يرتبط مرض سرطان الرئة بالتدخين ارتباطا وثيقا، ومع ذلك، فإن معدلات إصابة غير المدخنين بهذا المرض الخبيث في تزايد مستمر حول العالم. فما أسباب هذه الظاهرة الصحية المتضادة؟
ويشاع اعتقاد بأن سرطان الرئة هو النتيجة الحتمية للإفراط في التدخين، أي أن المشكلة ستختفي لو أقلع الجميع عن هذه العادة الضارة. ولكن تكمن المفاجأة في أن الاعتقاد السابق يتعارض مع النسب الفعلية للإصابة بسرطان الرئة.
صحيح أن نحو 85 في المئة من حالات سرطان الرئة ناتجة عن التدخين، ولكن الامتناع عنه لن يضمن لنا الحماية الكاملة من مخاطر الإصابة بسرطان الرئة وغيره من أنواع السرطان.
يقول كبير الأطباء بمؤسسة أبحاث السرطان الخيرية بالمملكة المتحدة، تشارلز سوانتون: "إن مشكلة انتشار سرطان الرئة بين غير المدخنين ليست بالمشكلة الهينة، وما يتراوح بين 5 و10 في المئة من المصابين في عيادتي، لم يدخنوا قط".
وكشفت إحصاءات المعهد الوطني الأمريكي للسرطان عن أن التدخين السلبي يزيد من فرص إصابة غير المدخنين بسرطان الرئة، بنسبة 20 إلى 30 في المئة، ويحصد أرواح 430 ألف شخص في العالم سنويا.
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن: "النساء والأطفال كثيرا ما يعجزون عن المطالبة بتخصيص مساحات خالية من دخان التبغ، بما في ذلك داخل منازلهم".
وربما يكون توزيع الأدوار النمطية بين الرجل والمرأة قد ساهم في زيادة حالات الإصابة بين غير المدخنات. ففي الصين، ارتبط استخدام الفحم في الطهي داخل المنزل بارتفاع نسب الإصابة بالمرض بين غير المدخنات.
وصنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان تلوث الهواء كأحد العوامل الرئيسية المسببة للسرطان. كما ذكرت الوكالة أن الجسيمات الدقيقة العالقة في الهواء التي يقل قطر كل واحدة منها عن 2.5 ميكرومتر قد تكون المسؤولة عن وفاة نحو 223 ألف شخص سنويا. وتنتج هذه الجسيمات الدقيقة عن عوادم الديزل وعمليات البناء.
وكذلك ثمة عوامل أخرى غير دخان الفحم والتلوث الهوائي، وهي أيضا تزيد من احتمالات الإصابة بالمرض، مثل التعرض لغاز الرادون والأسبستوس.
وفي المحصلة، يجدر الذكر بأن المدخنين يمثلون النسبة الأكبر من المصابين بمرض سرطان الرئة، حتى لو وضعنا في الاعتبار دخان الطهي وغيره من العوامل التي تزيد من احتمالات الإصابة.
(BBC)