سلطت صحيفة "الغارديان" البريطانية الضوء على المأساة الإنسانية لسكان مدينة درعا السورية في الجنوب، والتي تتعرض لقصف متواصل، مشيرة إلى فرار المدنيين من الموت إلى المجهول، وعدم تخصيص أماكن لاستقبال النازحين، وشح المواد الغذائية والطبية.
"أم سليمان" وأطفالها ينامون في سقيفة صغيرة مع خمس عوائل سورية أخرى على بُعد نحو كيلومتر واحد من الحدود الأردنية مع سوريا، حيث هربت مع أطفالها من منزلهم، تقول: "هربنا في الليل، كنا مرعوبين".
أسرة "أم سليمان" من بين مجموعة من المدنيين السوريين الذين فروا من منازلهم في جنوبي البلاد خلال الأسبوع الماضي، وذلك بعد قصف جوي لا هوادة فيه من قِبل القوات الموالية للنظام السوري.
وكان من المفترض أن تكون درعا محميَّة وفقاً لاتفاقية خفض التصعيد التي أُعلن عنها، في حزيران الماضي، من قِبل الأردن والولايات المتحدة وروسيا، لكن هذه الهدنة بدأت تتفكك أواخر الشهر الماضي، عندما بدأ هجوم من قِبل قوات النظام لاستعادة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وفي الأيام العشرة الماضية، يُعتقد أن القصف والغارات الجوية قتلت أكثر من 200 مدني، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بينهم نحو 17 امرأة و19 طفلاً على الأقل.
وتقول إسراء الرفاعي، وهي ناشطة محلية من درعا تمكنت من الهرب مع عائلتها: إنه "في الوقت الذي يواصل فيه النظام السوري وحلفاؤه القصف على مناطق الثوار، فإنه ليس أمام الأهالي إلا الفرار أو العيش داخل أقبية منازل غير محصنة".
وتضيف الرفاعي: "كان مشهد مغادرة العائلات المذعورة وهي تفر مرعباً، تراكمت الشاحنات طوال ساعات النهار والليل وهي محملة بالعائلات، النساء تبكي، وكان الأطفال يضحكون؛ إنهم لا يفهمون طبيعة ما يجري".
وتسعى دمشق لاستعادة هذا الجزء من سوريا، ما يشكل لها نصراً استراتيجياً؛ فهي منطقة تقع على الحدود مع "إسرائيل" والأردن، كما أن لمدينة درعا رمزية كبيرة؛ لكونها شكَّلت مهد "الثورة السورية" التي انطلقت عام 2011 وأشعلت شرارتها ضد النظام.
ومنذ 19 حزيران الماضي، أرسل النظام نحو 52 ألف مقاتل إلى مناطق جنوبي البلاد؛ للسيطرة على درعا والقنيطرة، الخاضعتين لسيطرة المعارضة السورية، بحسب الصحيفة.
العائلات الهاربة من جحيم الموت في درعا لم تجد ملاذاً لها إلا في بعض الأبنية المدرسية والمباني الحكومية، وفقاً لموسى الزعبي رئيس لجنة الطوارئ بمجلس محافظة درعا، الذي تحدث لـ"الغارديان"، مستدركاً: "لكنّ أغلب العائلات تنام في الشوارع وبساتين الزيتون، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء".
الميسورون من هؤلاء النازحين يمكن لهم أن يشتروا خيمة صارت تباع بنحو 250 دولاراً، في حين أحضر آخرون خيامهم معهم، وتقول الرفاعي: "لم أتخيل قَط أنه في يوم من الأيام سأعيش في خيمة".
وأدى القصف الذي تشنه قوات النظام إلى قطع طرق الإمداد الرئيسية، ما رفع الأسعار على السلع مثل الديزل والأغذية المصنَّعة، وأوصل برنامج الأغذية العالمي الإمدادات من خلال معبر الرمثا الأردني مع سوريا، "فهو شريان الحياة الوحيد بالنسبة للنازحين من درعا"، كما تقول المتحدثة باسم البرنامج مروة عوض.
علاء الدويري، أحد الفارين من بصرى الحرير، وصف ما جرى في مدينته بأنه "مشهد من مشاهد يوم القيامة"، في إشارة إلى كثافة القصف الذي شنته قوات النظام والقوات الروسية.
في حين يقول موسى الزعبي، لـ"الغارديان": إن "المقاتلِين في درعا لن يستسلموا، سيقاتلون إلى النهاية، بغض النظر عن موقف الولايات المتحدة".
(غارديان-الخليج اونلاين)