كشف تقرير نشره موقع "عربي 21" أنّ إصرار تركيا، على شراء منظومة الدفاع الصاروخية الروسية "إس - 400"، يثير مخاوف الولايات المتحدة الأميركية، حتّى وصلت حدّ التهديد في بعض المحطات.
ووفقاً لمحلِّلين، فإنّ الصفقة التركية - الروسية، تعدُّ الأكبر مع دولة ضمن "حلف شمال الأطلسي" ويشكّل عقدها خطة سياسية هامة في العلاقات التركية - الروسية، التي لا تريدها أميركا.
ويطرح الموضوع أسئلة حول أسباب الخشية الأميركية، ومستقبل العلاقات التركية - الأميركية، وسقف التهديدات في حال امتلاك تركيا للمنظومة الدفاعية.
وفي هذا السياق، ينقل التقرير عن المحلل السياسي المختص بالشأن التركي علي باكير، قوله إنّ أسباب الخشية الأميركية تتعلّق بالبعد السياسي للموضوع، "فشراء المنظومة الروسية يقرب تركيا من روسيا، وهو ما لا تريده أميركا ويثير مخاوفها".
ولفت باكير إلى أنّ هناك أبعاداً أخرى منها ما هو دفاعي وتجاري، مشيراً إلى أنّ شراء أنقرة لمنظومة دفاعية روسية يثير علامات استفهام حول مدى التزام حلف شمال الأطلسي بحماية أعضائه، وهو الدافع الأساسي وراء محاولة منع حصول تركيا على منظومة دفاعية أميركية على سبيل المثال.
أما عن البعد التجاري، فقال باكير إنّ "واشنطن تحاول الضغط على الدول الحليفة التي تسعى إلى شراء هذه المنظومة الروسية لأنّ ذلك سيتم عادة على حساب شراء هذه الدول لمنظومات دفاعية أميركية، وبالتالي، فكلما ازدادت حصة روسيا السوقية لدى حلفاء واشنطن في ما يتعلّق بهذه المنظومة الدفاعية تقلّص حجم الحصة الأميركية".
وحول إصرار تركيا على امتلاك المنظومة الدفاعية من روسيا، أوضح باكير، أنّ تركيا لم تكن مصرّة في البداية على شراء المنظومة، إلا أنّها تحتاج إلى تأمين نظام دفاع صاروخي طويل المدى، وهو الأمر الذي تفتقد إليه في هذه المرحلة.
وذكّر بأنّ تركيا، سبق لها أن أجرت مناقصات عدّة خلال العقد الماضي، وشملت المناقصات دولاً مثل أميركا وأوروبا والصين وروسيا، لكن في كلّ مرحلة كانت هناك مشكلة تحول دون تلبية متطلبات الجانب التركي الذي كان يركز على فاعلية النظام، وقيمته المالية، ونقل التكنولوجيا.
وأوضح أنّ العرض الروسي شكّل بالنسبة لتركيا أفضلية عن دول أخرى، فتركيا لا تريد الشراء فقط وإنما تريد المشاركة في الإنتاج ونقل التكنولوجيا، وهو الأمر الذي لا يتوافر في أيّ من العروض التي جاءت من الدول الأخرى، حيث وافقت روسيا على تقديم تسهيلات مالية وعلى الإنتاج المشترك في المرحلة الثانية.
وحول تأثير الصفقة الروسية التركية، والوسائل الأميركية في منع تركيا من امتلاك المنظومة، قال باكير، إنّ واشنطن تحاول لَيَّ ذراع تركيا من خلال الوسائل المتاحة سواء عبر التهديد بحجب مقاتلات "أف - 35" عنها، أم بالتهديد بتقليص التعاون الدفاعي إذا ما حصلت أنقرة على المنظومة الدفاعية الروسية أو حتى التهديد بفرض عقوبات على تركيا.
وأشار إلى أنّ واشنطن بسياستها السلبية تجاه تركيا، ساهمت في دفع الأخيرة باتجاه روسيا، معتبراً أنّه يتوجّب على أميركا أن تقبل الخطوة التركية، كي لا يخسروا تركيا التي لن تلغي الصفقة.
من جهته، نقل التقرير عن الأكاديمي التركي بيسان وهبي، قوله إنّ السبب الرئيسي الأميركي، في عدم الرغبة في امتلاك تركيا لتلك المنظومة، تتمحور في عدم رغبة واشنطن في توجّه تركيا إلى محور روسيا، خاصة في الملف السوري.
وأشار وهبي إلى أنّ هناك بعض الإشكاليات بين تركيا وأميركا بخصوص شراء أسلحة ثقيلة مثل "أف - 35"، وأميركا تؤجّل تسليمها، لذلك اتجهت تركيا لشراء المنظومة من روسيا، كسوق جديد لها، مؤكّداً عزم تركيا ليس فقط على الشراء، بل وعلى المشاركة أيضاً مع روسيا في تطوير المنظومات الدفاعية كـ"إس-500".
(عربي 21)