Advertisement

عربي-دولي

"صفقة القرن" لن تمرّ بسلام.. حرب جديدة بالمنطقة ؟!

Lebanon 24
28-06-2019 | 23:27
A-
A+
Doc-P-602001-636973870278888908.jpg
Doc-P-602001-636973870278888908.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
تحت عنوان "صفقة القرن" امتداد لمخطط "الشرق الاوسط الجديد"، كتبت دوللي بشعلاني في "الديار": ليس من السهل تنفيذ "صفقة القرن" من دون موافقة الجانب الفلسطيني المعني الأول بها بشكل مباشر، ومن دون رفع إبط المجتمع الدولي عمّا خطّطت له "إسرائيل" وتقوم الولايات المتحدة الأميركية بتنفيذه في منطقة الشرق الأوسط لتوسيع "السيادة الإسرائيلية" على الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وبتمويل عربي. فرفض لبنان والعراق والكويت المشاركة في مؤتمر البحرين الذي عُقد في اليومين الماضيين تحت عنوان "السلام من أجل الإزدهار"، وجرى خلاله إطلاق الشقّ الإقتصادي من الصفقة المذكورة، مقابل حضور الدول العربية وموافقتها على دفع 50 مليار دولار لتوزيعها على دول المنطقة التي ستُوافق على هذه الخطة، بحجّة إقامة مشاريع إستثمارية فيها وتأمين مليون فرصة عمل للفلسطينيين، لا يكفي لجعل "صفقة القرن" تموت في مهدها.
Advertisement

وصحيح بأنّ الإدارة الأميركية تعمل على الإعلان عن بنود هذه الصفقة على مراحل لكي لا تأتي صادمة لدول العالم إذا ما أعلنتها دفعة واحدة، في محاولة منها لإبراز حسناتها (إذا كانت موجودة فيها فعلاً) قبل سيئاتها، إلاّ أنّ ما يُمكن استنتاجه منها بشكل عام، بحسب أوساط ديبلوماسية عليمة، هو أنّها تكسر كلّ القرارات الدولية المتعلّقة بالصراع "الإسرائيلي"- الفلسطيني. فقد أقرّت كلّ المؤتمرات الدولية التي عُقدت على مدار العقود الماضية منذ نكبة فلسطين، أنّ الحلّ الوحيد لإنهاء هذا الصراع هو حلّ الدولتين، أي إقامة دولة فلسطين ودولة "إسرائيل" جنباً الى جنب، وليس إلغاء أي وجود لدولة فلسطين على أراضيها المحتلّة ونقلها الى قطاع غزّة وجزء من سيناء، على ما تودّ "إسرائيل" وتدعمها أميركا، من دون أخذ رأي الفلسطينيين أو موافقتهم على هذا الترانسفير. كما أنّ شعار "السلام من أجل الإزدهار" يهدف بالدرجة الأولى، على ما تقول المصادر الديبلوماسية الى إلغاء المبادىء التي جرى طرحها في فترات سابقة مثل "الأرض مقابل السلام"، في محاولة لنزع فكرة المطالبة بالأرض أو استمرار سعي المقاومة الفلسطينية لاسترداد الأرض مقابل إعطاء السلام للعدو الاسرائىلي.

من هنا، ترى الاوساط، أنّ المطلوب قيام تحرّك دولي فعلي من خلال الدعوة الى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة "صفقة القرن" واتخاذ قرار جامع برفضها كونها تنسف كلّ القرارات الدولية المتعلّقة بحلّ قضية الشرق الأوسط من خلال انسحاب "إسرائيل" من جميع الأراضي العربية المحتلّة، أي من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من قرية الغجر في لبنان، ومن هضبة الجولان في سوريا، كما من الأراضي الفلسطينية المحتلّة، ودفع التعويضات المستحقّة للشعب الفلسطيني، وتنفيذ حقّ العودة وإقامة حلّ الدولتين. وفيما عدا ذلك، فإنّ "صفقة القرن" ستأخذ طريقها الى التنفيذ شيئاً فشيئاً في ظلّ صمت المجتمع الدولي وموافقة وتمويل الدول العربية الخليجية حتى ولو عارضها لبنان والعراق والكويت.

وذكّرت الاوساط، بأنّ المخطط الأميركي الذي حمل مصطلح "الشرق الأوسط الكبير" والذي تحوّل لاحقاً الى "الشرق الأوسط الجديد" لا سيما بعد العدوان "الإسرائيلي" على لبنان في حرب تمّوز- آب 2006، إذ أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية غوندوليزا رايس يومذاك أنّه "سيولد من رحم الحرب"، جرى تنفيذ أجزاء منه رغم رفضه من دول عدّة. وأكّدت الاوساط، أنّ "صفقة القرن" اليوم تُشكّل امتداداً لهذا المخطط، فالاستراتيجية الغربية تجاه العالم العربي (أو الإسلامي) منذ منتصف القرن التاسع عشر تنطلق من الإيمان بضرورة تقسيم هذا العالم الى دويلات إثنية وعرقية ودينية مختلفة لكي يسهل التحكّم بها، وقد جرى غرس "إسرائيل" في قلب منطقة الشرق الأوسط لتحقيق هذا الهدف، ولفكفكة الوحدة العربية كونها تعيق قيامها بدورها الوظيفي كقاعدة للمصالح الغربية، كما لإقامة دولتها وقيادة المنطقة ككلّ..

وفي رأي الاوساط، إنّ التفاف الدول العربية لتصفية القضية الفلسطينية، والتطبيع مع إسرائيل لن يخدم منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً في ظلّ الرفض المطلق من قبل الفلسطينيين للمليارات التي تغدقها عليهم هذه الدول متأخّرة، ولا تصبّ بالتالي في أي هدف نبيل. فبدلاً من أن تدفع الدول العربية هذه الأموال لتمويل "صفقة القرن" الأميركية- "الإسرائيلية"، لكانت دفعتها للشعب الفلسطيني لرفع الغبن عنه الذي يلحق به منذ العام 1948 بسبب "إسرائيل" وتعنّتها واستيلائها على أرضه وحقوقه.

وكشفت الأوساط نفسها بأنّ "صفقة القرن" في شقّها السياسي الذي لم يتمّ الإعلان عنه بعد، لا تقوم على منح الفلسطينيين حقوقهم الوطنية والمشروعة، بل ترتكز على السلام الإقليمي انطلاقاً من إعطاء العدو الاسرائيلي فقط حقّ إقامة دولة فعلية ذات حدود آمنة (على الأراضي الفلسطينية المحتلّة)، مع الإحتفاظ بحقّها، من وجهة النظر الأميركية - "الإسرائيلية"، في أجزاء من مواقعها التاريخية، وفي جعل القدس عاصمة لها.

وأكّدت الاوساط، بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفق المعلومات، قد نجح في إقناع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنّ "المستوطنات لا تُشكّل عقبة في طريق السلام بل فرصة لتحقيقه، إنّما طريقة التعامل الفلسطينية معها"، الأمر الذي أقنعه بإقامة دولة "إسرائيل" على أنقاض دولة فلسطين. فضلاً عن أنّه يرى أنّ إيران تسعى لأخذ المنطقة لمسارات معادية، من وجهة نظره، وهي النتيجة الطبيعية لنظرية الشرق الأوسط الجديد التي دعت اليها الإدارات الأميركية السابقة، وجرى تنفيذها على مراحل في بعض الدول العربية التي عمّها وقسّمها "الربيع العربي".

ولأنّ الفلسطينيين يعتبرون "إسرائيل" كياناً غريباً في المنطقة ويرفضون الإعتراف بها كدولة للشعب اليهودي، فيما يرفض ترامب إقامة دولة فلسطينية بجانبها لا تتطلّع للإعتراف بحق الشعب اليهودي في دولة مستقلة، فإنّ "صفقة القرن" لن تمرّ بسلام ولن تفرض السلام فيها، إنّما سيتمّ فرضها عليهم بالقوة، ما يعني حرباً جديدة في المنطقة تتدخّل فيها دولاً عدّة وعلى رأسها إيران.
 
 
المصدر: الديار
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك