Advertisement

لبنان

والدة القنطار بالتبنّي تروي قصّتها: رحلة عذاب!

Lebanon 24
22-12-2015 | 00:02
A-
A+
Doc-P-95990-6367053434512617241280x960.jpg
Doc-P-95990-6367053434512617241280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
بالزغاريدِ الممزوجة بالدموع، تستقبل الفلسطينيّة أم جبر وشاح، والدة الشهيد سمير القنطار بالتبنّي، المُعزّين والصحافيين في بيتها الريفي وسط مُخيّم البريج للاجئين، شرق قطاع غزّة، محاولة إخفاء حُزنها وآلامها على استشهاد ابنها المُدلل سمير، فيما راحت تروي لـ"السفير" قصّة أم فلسطينيّة تحمل صبرها وثباتها رغماً عن رحلة العذابِ إلى السجون الإسرائيليّة، هناك، حيثُ يقبع الأبناء بالولادة، وآخرون بالتبنّي. نبأ استشهاد القيادي في حزب الله، الأسير المُحرر من السجون الإسرائيليّة، سمير القنطار، في غارة إسرائيليّة على ضواحي دمشق؛ لم يكن هيّناً على أم جبر، التي اعتبرته ابنها الأوّل مُذ أن دأبت على زيارته في المُعتقل الإسرائيلي برفقة ابنها البكر جبر، وتوفير كل احتياجاته ومُستلزماته الشخصيّة، في الوقت الذي حرمت فيه سلطات الاحتلال عائلته من زيارته، حتّى أخذت أم جبر عهداً على نفسها أن تعتبر سمير ابنها الأوّل، وجبر الثاني. ترجع قصّة تعرّف أم جبر وشاح، 88 عاماً، على الشهيد القنطار إلى العام 1986، في إحدى زياراتها لابنها الأسير المُحرّر جبر، في سجن نفحة الصحراوي، حيث التقت الشهيد سمير لأوّل مرّة آنذاك، حينما أدخل أصابعه من بين شباك السياج الحديدي الذي يفصل الأسرى عن ذويهم، ليسلّم على أم رفيقه في السجن جبر وشاح. وقتها كان قد مرّ على اعتقاله ست سنوات، ولم يتمكّن من رؤية أحد من ذويه. بأنّاتِ الأم الحنونة، تروي أم جبر أنّ سيّدة من قطاع غزّة كان لها ابن في السجن ذاته، وكانت تزور سمير برفقة ابنها قبل أن يتحرر، وتوفّر له احتياجاته، كون ذويه محرومين من زيارته، وفي الزيارة الأولى التي التقت فيها أم جبر الشهيد سمير، كانت تلك السيّدة تزوره لأوّل مرّة بعدما خرج ابنها من السجن، وكان القنطار يستجديها أنّ لا تتكبّد عناء المجيء من قطاع غزّة لزيارته، والتنقّل بين السجون والمعتقلات بعد تحرر ابنها، على مسمعِ أم جبر. لمّا سمعت أم جبر حديث الشهيد سمير مع تلك الأم الفلسطينيّة، قطعت عهداً أمام الله والسيّدة أن تعتبر القنطار ابنها الأوّل قبل جبر، الذي كان سبب قدومها إلى السجن، وطلبت منها أن تطمئن عليه، فهو بين أيدي أمّه الثانية، ولن تتأخّر عليه لا في زيارة، ولا في أي شيء يحتاجه في السجن، وقد أخبرت القنطار وابنها جبر بذلك، ومن ثمّ واظبت على زيارة ابنها الشهيد العربي اللبناني سمير القنطار، ككل أم فلسطينيّة كان لها أسير أو أسيرة في السجون الإسرائيليّة. ظلت أم جبر تفعل ذلك لثلاثة عشر عاماً. تذهب إلى مقر الصليب الأحمر في غزّة، تُسجّل لزيارة ابنها سمير، فيما تُسجّل ابنتها لزيارة أخيها جبر، القابعين في سجن نفحة الصحراوي، واستمر الحال على ذلك حتّى العام 1999، إذ رفضت إدارة السجن الإسرائيلي السماح لها بزيارة ابنها سمير، لسببين، الأول: أنّ ابنها جبر تحرّر من السجن في هذا العام، وثانياً: أنّ الشهيد القنطار لا يمت لها بصلة، وفق القواعد والقوانين الوضعيّة! لكن أم جبر لم تستسلم للقرار الإسرائيلي الذي وقع كالصخرة على قلبها، ولم تستطع الغياب عن ابنها الذي تعلّقت به، وتعلّق بها، ولم تنس أيضاً عهدها القديم، فرفعت دعوى قضائيّة في المحكمة العليا في القدس، وأوكلت أمرها للمحامين الذين انتزعوا لها سنة 2000 تصريحاً بزيارة سمير، فكان اللقاء من جديد مع بطل جبل العرب، لكنّ الفرحة لم تطل كثيراً، فبعد أربع زيارات، على مر شهرين، مُنعت مرّة أخرى من زيارة القنطار. بصوتها الحنون، ونبرتها الفلسطينيّة، تقول أم جبر: "هم (الإسرائيليون)، أرادوا مُعاقبة سمير، ومنعه من لقائي، بعدما عرفوا علاقتي به، وأنّي أمّه الثانية، خصوصا أنهم منعوا والدته ووالده، وجميع ذويه من زيارته". تستذكر أم جبر وشاح، تلك السنوات، فخورة: "عرفته، وتبنّيته، أحببته أكثر من أبنائي، والله العليم وحده يعلم ما في القلوب"، لافتة الانتباه إلى أنّه برغم قرار منع الزيارة، إلّا أنّ الاحتلال الإسرائيلي لم ينل من عزيمة الشهيد القنطار وإرادته، مُبدية إعجابها بالإرادة الصلبة للعميد سمير، وبعزيمته القوية وقناعاته الراسخة التي لم تتبدل ولم تغيرها الزنازين وغياهب السجون والمعتقلات بعد سنوات الاعتقال الطويلة، "وأمضى سمير حياته لأجلِ فلسطين، وقناعاته النضاليّة" تقول أمّه بفخر. وقت الإفراج عن الشهيد سمير القنطار ضمن صفقة تبادل بين "حزب الله" وإسرائيل، في صيف العام 2008، جلست أم جبر في دارها ترقب بجلل عودة ابنها إلى والدته في عبيه، والى أهله وناسه ووطنه. تجمهرت النسوة من حولها، وكذلك فعل الأسرى المحررون. لم يهدأ لها بال حتى رأت سمير في الجانب اللبناني من الحدود، عندها أطلقت ومعها النسوة المجتمعات الزغاريد، وأقيمت الاحتفالات في بيتها، ووزعت الحلوى والمشروبات ابتهاجاً بعودة الصقر. الحاجة أم جبر التي سبق لها أن زارت عائلة سمير القنطار في جبل لبنان، لم تستطع وقت الإفراج عنه أن تكون من بين مستقبليه، بحكم إغلاق المعابر في غزّة، لكنها لم تفوّت لحظة واحدة رصدتها كاميرات الصحافة وهو ورفاقه في طريقهم من السجن الإسرائيلي إلى عبق الحريّة، وتقول: "كنت أتمنّى تلك اللحظة أن أكون هناك، وأعانق سمير وأشاركه الفرحة بعودته إلى أهله". لم تستطع أم جبر حبس دموعها هذه المرّة حين عُدت لسؤالها عن شعورها وقت استقبالها نبأ استشهاد سمير، حتّى تمتمت بكلمات الدعاء بالرحمة والقبول في علّيين، وقالت: "كان خبراً مُفجعاً، نقله لي ابني جبر. سمير إنسان عظيم، يستحق كل الخير؛ لأنّه لم ينحنِ يوماً لإسرائيل، وخرج من السجن عدواً لإسرائيل، ودائماً كان يقول لي إن الإنسان لا بد يوماً ما أن يسترد حقّه". أمّا أبناء الحاجة أم جبر، وهم: جبر، باسم، ذياب، وياسر، وجميعهم ذاقوا مرارة السجّان الإسرائيلي، فأضحوا يستقبلون المُعزّين في استشهاد سمير أمام منزلهم في مُخيم البريج، يؤكّدون أنهم لم يشعروا يوماً بأن الشهيد القنطار أخوهم بالتبنّي فقط، بل اعتبروه وشعروا به أخاً لهم حملته أمّهم، ورفيقاً في السجن الإسرائيلي. يقول شقيقه، ورفيقه في السجن، جبر وشاح، إنّ سمير نموذج من النماذج الفريدة في النضال، فهو صدق الوعد الذي عبر عنه في أول يوم له خارج الأسر، حين قال إنه "لم يعد إلى لبنان؛ إلا ليعود إلى فلسطين". (جهاد أبو مصطفى - السفير)
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك