Advertisement

عربي-دولي

"فورين بوليسي": لماذا اتفاق "أوكوس" ينذر "آسيان"!

ترجمة رنا قرعة قربان - Rana Karaa Korban

|
Lebanon 24
21-10-2021 | 05:30
A-
A+
Doc-P-877458-637704075384934689.jpg
Doc-P-877458-637704075384934689.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لمدة عقدين تقريبًا بعد نهاية الحرب الباردة، تمتعت رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بفترة ذهبية. ورأت الدول العشر الأعضاء في المنظمة، بالإضافة إلى الصين والولايات المتحدة، أن الكتلة هي بمثابة مفتاح لأمن المنطقة وتكاملها الاقتصادي. عملت رابطة دول جنوب شرق آسيا ككيان جماعي بجد لترسيخ نفسها في قلب العمارة الإقليمية من خلال شبكة معقدة من المؤسسات والعلاقات الأمنية. في أوج عصرها الذهبي، ظنت الرابطة أنها كانت في مركز قيادة ثروات المنطقة.
Advertisement

بحسب صحيفة "فورين بوليسي" الأميركية فان" هذا العصر الذهبي انتهى". في الأسبوع الماضي، كانت رابطة دول جنوب شرق آسيا، التي تحتاج عادة إلى اتفاق بالإجماع لتعمل، تكافح من أجل الحفاظ على وحدتها. بعد اجتماع طارئ حول الأزمة في ميانمار في 15 تشرين الأول، استبعدت الكتلة زعيم المجلس العسكري في ميانمار من قمة "آسيان" المقبلة، وهي خطوة نادرة للمنظمة. كمنظمة فضفاضة بدون رؤية إستراتيجية واضحة خاصة بها، فإنها تتعثر في حين يكسر الأعضاء الفرديون الصفوف ويعيدون تموضعهم في خضم التنافس الجديد بين الولايات المتحدة والصين. أدى الإعلان الأخير عما يسمى باتفاق "أوكوس" العسكري والتكنولوجي الجديد بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى زيادة المخاطر الجيوسياسية في المنطقة، مما يلقي ضوءًا آخر على الشلل الاستراتيجي لرابطة دول جنوب شرق آسيا.
لم يكن من المفترض أن تسير الأمور على هذا النحو. في واحدة من أكثر مناطق العالم ديناميكية، يصبح الدفاع عن نظام تقوده الولايات المتحدة أو الصين مستحيل؛ لذلك، رسخت "آسيان" فضيلتها النابعة من رغبتها بالبقاء خارج صراعات القوى العظمى. نظرًا لطبيعتها المتعددة الأطراف، واتخاذ القرارات التوافقية، والافتقار إلى الطموحات الاستراتيجية خارج حدودها، كان يُنظر إلى "آسيان" على أنها وسيط نزيه ومحايد. بالنسبة لدبلوماسيي المنطقة، فإن ما يسمى بمركزية "آسيان" أصبحت عنصرًا من العقيدة.
لكن في السنوات الأخيرة، انهار صرح المركزية. وكما جادل الدبلوماسي السنغافوري السابق بيلهاري كوسيكان، فإن القوى العظمى لا تتعامل مع مركزية "آسيان" طالما أن الأخيرة تخدم مصالحها.
جاء أول صدع ملحوظ في درع الآسيان في عام 2012. قامت كمبوديا، التي كانت تتولى الرئاسة الدورية للمنظمة في ذلك الوقت، بنسف بيان مهم لرابطة أمم جنوب شرق آسيا، فالمسودات أشارت إلى النزاع بين العديد من الدول الأعضاء والصين في بحر الصين الجنوبي.
ولكن ليست الصين وحدها هي التي تعمل حول "آسيان" لتحقيق أهدافها، اذ تعتبر الإستراتيجية الحرة والمفتوحة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ التي تتبناها أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة مثالاً على ذلك. فللاستراتيجية مبادئ تبدو غير ضارة: حرية الملاحة والتحليق، والالتزام بالقانون الدولي، والاتصال الإقليمي. لكن قوتها تكمن في إبراز المبادئ التي ترفضها الصين. معظم أعضاء "آسيان" هي دول بحرية وستدعم بقوة هذه المبادئ، لكن دعم الاستراتيجية التي تقودها الولايات المتحدة علنًا سيثير غضب الصين. وخوفًا من إثارة غضب بكين، كافحت "آسيان" لاتخاذ موقف جماعي، لكن ما من شيء هز "آسيان" بقدر "أوكوس".
فالاتفاق الجديد الذي أعلن الشهر الماضي يتضمن قيام الولايات المتحدة وبريطانيا بتزويد البحرية الأسترالية بالتكنولوجيا النووية لتشغيل جيل جديد من الغواصات الهجومية التي يمكن أن تغير بشكل نهائي ميزان القوى في المنطقة.
وأعربت دول "آسيان" الرئيسية، مثل ماليزيا وإندونيسيا، عن مخاوفها بشأن سباقات التسلح وإبراز القوة. لكن في الواقع، اتفاق "أوكوس" هو إعادة تقييم كانبرا لبيئة التهديد الخاصة بها، والصفقة الثلاثية جاءت استجابة للقوة العسكرية المتزايدة للصين وإصرارها. يؤكد هذا الاتفاق في جوهره على التحولات الجيوسياسية السريعة في جميع أنحاء "آسيان". 
إذاً، تحتاج "آسيان" للبناء على نقاط قوتها الراسخة في التكامل الاقتصادي والروابط الاجتماعية والثقافية. ومع ذلك، سيكون من الصعب التعامل معها أيضًا حيث تخاطر الكتل التجارية بالانجرار إلى الصراع بين الولايات المتحدة والصين. لذلك، تحتاج "آسيان" إلى قيادة جريئة لدفع المناقشات الاستراتيجية الداخلية للمجموعة إلى الأمام، والتعامل مع الخلافات بين دولها الأعضاء، كذلك والتعامل مع القوى الكبرى. وقد تكون إحدى الخطوات تعيين مجموعة من ثلاثة قادة سياسيين مخضرمين لديهم ما يكفي من الجاذبية للتحدث عن تركيا.
وتابعت الصحيفة، " الآن، من الواضح وبشكل مؤلم أن انقسام "آسيان" يتزايد يومًا بعد يوم. ومهما فعلت فإن القوى الكبرى لن تنتظر المجموعة لتوحيد عملها. وتواصل إدارة بايدن التأكيد على رغبتها في العمل مع "آسيان" ككتلة، لكن هذا لم يمنعها من متابعة علاقات أوثق مع دول "آسيان" على نحو منفرد، مثل سنغافورة وفيتنام. قد لا يرغب أعضاء الكتلة في اختيار أحد الجانبين بين بكين وواشنطن ، لكنهم سيواصلون العلاقات مع كل طرف، وهذا أمر مفهوم بالنظر إلى عدم قدرة المنظمة على صياغة سياسات أمنية مشتركة.
في النهاية، سوف تتأرجح رابطة دول جنوب شرق آسيا. ولكن لا بد من التذكير بشخصية دوريان غراي الشهيرة للشاعر أوسكار وايلد" وراء نشاطها المشرق والمضلل، فإن "آسيان" تتقدم في السن.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك