برعاية وزارة الثقافة ومكتب "اليونسكو – بيروت"، أطلق "بيروت متحف الفن (BeMA) ومنصة STUDIOCUR/ART، معرض الفنّ المعاصر "أطوار العمران" (Cycles of Collapsing Progress)، وذلك خلال مؤتمر صحافي عُقد في حرم الابتكار والرياضة في جامعة "القديس يوسف"، بحضور ممثلة وزير الثقافة السيدة لين طحيني، سفيرِ المكسيك في لبنان السيِد خوسيِه إِغناسيو مادرازو، المدير الدولي لدى "مؤسّسة ميقاتي" الأستاذ زياد ميقاتي وعدد من ممثلي وسائل الإعلام والفنانين والوجوه الاجتماعية.
والجدير ذكره، أنّ معرض "أطوار العمران (Cycles of Collapsing Progress)"، المتوقع افتتاحه في ٢٢ أيلول 2018، هو أول معرض فني معاصر يمتد لفترة شهرٍ كامل، ويستضيفه كلّ من معرض رشيد كرامي الدولي، الذي صمّمه المهندس المعماري البرازيلي أوسكار نيميير، وقلعة طرابلس التاريخية. كما أنّ المعرض الذي يستوحي أعماله من أهمية عَجَلة الزَّمن واندثار الحضارات وأطوار العمران في كلا الموقعين، يُعتبر التعاون الفني الثاني بين جمعيّتي BeMA وSTUDIOCUR/ART .
يُشار إلى أنّ هياكل معرض رشيد كرامي الدولي المولفة من 14 بناءً، بُنيت جزئياً عام 1974 قبل أن تعيق الحرب الأهلية اللبنانية عملية استكمالها، ويُعتبر المكان أحد أهم تراث البناء الهندسي المعاصر في الشرق الأوسط. ويكشف معرض "أطوار العمران"، الحوار الدائر بين هياكل معرض رشيد كرامي الدولي وقلعة طرابلس الأثرية، في دلالةٍ على التناغم بين التاريخ والحداثة، وبين التعاقب الزمني وأطوار العمران، ما يساهم في تخليد صفحاتٍ من التاريخ.
يقدم معرض "أطوار العمران" 18 مشروعاً، بينها 8 أعمال فنية مفوضة و 10 أعمال أنجزها فنّانون من لبنان والمكسيك، تحت إشراف مؤسسة منصة STUDIOCUR/ART القيَمة كارينا الحلو. ويأتي المعرض، الذي يستمر على مدى شهرٍ كامل (٢٢ أيلول - ٢٣ تشرين الأول)، تتويجاً لـ 18 شهراً من العمل شملت تبادل ثقافي بين لبنان والمكسيك إضافة الى إقاماتٍ فنية متبادلة بين البلدين، ما أتاح تشارك وجهات النظر والمقاربات حول موضوع المعرض.
ويضم المعرض فنّانون لبنانيّون ومكسيكيّون مشاركون، بشكلٍ حصري، في المعرض، وهم: إدغاردو أراغون، علي شرّي، جوزي دافيلا، جوانا هادجيثوماس وخليل جريج، لمياء جريج، فريتزيا إيريزار، جورج منديز بلايك، داميان أورتيغا، مروان رشماوي، غبريال ريكو، ستيفاني سعادة، روي سماحة، جلال توفيق، وزاد ملتقى، في معرض رشيد كرامي الدولي، وكذلك كلّ من ريان ثابت، هايغ إيفازيان، إيمانويل توفار، وبابلو دافيلا في قلعة طرابلس التاريخية.
ولفتت كارينا الحلو خلال المؤتمر الصحافي، إلى أنّ "الهدف من هذا المعرض هو الدفع في اتجاه التفكير بواقع الانسانية في عصرنا هذا، بعد أعوام من أوهام التقدّم التي تنذر بالانهيار في حال استمرار وتيرة الافراط في الانتاج كما هي عليه".
وتابعت الحلو قائلة: "هذا المعرض تم التحضير له على مدى عام ونصف وتخلل هذه الفترة اقامتان فنيّتان في كلّ من بيروت والمكسيك كانتا فرصة لبعض الفنانين الذين تم اختيارهم من هذين البلدين للعمل معاً وتبادل وجهات النظر حول المواضيع التي يتطرّق اليها المعرض".
بدورها، كشفت العضو المؤسّس لـ"بما" ساندرا أبو نادر أن "أطوار العمران" مشروعٌ مشتركٌ، شمل إقاماتٍ فنية بين لبنان والمكسيك، تمحورت حول إعادة تأكيد البُعد الاجتماعي للفنّ، فهو لا يهدف فقط إلى إحياء مشروعٍ معماريّ شكّل منذ القِدم رمزاً مثالياً ومُنطلقاً لبلدٍ جديد، إنّما أيضاً للإضاءة على الدور الحيوي للفنّ، في كونه مساحةً للتلاقي بين الأفراد والمجتمعات والثقافات، وبالتالي ترجمة الأفكار وقائعَ اجتماعية مترابطة".
وأضافت: "حين اختار اللبنانيون نيميير لبناء تجربة الحلم، انتظروا، وفي الانتظار تغيّر الواقع، لم يكتمل الحلم بل عاش تجربة التهجير مع اللبنانيين، لكنه بقي. هيكلٌ يذكرنا بقدرتنا على الحلم، بأهميّة حالة الانتظار كتوقيت مثالي لاختبار الأمل كمصدر ينطلق منه حلم جماعي جديد".
وختمت بالقول: "ان رؤيتنا، في بيروت متحف الفن، ليست توعوية بمعناها الضيّق، بقدر ما هي اعادة الفن الى الوعي الجماعي، كجزء لا يتجزأ من شخصيتنا الاجتماعية، فنتمكّن من استخدامه كوسيلة أو عدسة للنظر الى واقع سياسي، اجتماعي، ثقافي او انساني.".
إلى ذلك، تحدّث المدير الدولي لدى "مؤسّسة ميقاتي" الأستاذ زياد ميقاتي، باسم المؤسّسة، فشكر الجميع على "مساعدتهم ونجاحهم في استرجاع دور طرابلس الثقافي والفني وعلى دور "بما" في إعادة النظر إلى طرابلس كمدينة ثقافية وحضارية".
ولفت إلى أنّ "قلعة طرابلس مبنية بين العصر الصليبي والمملوكي الإسلامي، ومعرض رشيد كرامي الدولي هو متحف جميل يرمز لمدينتنا. ونحن كطرابلسيين قدّمنا الأراضي والوقت والمساحات، ليكون معرضاً دولياً يرفع إسم لبنان عالياً. ونحن نتأمل أن يكون هذا المشروع، مشروع لقاءٍ بين لبنان والمكسيك، وبين طرابلس وباقي لبنان والعالم. ونتمنى عليكم أن ترفعوا إسم هذه المدينة التي حُرمت لمدة طويلة من الصورة الإيجابية كي نغير جميعاً هذه الصورة النمطية".
بدوره، قال سفير المكسيك: "إنّ حكومة المكسيك تولي أهمية وأولوية كبرى لهذا المشروع، وتعتبره جزءاً أساسياً من سياستها الطامحة إلى تعزيز حضور المكسيك في لبنان"، وأعرب عن سعادته بهذا المشروع، الذي رأى فيه "فرصةً للتقرب من المجتمع الطرابلسي وإعادة تفعيل التواصل مع المكسيكيّين واللبنانيّين ذات روابط مكسيكية المقيمين في طرابلس، لأن معظم أنشطتنا تكون عادةً في بيروت". وختم مادرازو كلمته بتوجيه الشكر إلى جميع الجهات المشاركة في تنفيذ هذا المشروع.
من جهتها، رأت ممثلة وزير الثقافة السيدة لين طحيني أنّ "لهذا اللقاء والإعلان أهمية خاصة وكبيرة جداً بالنسبة للوزارة، لأن هذا النشاط الذي ندعمه اليوم مميّز كونه يرتبط بذاكرتنا"، لافتةً إلى أنّ "معرض رشيد كرامي الدولي هو أكثر من مكان، أكثر من هندسة معمارية، دخل مَن خَطَّها التاريخ، فزاد إلى الإرث الكبير لطرابلس بُعداً جديداً يرتبط بالحداثة. لذلك، فمن واجبنا أن نعمل لأن يُدرج على قائمة اليونيسكو كأحد معالم التراث العالمي، وقد بدأت وزارة الثقافة بالعمل على هذا المشروع".
وأكّدت أنّ "معرض الفنّ المعاصر "أطوار العمران" يستمدّ أهمية من طبيعته التي تتطرّق إلى عمق أهميّة الفنّ، والتي لا تتوقف عند العمل والعرض، بل تتناول ما يحيط ذلك من ارتباطٍ بالمحيط الاجتماعي، فتصل تطوّر الثقافة والفن في لبنان بدينامية ثقافية أكثر عالمية".
وأعلنت طحينة أن "الوزارة ستكون دائماً إلى جانب أي مشروع يعطي الفنون المكانة التي تستحقها"، كاشفةً عن "قرار وزير الثقافة بإعفاء جميع الأشخاص الذين يزورون قلعة طرابلس لزيارة معرض "أطوار العمران"، من أية رسوم بين تاريخي 22 أيلول و22 تشرين الأول 2018".