Advertisement

Lebanon 24
A-
A+
عدّل هذا الخبر
A+
A-

بقلم: الشيخ فراس رئيس القسم الديني في دائرة الأقاف – طرابلس

"إنه الموعد المنتظر والموسم الجامع والزمن المبارك والبيئة الآمنة...

إليه تتوق القلوب، ولمثله يعمل العاملون، وفي ميادينه يتنافس المتنافسون...

إنه "(شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ)

ولأنه زمان نزول القرآن، استحق هذا الفضل وكان المدرسة الجامعة لكل خير في التربية والبناء للفرد  والأسرة والمجتمع، وفي العلاقات الخاصة والعامة.

عندما نتكلم عن رمضان فإننا نستحضر ودون تكلف إدارة الذات حيث تنظيم الوقت وحضور القلب وتقوية الإرادة وتنمية العقل وإحياء المشاعر وضبط اللسان، "فمَن لم يَدَعْ قول الزُّور والعملَ به والجهلَ، فليس للهِ حاجةٌ أن يَدَعَ طعامه وشرابه"؛ وهذه معالم الشخصية المتكاملة للفرد المسلم.

وعندما نغوص في أبعاد السحور والفطور والقيام فكلها توجيه للدور التربوي الذي ينبغي ان تقوم به الأسرة التي هي محل هذه العبادات وغيرها الكثير الكثير، يضاف لها ذلك التعبير القرآني الوارف الظلال العميق المعاني"أُحِلَّ لَكُمۡ لَیۡلَةَ ٱلصِّیَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَاۤىِٕكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسࣱ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسࣱ لَّهُنَّۗ"، اللباس حيث الفضفضة والمرونة والزينة والسترة والوقاية ومراعاة الظروف والاحوال والمتغيرات و...، إنه التكامل في الدور الرعوي   البناء وهذه هي الأسرة الرمضانية.

أما التربية الاجتماعية والبناء المجتمعي الحقيقي الذي يبدأ من إيقاظ الضمير وإحياء المشاعر نحو الآخرين - كما أسلفت - لينتهي بسلوك عملي حضاري تكافلي وإطعام الطعام مظهر من مظاهره، ومنع الاذى باللسان فضلاً عن سائر الجوارح حصن من حصونه وسد لذريعة التفكك والانهيار، ولو استدرج لذلك فالإشارة حمراء، ويمنع بتاتاً الانزلاق إلى مهاوي اللغو ومهالك اللسان، ذلك أن الصائم يعيش مع الله تعالى في عالم الربانيين، فكيف يرضى لنفسه بأن تنزلق إلى بؤر الفاسدين وهذا هو توجيه سيد المربين والمرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: "إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ".

أضف إلى ذلك المعاني السامية لإطعام الطعام، وتفطير الصائمين، والقيام جنباً لجنب في الصلاة والاعتكاف وإحياء ليلة القدر ليلة العمر وصدقة الفطر وغيرها من أعمال البر والتقوى وما لذلك من آثار إيجابية في  تنمية القيم الاجتماعية والمحافظة عليها.

ثم في بناء العلاقات الإنسانية القائمة على التواصل بأخلاق القرآن حيث الحجة والبينة هي السلطان "هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَـٰتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ"، واليسر في الأحكام والتعامل هو الأصل وليس العسر والجحود والكفران "یُرِیدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ".

وأصل كل هذه المعاني وأساسها هو زيادة الإيمان وحسن الصلة بالله تعالى والاعتراف بفضله رَشكره وتعظيمه سبحانه دون سواه "وَلِتُكَبِّرُوا۟ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ".

نعم إن رمضان المدرسة الجامعة ولذلك"  مَن صام رمضان وقامه إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه".

كل هذا غيض من فيض من المعاني التي تجعل من رمضان هذه المدرسة التي تبني مجتمعاً حضارياً مميزا  بأفراده واسره وسائز مكوناته. "اللهم تقبل منا الصيام والقيام واجعلنا من المتخلقين بأخلاق القرآن".

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك