استطاعت كرواتيا بلوغ نهائي المونديال للمرة الأولى في تاريخها، بالرغم من أنها مرّت بظروف صعبة في الأدوار الإقصائية، وتحديداً منذ تجاوزها دور المجموعات.
فعلياً خاضت كرواتيا في ثلاث مباريات متتالية أشواطاً إضافية أمام الدنمارك وروسيا ومن ثم إنكلترا، وهذا الأمر من شأنه إنهاك أي فريق والسقوط بعد ذلك، تحديداً في نصف النهائي أمام منتخب إنكلترا الذي بغض النظر عن مستواه، يعرفه الجميع بقوته البدنية الهائلة وكذلك معدل أعمار اللاعبين المنخفض والذي لا يتجاوز السادسة والعشرين.
أشاد الجميع باللاعبين والمدرب زلاتكو داليتش، لكن هناك بعض العناصر التي كان لها دورٌ مهم في تحقيق كرواتيا لهذا الإنجاز، وساهمت في الوصول إلى النهائي.
وسينصب الحديث هنا على لوكا ميلانوفيتش، أي مدرب القوة والتكيف، وهو أخصائي اللياقة البدنية الذي ساهم في تحسين أداء اللاعبين في المونديال، وكذلك قام بحمايتهم من الإصابات.
درس ميلانوفيتش في جامعة زغرب وحصل هناك على شهادة في التكيف والقوة بين فترة 1997 حتى 2002، قبل أن يخوض تجربة الدراسات العليا في علوم وتدريبات السرعة والرشاقة بين فترة 2003-2007، ليحصل بعدها على شهادة "PHD" في ذات الاختصار بين فترة 2008 حتى 2011.
عمل ميلانوفيتش في البداية معدّاً بدنياً بالتعاون مع اتحاد كرة السلة لسبع سنوات وثلاثة أشهر من عام 1999 حتى آب 2006 في منتخبات الفئات العمرية.
تسلّم بعدها المدرب البدني مهمة جديدة مع نادي زغرب لمدة عام وسبعة أشهر، وخلال هذه الفترة كان يعمل مع ميكرو كرو كوب وهو مقاتل كرواتي في لعبة الفنون القتالية المختلطة، استمر معه من عام 2006 حتى 2011.
وفي الفترة عينها عمل أيضاً باحثاً في جامعة زغرب بقسم الكنيزيولوجيا، وهي علم حركات الجسم، وتُعرف أيضاً باسم حركية الإنسان.
حاول ميلانوفيتش الاستفادة قدر المستطاع من تنوع الرياضات التي شغل خلالها عدة مناصب، فلم يفوت فرصة وجوده مع منتخب بلاده لكرة السلة، وكان مدرب القوة والتكيف من عام 2006 حتى 2014، وحضر في الألعاب الأولمبية عام 2008، إضافة لبطولة العالم 2010 و2014، وكذلك بطولات أوروبا التي تقام كل عامين من 2007 حتى 2013 (4 دورات متتالية).
خاض بعدها المدرب المميز في عالم الإعداد البدني تجربة قصيرة في نادي روستوف الروسي (4 أشهر)، ليبدأ أكثر التوغل في عالم كرة القدم، فبات مساعداً في مجال عمله لمدرب القوة والتحمل في منتحب كرواتيا الأول لعام وتسعة أشهر.
بعد هذه الخبرة الكبيرة أصبح ميلانوفيتش "أستاذاً مساعداً" في جامعة زغرب حتى يومنا هذا، وقبل انطلاق بطولة كأس العالم 2018 في روسيا، وتحديداً في شهر أيار تولى المنصب الأهم في مسيرته، حين بات المسؤول الأول في منتخب بلاده عن حالة اللاعبين البدنية وتجهيزهم وتحسين أدائهم، ومن دون شك فإن النجاح كان حليفه حتى اللحظة، فهل يفعلها ويحصد اللقب أمام فرنسا ويظهر لاعبوه بمستوى بدني مميز؟
اسمان آخران كان لهما دور كبير فيما وصلت إليه كرواتيا، ولديهما أهمية داخل غرف الملابس وخارجها ولدى المدرب داليتش.
الأول درازين لاديتش، وهو لاعب كرواتي سابق في مركز حارس المرمى، كان ضمن التشكيلة التي حققت المركز الثالث في مونديال 1998 في فرنسا، عمل مساعد مدرب لداليتش في العين الإماراتي، وكذلك أشرف على الفئات العمرية لنادي الهلال وكان مدرباً للحراس في فترة سابقة مع المنتخب أيضاً، أي أن علاقته بالمدرب قوية للغاية وهو محط ثقة بالنسبة له، وهذا الأمر ساهم بشكل كبير في التواصل مع اللاعبين بشكل أكبر.
والثاني هو إيفيكا أوليتش، وهو ضمن الطاقم الفني، والذي لا يمتلك خبرة كبيرة في عالم التدريب، إذ بدأ مهمته "مساعد مدرب" في المنتخب عام 2017 بعدما أعلن اعتزاله اللعب نهائياً.
أوليتش دافع عن ألوان منتخب بلاده لفترة طويلة من 2002 حتى 2015، وسجل 20 هدفاً في 104 مباريات، لكن لماذا أبقى عليه داليتش ضمن الجهاز الفني؟ الجواب ببساطة قربه من اللاعبين الحاليين في التشكيلة، ولا سيما لوكا مودريتش وماريو ماندزوكويتش وإيفان راكيتيتش، والذين زاملهم في الفريق، وبالتالي فإن هذا الأمر من شأنه تقديم الإفادة على الصعد كافة، النفسية والفنية كذلك.
(العربي الجديد)