نشرت صحيفة "عرب نيوز" السعودية تقريراً تناولت فيه لجوء الصين إلى الوسائل الاقتصادية لبسط نفوذها في الشرق الأوسط، تماماً كما فعلت الولايات المتحدة الأميركية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وانطلقت الصحيفة من إعلان الرئيس الصيني شي جين بينغ منح قروض بقيمة 20 مليار دولار للبلاد العربية وتقديم مساعدات مالية بما يتخطى 100 مليون دولار للبنان والأردن وفلسطين وسوريا واليمن وإنشاء اتحاد مصارف لإدارة صندوق بقيمة 3 مليارات دولار، مبينةً أنّ توقيت الإعلان تزامن مع الذكرى لـ70 لخطة مارشال التي قضت بتقديم الولايات المتحدة من العام 1948 إلى العام 1953 مساعدات اقتصادية بمليارات الدولارات لدعم عملية إعادة الإعمار في أوروبا.
وأوضحت الصحيفة أنّ الصين تهدف عن طريق التدابير هذه إلى رعاية النمو الإقليمي، عبر لعب دور قوة مثبّتة للاستقرار ومهدئة للتوترات، ناقلةً عن الرئيس الصيني قوله إنّ بلاده تسعى إلى بناء شركة استراتيجية مع جامعة الدول العربية لتصبح حافظة السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ القيادة الصينية اعترفت باتخاذها هذه التدابير، التي تمثّل جزءاً من مبادرة الحزام والطريق، وبأنّ اعتماد مقاربة عدم التدخل في المشاكل السياسية والأمنية في الشرق الأوسط مسألة واهية. كما اعتبرت الصحيفة أنّ ورقة سياسة الصين العربية التي صدرت في العام 2016 تمثّل أهم اعتراف رسمي صيني بأن الأهداف البنيوية التحتية والاقتصادية والتنموية التي ترغب بكين في تحقيقها في المنطقة تتداخل مع الاعتبارات السياسية والأمنية.
وفيما شرحت الصحيفة أنّ هذه الورقة تنص على أنّ تحقيق الصين أهدافها الأساسية يتطلب التزاماً أكبر منها في الشرق الأوسط، ذكّرت بأنّ الحكومة الصينية استضافت ممثلين عن النظام السوري والمعارضة، وأبدت رغبتها في لعب دور في إرساء الاستقرار في سوريا، وبأنّ نائب وزير الخارجية الصيني زار السعودية وإيران بعد سحب عدد من الدول الخليجية سفراءها من طهران إثر الاعتداء على السفارة السعودية في العام 2016، وبأنّ بكين افتتحت أول قاعدة عسكرية لها خارج البلاد في جيبوتي مؤخراً.
توازياً، تناولت الصحيفة العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تسخدمها الصين كوسيلة أساسية لتحقيق مصالحها في المنطقة، مستشهدةً بتفوّق الصين على الولايات المتحدة في العام 2016، إذ أصبحت أكبر مستثمر في العالم العربي مع استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 30 مليار دولار تقريباً. وفي السياق نفسه، لفتت الصيحفة إلى أنّ الصين أنفقت ما يزيد من 35 مليار دولار على مبادرة الحزام والحرير خلال السنوات الـ5 الفائتة، لا سيّما على بنى المواصلات التحتية مثل السكك الحديدة والمرافئ وأنابيب وشبكات الطاقة.
في المقابل، توقفت الصحيفة عند الاضطرابات السياسية والنزاعات وانعدام الأمن في منطقة الشرق الأوسط، موضحةً أنّها ستظل تشكّل تحديات كبرى بالنسبة إلى النوايا الصينية.
ومقارنة مع خطة مارشال التي شكّلت أداة قوة ناعمة للسياسة والقيم الأميركية ومكّنت الولايات المتحدة من تحقيق مكاسب على المستويين السياسي والجيوستراتيجي في العالم، توقعت الصحيفة أنّ تحقق بكين نجاحاً مثل واشنطن.
(ترجمة "لبنان 24" - Arab News)