تطرّقت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى تطورات التظاهرات والاحتجاجات الأخيرة في إيران، وانعكاساتها على مدى استقرار نظام الحكم في البلاد أو زعزعته، وتأثير ذلك على إسرائيل، لاسيما بعد أن أرسل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه أفيغدور ليبرمان رسائل إلى الشعب الإيراني، يؤيّده في هذه التظاهرات.
ونقل موقع "عربي 21" عن الجنرال ميخال سيغال إشارته في ورقة بحثية نشرها موقع "معهد القدس للشؤون العامة" إلى أنَّ "بدايات هذه الاحتجاجات قادها التجار في مدن عدَّة مركزية في إيران، ممّن احتجّوا على انخفاض قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار، وحالة الجمود في الأنشطة الاقتصادية"، معتبراً أنّ "هذه التّظاهرات قد تزداد الفترة القادمة عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، وتجديد العقوبات الاقتصادية على طهران، وإعلان بعض كبرى الشركات العالمية وقف أنشطتها فيها، وتجميد التوقيع على عقود تجارية واستثمارية جديدة".
وأوضح أنّ "التّظاهرات انتشرت في كبرى المدن الإيرانية مثل تبريز ومشهد وأصفهان، حتّى في المنطقة التجارية الحرة في جزيرة كشم على مشارف مضيق هرمز، حيث انضم العمال والتجار للإضراب والاحتجاجات، لكنّ اللافت أنّ وسائل الإعلام الإيرانية المحافظة التي لا تغطي التظاهرات الداخلية تعمّدت هذه المرة لمنحها مساحات واسعة من صفحاتها لتوجيه انتقاداتها القاسية للحكومة وإخفاقاتها الاقتصادية".
وختم بالقول أنّه "لو قدّر للتظاهرات أن تتوقف لأيّ سبب، لكنّ تدهور الوضع الاقتصادي في إيران لا يرى في الأفق حالياً، لأنّ البلاد شهدت في الآونة الأخيرة سلسلة تظاهرات لنقابات متعدّدة: سائقي الشاحنات، معلمين، عمال، وكلهم يتهمون الحكومة بالتقصير في توفير احتياجاتهم، مما شكل فرصة لتصفية الحسابات داخل النظام بين المحافظين المقربين من المرشد علي خامنئي، والإصلاحيين من أتباع الرئيس حسن روحاني".
من جهته، كتب مساعد رئيس قسم الأبحاث في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، رون دانغور، في موقع "ويللا" قائلاً إنّ "السيناريو المخيف لدى النظام الإيراني يتمثّل بانضمام قوات الأمن المحلية للمتظاهرين، ففي الوقت الذي أعلن فيه التجار مطالبهم واعتراضاتهم، كانت التظاهرات فرصة لآخرين أن يرسلوا الرسائل لزعماء الدولة، الذين يواصلون تجاهل المشاكل الداخلية لصالح الانخراط في القضايا الإقليمية".
ولفت إلى أنّه "صحيح أنّ النظام الإيراني لا يوجد في مرحلة الخطر على استقراره من هذه التظاهرات، لكنّه مطالب بالحذر والخشية، وفي الوقت الذي يستطيع فيه ترامب أن يسجّل لنفسه نجاحاً أولياً في تحقيق أولى نتائج انسحابه من الاتفاق النووي، فإنّ النّظام الإيراني يجب أن يقلق من المظاهرات، لأنّها امتدت لمدنٍ أخرى في العاصمة، بما فيها مظاهرة وصلت مبنى البرلمان".
وأشار إلى أنّه وفيما بدا أنّ قوات الأمن الإيرانية لم تستعدّ جيداً لمواجهة هذه التظاهرات، فإنّ مطالب التجار ذات الطابع الاقتصادي اختلطت بمتظاهرين آخرين استغلوها فرصة لإعلان شعارات "الموت للدكتاتور خامنئي" و"اخرجوا من سوريا".
ورأى أنّ "هذه التظاهرات يجب أن تشكّل مصدر قلق للنظام الإيراني انطلاقاً من زوايا عدَّة، أهمها أنّ مطالب المتظاهرين بأن تنفق الدولة الإيرانية أموالها في الداخل الذي يعاني مشاكل اقتصادية متفاقمة تطال العديد من الجوانب والمجالات، وليس توزيعها على المناطق الإقليمية التي تشهد صراعات وحروب، كما أنّ شعارات المتظاهرين تؤكّد أنّ المشكلة تكمن في السياسة الخارجية لإيران، وليس فقط على المشروع النووي، وإنّما بسبب تدخلاتها في العديد من ملفات المنطقة، كما هو الحال في سوريا، اليمن، العراق، لبنان، وغزة".
من جهتها، ركّزت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تغطيتَها في المعطيات الصحافية والأرقام الاقتصادية بالقول إنّ "آثار العقوبات الأميركية على إيران تجسّدت مع مرور الوقت بتراجع قيمة الريال الإيراني الذي تهاوى ليصل 90 ألفاً مقابل الدولار الواحد، في حين كانت قيمته أواخر العام الماضي 42 ألفاً للدولار الواحد".
وأضافت أنَّ "إيران تنوي منع إدخال المزيد من البضائع والمنتجات المستوردة، فيما تتّجه الحكومة للتدخل لدعم الصناعات المحلية، وهي خطوة مهمة لتأمين اقتصاد الدولة، وستمنع فقدان عشرة مليارات دولار".
وأكّدت أنّ "منطقة التظاهرات التي تتركّز فيها تعتبر مركزاً تجارياً كبيراً في طهران، شهدت إغلاقاً كبيراً للمحال التجارية رداً على انهيار الريال الإيراني، مما أدّى لارتفاع الأسعار، وهذا المجمّع التجاري الكبير الذي شهد التظاهرات يحتلّ مكانة كبيرة من النواحي الاقتصادية والتجارية والثقافية والاجتماعية في إيران، حيث يضم 20 قسماً، ويقع على مساحة 10 كيلومترات مربع، وفيه 6 مساجد، و30 فندقاً، وأكثر من 20 من فروع البنوك، و13 مدرسة، ومسرحَيْن، ومركزاً دينياً، ومكتبات وملاعب رياضية".
وختمت بالقول إنّه "في الوقت الذي قد تذهب فيه الحكومة الإيرانية للتوافق مع التجار المحتجين، لكنّ النظرة الإيرانية العامة للوضع الاقتصادي ترى ضرورة العيش في ظلّ اقتصاد المقاومة، والاعتماد على الموارد الذاتية لتقليل التعلق على ما يأتي من الخارج، فقد أعلنت طهران وقف استيراد 1300 سلعة ومنتج، بهدف تعزيز الإنتاج المحلي".
(عربي 21)