Advertisement

عربي-دولي

"صفقة القرن": ضغوطٌ متزايدةٌ على الفلسطينيّين.. وخلافاتٌ بين ترامب والكونغرس!

جمال دملج

|
Lebanon 24
20-05-2018 | 14:32
A-
A+
Doc-P-475210-6367056569523278315b01bf1f2d76e.jpeg
Doc-P-475210-6367056569523278315b01bf1f2d76e.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

بعدما تمّ الإعلان نهار أمس السبت عن أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة تعتزم طرح خطّة الرئيس دونالد ترامب للسلام المعروفة بـ"صفقة القرن" بُعيْد انتهاء شهر رمضان في النصف الثاني من حزيران المقبل، سارع المراقبون إلى التركيز باهتمامٍ بالغٍ على متابعة ورصد مسار التحرّكات المدرَجة في أجندات كلٍّ من صهر الرئيس الذي يشغل منصب كبير المستشارين في البيت الأبيض جاريد كوشنر والمبعوث الخاصّ إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، أكثر من غيرهما بكثيرٍ، ولا سيّما بعدما تضمَّن الإعلان إشارة مباشِرة إلى أنّ الرجلين شرعا بالفعل في إطلاع "الحلفاء والشركاء المختارين" على مكوِّنات الخطّة وتفاصيلها، بغية إفساح المجال أمام وضع اللمسات الأخيرة عليها قبل تقديمها بشكلٍ رسميٍّ، مع الأخذ في الاعتبار مسبَقًا أنّ الموعد المحدَّد أعلاه سيبقى قابلًا للتغيير جرّاء تطوّرات الأوضاع المتسارعة في المنطقة.

لا شكّ في أنّ ثمّة عقباتٍ كثيرةً ما زالت تحول لغاية يومنا الراهن دون "تمرير" هذه الصفقة وتجعل من إمكانيّة فرضها على الجانب العربيّ، وفقًا للشروط الأميركيّة والإسرائيليّة، أمرًا بالغ الصعوبة والتعقيد، وخصوصًا إذا وضعنا في الحسبان أنّ الشكوك في النوايا الحقيقيّة للرئيس ترامب، ومن ورائه "صقور" إدارته، لم تعُد تقتصر على الفلسطينيّين الذين يرون أنّ الولايات المتّحدة فقدت صفة "الوسيط النزيه" في رعاية العمليّة السلميّة مع الدولة العبريّة وحدهم وحسب، بل وصلت أيضًا إلى أوساط "الحلفاء" الأوروبيّين والخليجيّين الذين لا يزالون يرون في خطوة افتتاح مقرّ السفارة الأميركيّة في القدس نهار الاثنين الفائت انحيازًا أميركيًّا فاضحًا للإسرائيليّين، وانتهاكًا صارخًا لكافّة القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدوليّ بخصوص "حلّ الدولتين" التي تُسمّي القدس الشرقيّة عاصمةً للدولة الفلسطينيّة.

على هذا الأساس، وبالنظر إلى أنّ لا أمل يلوح في الأفق حول إمكانيّة حدوث أيِّ تغييرٍ جذريٍّ من شأنه أن يُعيد لإدارة الرئيس ترامب صفة "الوسيط النزيه" في تسوية الصراع العربيّ – الإسرائيليّ، يُصبح في الإمكان القول إنّ الشكوك الفلسطينيّة والخليجيّة والأوروبيّة الآنفة الذكر حول مكوِّنات "صفقة القرن" وأهدافها ستبقى العقبة الأهمّ في طريق تمريرها وفرضها حتّى إشعارٍ آخر، ولا سيّما أنّ المنطق يقول إنّ على واشنطن أن تحظى أوّلًا بالحدّ الأدنى من الدعم الأوروبيٍّ قبل طرح أيِّ مبادرةٍ سلميّةٍ بشكلٍ رسميٍّ في المنطقة.

وبحسب تقريرٍ صحافيٍّ نشرته وكالة "أسوشيتد برس" البارحة نقلًا عن خمسةِ مصادرَ مسؤولةٍ في الإدارة الأميركيّة، فإنّ الدفع بعمليّة السلام في الشرق الأوسط إلى الأمام لا بدَّ من أن يستوجب الحصول على تأييد الحلفاء الأوروبيّين والخليجيّين الذين يواصلون في هذه الأثناء توجيه انتقاداتهم للولايات المتّحدة بسبب نهجها تجاه القضيّة

الفلسطينيّة، الأمر الذي يفسِّر سبب الرغبة في تنشيط مشاورات كوشنر وغرينبلات خلال الأسابيع المقبلة مع الأطراف الخارجيّة ذاتِ الصلة بالملفّ الشرق أوسطيّ.

علاوةً على ذلك، فإنّ اللافت في تقرير الوكالة يتمثَّل في الإشارة إلى وجود خلافاتٍ في الوقت الراهن بين البيت الأبيض والكونغرس، حيث بات من الواضح أنّ إدارة الرئيس ترامب ما زالت تتصدّى لمطالب المشرِّعين بإغلاق ممثليّة منظّمة التحرير الفلسطينيّة في واشنطن، وذلك بالنظر إلى أنّ كوشنر وغرينبلات يرغبان في إبقاء هذه القناة مفتوحةً للاتّصال إذا ما قرّر الفلسطينيّون استئناف المفاوضات مع إسرائيل على أساس "صفقة القرن"، علمًا أنّ التقرير نفسه أشار إلى أنّ أيَّ إرادةٍ من الجانب الفلسطينيّ لمجرَّد النظر في الخطّة المستقبليّة سوف تتطلَّب التخفيف من حدّة العنف والتوتّر في المنطقة خلال الأسابيع المقبلة، الأمر الذي يبدو أشبه بسيناريو من غير المرجَّح أن يتحقَّق في وقتٍ يواصل فيه الفلسطينيّون التحدُّث عن الأدلّة المتراكمة على الانحياز الأميركيّ إلى إسرائيل، وخصوصًا بعد نقل سفارة الولايات المتّحدة نهار الاثنين الماضي من تلّ أبيب إلى القدس.

وإذا كان التقرير قد توقَّع تفاقُم حالة الخيانة التي يشعر بها الفلسطينيّون بشكلٍ ملحوظٍ في الصيف المقبل جرّاء تقليص المساعدات الأميركيّة المقدَّمة لهم بملايين الدولارات، وخصوصًا بعدما تمّ صرف قرابة الخمسين مليون دولارٍ فقط من أصل مبلغ المئتين وواحدٍ وخمسين مليونًا المخصَّصة لعام 2018، فإنّ ذلك يعني في إطار ما يعنيه أنّ الضغوط الاقتصاديّة في مناطق السلطة الوطنيّة ستأخذ منحى تصاعديًّا على المدى المنظور، وربّما ستستمرّ إلى أمدٍ بعيدٍ، الأمر الذي لا بدَّ من أن يفتح في الموازاة باب التكهُّنات حول مستقبل الأوضاع الإنسانيّة في تلك المناطق على مصراعيه.

ولعلّ أكثر ما يبدو غريبًا في ظلّ هذه الضغوط الاقتصاديّة الممنهَجة، يتمثَّل في أنّ الدوائر الإسرائيليّة تواصل الترويج منذ أواخر شهر نيسان المنصرم لتسريباتٍ مؤدّاها أنّ الخطّة المعتمَدة في إطار "صفقة القرن" تشتمل على كافّة دول الإقليم، بمعنى أنّ الجانب الفلسطينيّ هو أحد أطرافها ولكنّه ليس صاحب "القول الفصل" فيها، ناهيك عن أنّ مقترح حلّ الدولتين وإقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقيّة، ليس واردًا لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ فيها، الأمر الذي لا بدَّ من أن ترفضه الدول العربيّة ومن ورائها الحكماء في دول العالم الحرّ جملةً وتفصيلًا، ولا سيّما بعدما تحدَّثت التسريبات المذكورة عن أنّ كلًّا من الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو متّفقان على أنّ الدولة الفلسطينيّة ستكون منزوعة السلاح ومن دون سيادةٍ، وكذلك على تأمين وجودٍ ثابتٍ للجيش الإسرائيليّ على طول نهر الأردن.. وحسبي أنّ خطّة السلام "الترامبيّة" الجديدة إذا كانت على هذه الشاكلة بالفعل، فهذا يعني أنّها ستولد حتمًا ميّتة.. والخير دائمًا من وراء القصد.

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك