Advertisement

عربي-دولي

هكذا كان تنظيم "داعش" يحاكم مرتكبي الجنح..

Lebanon 24
03-07-2018 | 12:32
A-
A+
Doc-P-489798-6367056676567698975b3b7848c6fc3.jpeg
Doc-P-489798-6367056676567698975b3b7848c6fc3.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً للصحافية روكميني كاليماتشي عن كيفية تعامل تنظيم "داعش" مع الجرائم الصغيرة.


وتقول كاليماتشي إن مسرح الجريمة كان البسطة رقم 200 في السوق التي تقع على بعد ثمانية كيلومترات شمال الموصل، حيث كان زياد عماد خلف (24 عاما) يبيع الدجاج، ويعتاش من ذلك بجانب بسطة لرجل يبيع البصل بالكيلوغرام، وآخر يبيع الدقيق بالمكيال.


ويشير التقرير إلى أن أحد جنود "داعش" مر هناك، وهو واحد من آلاف الجنود الذين كانوا يحكمون تلك السهول الشمالية في العراق، وأشار بإصبعه إلى أسمن دجاجة، وقال "تلك"، فقام عماد بذبح الدجاجة ونتف ريشها ونظفها ووزنها، وقال لزبونه إن ثمنها 8000 دينار "7 دولارات"، وتلك كانت بداية المشكلة، حيث يتذكر عماد بالقول: "مد الرجل يده في جيبه وأخرج النقود، وأضاف: (ليس معي سوى 4000 دينار)، وقال إنه سيدفع لي الباقي غدا، وفي العادة ينتهي الأمر هنا، حيث يكون رجل فقير لم يدفع له رجل أقوى منه حقه".


ويستدرك التقرير بأنه بعد أسبوع من الحادث، الذي وقع عام 2016، فإن عماد قام بفعل شيء يعد جنونا، خاصة أن لمحتلي البلد سمعة بأن لديهم قسوة ليست عليها قيود، وتقدم بشكوى لمحطة الشرطة الإسلامية في البلدة، وفي اليوم التالي جاءه الجندي بسرعة ودفع له بقية ثمن الدجاجة، فكان حلاً سريعاً ومرتباً وفعالاً لجنحة خفيفة كانت ستذهب أدراج الرياح قبل وصول المتطرفين. 


وتلفت الصحيفة إلى أن تنظيم  داعش كان يقوم بمحاكمة الجنح الصغيرة بشكل جاد وفعال، ما كان يعد إيجابيا لدى المواطنين، الذين تعودوا قبل ذلك على دفع الرشاوى للشرطة للحصول على مساعدتها في تحصيل حقوقهم.


وتفيد الكاتبة بأن هناك حوالي 400 سجل تركها التنظيم في إحدى محطات الشرطة، وتم تقديمها لصحيفة "نيويورك تايمز"، وتظهر هذه السجلات بأن السكان المحليين لجأوا في العادة للتنظيم لحل مشكلاتهم البسيطة، كما كانت هناك القضية التي رفعها صاحب بقالة على زبون لم يدفع ثمن نصف كيس سكر، وصاحب البيت الذي اشتكى يريد تعويضا عن عملية الدهان غير المتقنة، والرجل الذي اشتكى بأن أحدا ممن يعرفهم ضربه بحذاء.


وبحسب التقرير، فإن الوثائق تظهر بأن تنظيم "داعش" كان مستعدا، بل حريصا، على التدخل في تفاصيل حياة الناس اليومية، وفي المقابل أن مئات الناس كانوا يثقون به لحل مشكلاتهم بشكل عادل، بغض النظر عن مدى "تفاهتها". 

وتنوه الصحيفة إلى أنه مع أن المناطق التي يسيطر عليها التنظيم هي جزء قليل جدا مما كان يسيطر عليه في السابق، إلا أن الوثائق تلقي الضوء على كيف استطاع التنظيم أن يسيطر على مساحات شاسعة أصلا، وقد تعطي دروسا للمعارك القادمة مع التنظيم، الذي لا يزال يسيطر على 1000 ميل مربع من أراضي سوريا والعراق.


وتكشف كاليماتشي عن أن هذه الوثائق تتألف من آلاف الملفات، التي تم العثور عليها في عدد من المباني التي كانت تستخدمها "الشرطة الإسلامية" في بلدة تلكيف في شمال العراق، وعثرت القوات العراقية على معظم هذه الوثائق عندما حررت المنطقة في أوائل عام 2017، وسلموا هذه الوثائق بدورهم لـ"نيويورك تايمز" لمشاركة العالم فيها.


ويذكر التقرير أن أصحاب البقالات والمتاجر كانوا يلجأون لتنظيم "داعش" الذي يحكمهم لتحصيل ديونهم للبضائع، سواء كان ثمن بقرة أو دجاجة أو لحم أو خضار، أو تغيير زيت، أو مدفأة، حيث رفع أحدهم قضية لأن زبونا لم يدفع له ثمن 150 مترا من أسلاك الكهرباء، لافتا إلى أن المزارعين لجأوا للتنظيم للتحقيق في الأضرار التي تسببت بها الماشية لمحاصيلهم الزراعية، وسعوا للحصول على تعويضات لخسارتهم للبطيخ، الذي مشت عليه قطعان الخراف، وقال آخر إن 21 بقرة قامت بتدمير حقله الذي كان قد زرعه حديثا.


وتبين الصحيفة أن ملفات الشرطة، احتوت بالإضافة إلى قضايا مثل سرقة 30 خروفا، على قضايا تشبه كثيرا القضايا في أي مركز شرطة في بلدة صغيرة، فكانت هناك حوادث سيارات، وسرقات بيوت، ورجال يشتبكون بالأيدي، ونقود سرقت من حقيبة سيدة بعد أن تركت باب سيارتها غير مقفل.


وتقول الكاتبة إن بعض القضايا التي كان تتعامل معها الشرطة كانت "تافهة" للغاية، فاشتكى أحدهم مثلا أن ابن جاره ضرب ابنه، وشدد على أن الطفل الذي قام بالضرب كان أكبر من الطفل المضروب، فيما اتهم آخر أحد معارفه بأنه شتمه بكلمة "قواد"، وآخر اشتكى بأن أحدهم شتمه قائلا له إنه "حذاء".


وبحسب التقرير، فإن العدالة كانت تتم بسرعة وبفعالية؛ وذلك لأن لا أحد كان يرغب في المغامرة بأن تتم عقوبته من المتطرفين، مشيرا إلى أنه مع ذلك، فإن حقيقة أن مئات المدنيين العراقيين كانوا مستعدين لرفع الشكاوى، بما في ذلك ضد مقاتلين مع التنظيم، يعني أن بعض العراقيين على الأقل اعتقدوا بأن التنظيم سينصفهم.


وتذكر الصحيفة أنه حتى المواطنون الذين عانوا على أيدي "داعش" مدحوا هذا الجانب، وقالوا إن التنظيم لم يكن عادلا فقط في الخلافات التي لا علاقة لها بالدين، بل كان مستعدا لمعالجة مشكلات كانت سلطات أخرى سترفض النظر فيها، متسائلة: "فهل كانت الحكومة العراقية مستعدة لمتابعة قضية الدجاجة المسروقة؟".


وتنقل كاليماتشي عن علوش عماد، وهو الأخ الأصغر لزياد عماد، قوله: "ما كانوا ليستمعوا حتى للشكوى؛ لأنها كانت حول 4000 دينار فقط.. ويجب أن تكون لك واسطة.. فمن ناحية العدالة كان تنظيم الدولة أفضل من الحكومة".


ويشير التقرير إلى أنه بعد أن رفض المقاتل دفع المبلغ الذي يدين به لعماد، تاجر الدجاج، قام عماد بإغلاق بسطته، ولبس ملابس جديدة، ثم توجه إلى محطة الشرطة في شارع البريد، وكانت هناك عدة خطوات لتقديم شكوى، وكل خطوة هناك طلبات يجب تعبئتها، وهذا كان سر الكم الكبير من الوثائق التي عثر عليها في محطة الشرطة القديمة.


وتفيد الصحيفة بأنه عندما ذهب عماد لتقديم الشكوى فإنه جلس مع رئيس المحطة، الذي استمع إلى شكواه، ثم جر ورقة تحمل اسم الدولة الإسلامية، وكتب بقلم أزرق قضية رقم 329، ثم كتب الأحد الساعة العاشرة صباحا، 22-1-2016، وكتب الشكوى من المدعي زيد عماد خلف، والمدعى عليه بريق، الذي لا يزال يدين بـ4000 دينار عراقي للمدعي بعد أن باعه دجاجة، ثم سحب استمارة أخرى، هي عبارة عن مذكرة استدعاء لمحطة الشرطة، مع تحذير بالعقوبة إن لم يحضر، وأرسل المذكرة مع أحد العاملين على دراجة نارية لإيصالها، وجاء المدعى عليه في اليوم التالي، ودفع المبلغ، وقام رئيس المحطة بكتابة إيصال بنسختين وقعها كل منهما، وبصما عليها.


وتقول الكاتبة: "أخبرنا عبد الوحيد عبدالله من سكان بلدة تلكيف، بأنه كان عليه مبلغ 145 دولارا لابن عمه، الذي نقل له بعض المواد الثقيلة، وأنه دفع له نصف المبلغ، ولكن نفدت نقوده فتوقف عن دفع الأقساط، لكنه فوجئ بأن ابن عمه رفع عليه قضية، وأعطاه تنظيم الدولة تاريخا لدفع المبلغ، وقال إنه لا يهمهم إن لم تكن لديه نقود، فقام ببيع بعض الأخشاب التي كان يريد استخدامها في البناء بخسارة ليدفع دينه".


وينقل التقرير عن عبدالله، قوله إنه كان غاضبا على ابن عمه لفترة، لكنه يعترف بأنه لو لم يكن الأمر وصل إلى رفع القضية ربما لم يكن ليدفع ما كان عليه من نقود.


وتبين الصحيقة أنه عندما كان الخلاف يتعلق بشتم طرف لآخر، أو الاعتداء عليه، فإن تنظيم الدولة كان يؤدي دور مدير المدرسة الذي يطلب من الطالب المشاغب أن يعتذر، فمثلا في القضية رقم 393 مثلا، حيث قام ثلاثة رعاة بإلحاق الضرر بمزارع طلب منهم منع أغنامهم من الدوس على مزروعاته، فكتب الثلاثة تعهدا بعدم الاعتداء على أحمد محمد قادر، وألا يشتموه، وألا يسمحوا لأغنامهم بدخول أرضه، وليكون هذا القرار الذي وقعوا عليه فعالا فإن فقرة أضيفت إليه بأن يتوقعوا عقوبات قانونية إن أخلوا بما أخذوه على أنفسهم.

(عربي 21)

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك