Advertisement

لبنان

عن المادة 80 وأخواتها: لا يَفلّ الحديدَ إلا الحديدُ

احمد الزعبي

|
Lebanon 24
29-07-2019 | 04:59
A-
A+
Doc-P-611789-636999984185979163.jpg
Doc-P-611789-636999984185979163.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

أعادَ اللغط الذي أثير حول المادة 80 من قانون الموازنة التي تنص على حفظ حقوق الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، وما رافقه من اعتراض كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل عليها، وكلام الأخير من زحلة بحضور رئيس الجمهورية حول  الدفاع عن حقوق المسيحيين تحت مسمّى "الميثاقية والتوازنات"، تأكيد ما جهدت قوى سياسية كثيراً لتجاهله أو تجاوزه بذريعة أن الأولوية إزاء التحديات القائمة لأمور أهم. 

تزامن ذلك، مع ردّ الرئيس عون  قانونين إلى مجلس النواب: الأول يتعلق بعدم حصول ابن المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي على إجازة عمل، والثاني قانون إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ما يَشي بأن مواقف رئيس "التيار الوطني الحر" تنال رضا ومباركة رئيس الجمهورية.

والواقع أن لبنان لم يشهد في تاريخه المعاصر توحشاً سياسياً وطائفياً وتعبئة عنصرية ومحاصصة وتمييزاً تجاه المرأة اللبنانية وتجاه الفلسطينيين والسوريين، وإثارة للنعرات بكافة أشكالها كما نشهد اليوم.. تشوهات في صيغة النظام وصورته وجوهره باسم التسوية.. أما بقية الصورة فتتكفل أزمة النفايات بتشويهها. 

فبذريعة "حفظ حقوق المسيحيين" في الوظائف العامة، وعلى عكس منطوق المادة 95 من الدستور، التي تحصر المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في وظائف الفئة الأولى وما يعادلها من وظائف، يكرر باسيل طرح شعارات شعبوية، ولم يكتفي بذلك بل عمد إلى عرقلة عشرات المراسيم ذات الصلة تحت شعار "الحقوق المهدورة"!! وفي وقت يُشتكى من حشو الإدارة بآلاف الموظفين والمحاسيب وفق منطقة الزبائنية السياسية، يُمنع مئات  الشباب من وظائف استحقوها بكفاءتهم وجهدهم، فيما يكتفي ممثلو بعض القوى السياسية بالتذكير بضرورة احترام الدستور لا غير؟!

من قال إن أصحاب الخطاب المشكو منه يمتلكون ذات الفهم والوعي والالتزام بالدستور والميثاق الوطني، وذات النظرة لتحديات الحاضر والمستقبل أو لعلاقات لبنان بمحطيه العربي وأصدقائه حول العالم؟ وبالتالي لا فائدة من مواجهة هذا المنطق بالقول إن الدستور يفرض كذا والميثاق يقتضي كذا.. الحل أن يواجه منطقهم بمثله تشدداً وحرصاً على مكتسبات الجماعات الخاصة إلى حين عودة أصحابه إلى الرشد الوطني ومقتضيات العيش الواحد. يأسَ كثيرون من رؤية التمييز والتهميش والحقد والعنصرية على أساس طائفي، في السياسة والإدارة والخطاب، ثم لا يجد المكلفون دستورياً بحمايته إلا إعلان الحرص تارة على الوحدة الوطنية والاستقرار الهش المتوهم، أو بتعداد فضائل التمسك بالتسوية تارة أخرى!! نعم "لا يفلُّ الحديدَ إلا الحديدُ"، فالتعنت في تقديم فهم مغلوط للميثاقية ومعاملة الأطراف على أساسه، يقتضي – بالحدّ الأدنى - رفع شعار العدد (وإحصاءات الدولية للمعلومات طازحة وطرية لمن أراد الاستئناس والاعتبار)، ولا مانع أيضاً  من مطلب فكّ حصرية وظائف أولى أساسية على طائفة معينة دون غيرها، طالما أن الدستور والميثاق يستلزم المساواة في الحقوق والمكتسبات والواجبات.

ثم كيف تتحقق المناصفة في حين أن نسبة المسلمين تعادل 69% مقابل 31 للمسيحيين، وكيف تتحقق وثمة إحجام مسيحي (له مبرراته) عن التقديم للوظائف من الفئتين الثالثة والرابعة بالرغم من جهود مؤسسة "لابورا" في هذا المجال؟

إن الإصرار على مواجهة الخطاب السياسي المتعالي بأريحيةٍ مُبالغٍ بها، أو تكرار كلمات (هي في أصل تركيبها فضفاضة وحمّالة أوجه) كالالتزام بالدستور واحترام الطائف.. سيؤدي إلى نتائج عكسية، ومن شأنه أن يزيد الاحباط وربما يوصل إلى ما لا تحمد عقباه في ظل التشنج والمكابرة والاستهتار والاستفزاز الراهن، إذ الحاصل هو عنصرية تجاوزت السوري والفلسطيني لتطال بأوهامها المرأة اللبنانية والشباب الكفوء وغالبية اللبنانيين من مختلف الطوائف. والسكوت عن كل ذلك لا يستقيم وفق أي اعتبار.

للمرة الألف، من غير المقبول السماح لممارسات تسعى لإخضاع اللبنانيين لمزاجية بعض القوى التي تسعى لتكريس بدعٍ لا علاقة لها بالدستور والطائف، وهنا المادة 95 من الدستور واضحة، ولا اجتهاد في معرض النص الواضح الذي يحدد المناصفة في وظائف الفئة الأولى فقط، ويترك الأمر بعد ذلك للاختصاص والكفاءة وفق مباريات شفافة يتساوى فيها كل أبناء الوطن.. أين من أقسموا على حماية الدستور من الالتزام بتطبيقه، أم أن الدستور – في بلد الفيتوات الكثيرة – مجرد وجهة نظر؟

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك