يوحي المشهد الأوكراني اليوم بأن الكلمة العسكرية باتت تسبق الكلام الدبلوماسي. فقبيل ساعات من اجتماعاته مع مبعوثين أميركيين في موسكو لبحث خطة إنهاء الحرب، سارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إعلان "تحرير" مدينة بوكروفسك الاستراتيجية، في رسالة واضحة المضمون: الجيش الروسي يتقدّم، والمفاوضات يجب أن تعكس ميزان القوى الجديد. حسب موقع "the telegraph india".
وقال الموقع:" صحيح أن المدينة لا تزال موضع اشتباك بحسب الخرائط العسكرية والرواية
الأوكرانية، لكن توقيت التصريح بدا أهم من دقّته.
بوتين يتعامل مع بوكروفسك باعتبارها عنوانًا لاتجاه عام: قضم تدريجي للأرض في دونيتسك وزابوريجيا وخط كوبيانسك – سيفيرسك، ولو بكلفة بشرية ومادية عالية. ومع ذلك، تبدو موسكو مقتنعة بأنها باتت "تمسك بزمام المبادرة" بما يكفي لفرض شروط أكثر تشددًا على كييف. المحللون العسكريون الذين يتابعون خطوط التماس يلخّصون الصورة بجملة واحدة:
روسيا ليست على وشك تحقيق نصر خاطف، لكنها تُوسّع هوامش القوة في حرب استنزاف طويلة. فوفق بيانات ميدانية أوكرانية، ضاعفت موسكو تقريبًا المساحات التي سيطرت عليها بين تشرين الأول وتشرين الثاني، فيما تشير شهادات جنود أوكرانيين إلى تعبٍ متراكم وانهيار موضعي في بعض القطاعات، خصوصًا حول بوكروفسك، تحت وطأة الطائرات المسيّرة "الانتحارية" والقصف المتواصل".
تابع:" في الخلفية، تتحرك الدبلوماسية على إيقاع المدافع. فبين موسكو وميامي، تدور سلسلة لقاءات يقودها المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف مع وفود روسية وأوكرانية، تُوصف رسميًا بأنها "بنّاءة"، لكنها تجري في ظل واقع ميداني يميل لمصلحة موسكو، ونقص أوكراني في القوى البشرية وقلق من مستقبل المساعدات الغربية. هنا تحديدًا يراهن بوتين: كل يوم إضافي من الضغط العسكري، يعني على طاولة التفاوض بنودًا أكثر خشونة تجاه كييف".
وقال": الرسالة الروسية لم تقف عند التصريحات. فبهجوم واحد امتدّ من ليل الجمعة حتى صباح السبت، أطلقت موسكو أكثر من 650 مسيّرة و51 صاروخًا على مدن وبلدات أوكرانية، في استعراض لقدرتها على مواصلة الكلفة العالية وإبقاء
الجبهة الداخلية الأوكرانية تحت تهديد دائم. في المقابل، تحاول كييف التمسّك بنقاط مثل بوكروفسك رغم الخسائر، ليس فقط لأهميتها اللوجستية، بل أيضًا لعدم منح موسكو "نصرًا رمزيًا" مجانيًا في لحظة تفاوض حساسة".
ختم:" أمام هذا المشهد، تبدو
أوكرانيا عالقة بين خيارين أحلاهما مرّ: الاستمرار في الدفاع عن خطوط تتآكل تدريجيًا تحت ضغط التفوق الروسي في العتاد والطائرات المسيّرة، أو الذهاب إلى تسوية تُترجِم هذا الاختلال في الميزان على هيئة تنازلات إقليمية مؤلمة. أما بوتين، فيتصرف وفق معادلة بسيطة: كل كيلومتر إضافي يحقق على الأرض، هو ورقة إضافية على الطاولة، وكل تأخير في الحسم السياسي يمنح موسكو وقتًا لتراكم "إنجازات ميدانية" جديدة، ولو ببطء شديد". (
the telegraph india)