عاد تنظيم "داعش" بقوة إلى واجهة الأحداث، وظهر في مناطق بسوريا متباعدة جغرافياً، الأمر الذي ربطه محللون بالتطورات العسكرية الأخيرة، فضلاً عن اتهامه بتهيئة المبررات "محاربة الإرهاب" للنظام السوري.
وبسط التنظيم سيطرته على بلدة "حيط" في ريف درعا الجنوبي، عقب اشتباكات عنيفة مع العديد من المجموعات المسلحة من فصائل المعارضة السورية، حيث قام بعمليتين انتحاريتين الأسبوع الماضي، وسبق ذلك تفجير انتحاري من التنظيم بمفخخة في زيزون، أسفرت عن مقتل 14 مقاتلاً من الجيش السوري.
وفي السياق، اعتبر رئيس مجلس السوريين الأحرار والمحلل السياسي أسامة بشير، أنّ "ما يحدث في الجنوب معركة مدبلجة؛ لتسليم ما تبقى من مناطق للنظام".
وتزامن تقدم التنظيم في الجنوب مع سيطرته على حقل الصيجان النفطي في ريف دير الزور الشرقي مع معارك مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، كما نشرت "فرات بوست" في دلالة واضحة على احتفاظ التنظيم ببعض من قوته، وقدرته على أخذ زمام المبادرة من خلال شن العمليات العسكرية التي يسميها "غزوات".
وتُعدُّ الاغتيالات في محافظة إدلب والشمال السوري عموماً الظاهرة الأبرز لنشاط التنظيم مؤخراً، رغم محاولات استئصاله من قبل قوى المعارضة جميعها.
ولفت بشير إلى أنَّ "هدف عمليات الاغتيال خلق مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المناطق المحررة؛ لإثارة الشارع ضد الفصائل الثورية، ودفعه لتفضيل النظام عليها".
بدوره، رأى الخبير العسكري العميد حاتم الراوي أن "تحريك داعش في هذا التوقيت يأتي لخلط الأوراق، وتأخير الاستقرار". ويبدو لافتاً تركيز التنظيم على عمليات الاغتيال على القادة والوجوه البارزة عموماً، وعلى عناصر تحرير الشام خصوصاً، وتترافق عمليات الاغتيال بممارسات فيها طابع التشفي.
ويقول الناشط الإعلامي محمود الهادي من محافظة إدلب: "يوميّاً نشهد عمليات اغتيال، وبطرق مختلفة، منها الرمي بالرصاص من سيارات مغلقة على المستهدفين أثناء السير في الشوارع، وهناك حالات عُلقِّت فيها الرؤوس المقطوعة على الجسور، وتكررت الحالة في أريحا مرتين، حيث قتل يوم أمس من منطقة معرشمارين شرق معرة النعمان عسكريان تابعان لهيئة تحرير الشام".
وأضاف محمود: "لم تنجح حملات الأمنيين في مناطق المعارضة في الحد من عمليات الاغتيال والسيارات المفخخة، فقد اغتال مجهولون يعتقد أنهم من التنظيم القيادي في لواء السلطان مراد، أبو أحمد سنساوي، في مدينة الدانا التابعة لإدلب".
ولم يكتفِ التنظيم بذلك، فقام بتفجير عبوة ناسفة في المدينة نفسها، استهدفت موكب تشييع سنساوي، في دلالة واضحة على تحدي التنظيم للمعارضة.
ووصل التحدي، وفق محمود، لإعلان التنظيم غزوة الشرعي أبو البراء الساحلي، رداً على إعدامه من هيئة تحرير الشام، حيث أعدمته الهيئة ذبحاً في سرمين؛ لقتله عناصر من الهيئة سابقا بالطريقة ذاتها، وجاءت عملية إعدامه في سياق حملة أمنية واسعة لها أكثر من شهر ضد عناصر التنظيم.
ويتهم متابعون النظام السوري بالتعاون مع داعش في تنفيذ عمليات الاغتيال وزعزعة الأمن في إدلب. يقول رئيس مجلس السوريين الأحرار: "تحرك داعش النشط في هذا الوقت بالذات هو لإعطاء النظام والروس وقوات التحالف شرعية لقصف إدلب".
وفي السياق ذاته، يرى العميد حاتم الراوي أن "المجتمع الدولي اتخذ قرار الاستقرار الأمني في سوريا، وهذا لن يتحقق إلا بسحب السلاح من المعارضة السورية، وإخراج القوات الإيرانية وتوابعها من سوريا، وتحركات داعش وعمليات الاغتيال تشكل بيئة مناسبة لتغيرات في إدلب، لا سيما أن تركيا هي صاحبة اليد الطولى في تفكيك الحالة في إدلب".
(عربي21)