع بإرادة خيّرة مخلصة لله رب العالمين.

في رمضان نعيش من جديد  حالة التناغم بين رؤية الهلال وتأمل منازل القمر من جهة، وبين حركة الشمس شروقا وغروبا من جهة ثانية ، وبين سكن الليل وروعته من جهة ثالثة ، فتمتزج هذه الأبعاد الثلاثية بالعبادة التي نوجهها لرب الشمس ورب القمر ورب الليل والنهار، فنستحضر عظمة الخالق وضآلة المخلوق الذي ظن أنه يحكم العالم  فأعجزته جرثومة صغيرة شلّت كبرى اقتصاديات العالم.

في رمضان نتعلم كيف نستغني عن اللذائذ المباحة من الفجر إلى الغروب ، ثم كيف  نقلصها من الغروب إلى الفجر، فكلما تخففت النفس من أثقال الطين ومن شهوتَي البطن والفرج نهارا بالصيام،  ومن الخلود إلى الراحة والنوم ليلا بالقيام، كلما كان التحليق مرتفعا في فضاء القرب الرباني ونعيم الأنس الإلهي.

رمضان يعلمنا صوم الجوارح عن كل المعاصي، فاللسان صيامه عن كل ما يسخط الله من فحش وزور وشتم وقذف وبهتان وغيبة ونميمة وفتنة وإفساد ذات بين وسخرية واستهزاء، وهكذا دواليك للجوارح كلها.

رمضان يعلمنا العطاء والبذل والإنفاق بسخاء لا بشح، وبخاصة في زمن العسرة والمسغبة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال "رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ورُب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب " ذلك أن فك الارتباط بين العبادة والسلوك هو  خلل كبير في مجتمعاتنا ، فمن ذاق عضة الجوع اختيارا بصيامه، يعمل ببذله على درء عضة الحرمان عمن أصابه الجوع والضيق اضطرارا؛ بل قام أبعد من ذلك بالبذل لإنماء مجتمعه لا لإبقاء الفقير فقيرا بل لتحويله إلى مالك لأدوات الانتاج فيزكي ويتصدق بنفسه.

ولا يقتصر البذل على الفقراء والمساكين بل يشمل مصارف الزكاة الثمانية، وبخاصة مصرف الغارمين أي المدينين وما أكثرهم في زماننا، فلتكن المبادرات على أوسع نطاق لتسديد الديون وقضائها، فإن الله أوجب الزكاة التي يتسابق الصالحون يبذلها في رمضان طمعا في الأجر، ويتسابق أهل الغفلة في إمساكها والتهرب منها، فمن كان قد استكثر أن ينفق اثنين ونصف بالمائة لتطهير ماله بالزكاة، أصيب هذا العام بتبخر ثلثي أمواله بالانهيار المالي واحتباس البنوك له فضلا عن انهيار قيمة العملة المحلية !! وسيعوض الله تعالى المزكي يقينا، دون ذاك المناع للخير الذي تقول له الملائكة اللهم أعط ممسكا تلفا، بعد أن دعت للمنفق بأن يعطيه الله خلفا.

رمضان شهر تجديد العهد مع الله، فكم من أناس نكثوا بعهدهم وغرقوا في أوحال غفلتهم، وكم من شباب استهوتهم المعاصي وبريق الإلحاد الفاشل، وكم من تجمعات زين لها الشيطان سوء عملها فخلطت الحق بالباطل، وكم من رجل أساء إلى الرجولة وأضاع الأمانة وهو متكل على قوته وعلاقاته، وكم من امرأة أغرتها دعوات التحرر والعولمة فسقطت في إثم الاجتراء على تشريعات الإسلام الحنيف والترويج لما يهدمه من حيث تدري أو لا تدري.

رمضان ينادينا جميعا، إلى الرحمن من جديد، إلى القرآن من جديد، والموعد باب الريان في جنة عرضها السماوات والأرض بإذن الله الكريم.

 

 
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك