مع إحتدام الصراع بين أقطاب النفط العالمي، مع توجّه الولايات المتحدة إلى تشديد العقوبات على إيران إلى حد حرمانها تماماً من صادرات النفط الخام، وفي المقابل مطالبة ترامب المملكة السعودية برفع إنتاجها من النفط وزيادة الإمدادات من أجل تعويض انخفاض الصادرات الإيرانية، ودخول التظاهرات المتصاعدة في عدد من محافظات العراق الأسبوع الثالث، تثار تساؤلات عدة حول الجهات التي تحركها، ولاسيما في ظل توجه البعض منها نحو حقول النفط، وانطلاق أخرى إلى مقار الأحزاب السياسية وإحراقها.
وفيما أبدت السعودية والإمارات إستعدادهما لتلبية طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإستخدام طاقتهما الإنتاجية النفطية الاحتياطية عند الحاجة دفع بإيران رفع سقف المواجهة والتهديد، وقد عبّر الرئيس الإيراني حسن روحاني عن سخط واضح من الضغوط الأميركية، مهدّدا "بمنع تصدير نفط المنطقة إذا مُنعت بلاده من ذلك"، خصوصا أن هذا الإجراء من شأنه إفقاد طهران المورد المالي الأهم في وقت تشهد اضطرابات داخلية ناجمة من صعوبات معيشية واقتصادية في ظلّ العقوبات الأميركية.
وهو ما يطرح علامات إستفهام كبيرة حول ما ستؤول إليه الأمور، وفيما لو ذهبت إيران نحو الخيار العسكري بعد حشرها في الزاوية مع حرمانها من أهم مورد للخزينة الدولة؟
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن صادرات النفط الإقليمية قد تتعرض للخطر، إذا حاولت واشنطن الضغط على دول العالم لوقف شراء النفط الخام من إيران.
ونُقل عن روحاني قوله مساء الاثنين خلال زيارة لسويسرا: "زعم الأميركيون أنهم يريدون وقف صادرات النفط الإيرانية بالكامل. إنهم لا يفهمون معنى هذا التصريح، لأنه لا معنى لعدم تصدير النفط الإيراني بينما يجري تصدير نفط المنطقة".
وقال روحاني أمام حشد من الإيرانيين المقيمين في سويسرا "إذا كنتم (أيها الأميركيون) تستطيعون، فافعلوا وسترون نتيجة ذلك".
تظاهرات العراق
وعلى رغم أن الاحتجاجات الشعبية العراقية خرجت في بدايتها تطالب بتوفير الخدمات وبالخصوص التيار الكهربائي، وتوفير فرص عمل للعاطلين، إلا أن جهات حكومية وصفت التظاهرات بأنها "مخترقة"، وأن بعض "المندسين" يهدف إلى حرفها عن مسارها.
وفي ظل غياب قيادة واضحة للتظاهرات، ازدادت التكهنات بطبيعة الأجندات التي تحركها. واتهم بعض المراقبين إيران بالوقوف وراءها من خلال توجيه المتظاهرين نحو حقول النفط، ردا على إجراءات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ضد صادراتها النفطية.
لكن هناك من يذهب إلى أن حرق مقار الأحزاب، طال جهات قريبة من إيران ومنها منظمة بدر ومليشيات "عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله"، إضافة إلى تيار "الحكمة"، وهذا دليل على أن جهات أميركية تقف وراءها، وليس إيران.
وكان الموقع الإخباري لوزارة النفط الإيرانية (شانا) ذكر في وقت سابق إن العراق وإيران بدأتا مبادلة النفط الخام في إطار صفقة بين البلدين، مشيرا إلى أن المشاكل اللوجستية تم حلها.
وبموجب الصفقة، يجري نقل الخام من حقل كركوك في شمال العراق بالشاحنات إلى إيران، التي ستستخدم النفط في مصافيها وتصدر كمية مماثلة من خامها نيابة عن بغداد من الموانئ الجنوبية المطلة على الخليج.
وذكر "شانا" أنه من المقرر نقل ما بين 30 و60 ألف برميل يوميا من خام كركوك بالشاحنات إلى دره شهر في جنوب شرق إيران.
وكان من المفترض تنفيذ هذه الخطة في كانون الثاني الماضي وربما لم تكن لتمضي قدما بسبب مشكلات أمنية بعدما قالت إيران إن ليس لديها أجهزة أشعة سينية لفحص الشاحنات الآتية من العراق.
وكانت القوات العراقية قد أعلنت في شباط الماضي عن بدء عملية عسكرية تهدف إلى تعزيز سيطرتها على منطقة قريبة من الحدود مع إيران، لاستخدامها في نقل النفط العراقي إلى طهران.
وذكر حينها أن عملية تأمين سلسلة جبال حمرين تأتي لمواجهة خطر جماعة مسلحة في المنطقة الواقعة بين حقول نفط كركوك وخانقين على الحدود مع إيران.
ويعتقد أن مقاتلي الجماعة التي تنشط في المنطقة المذكورة هم مجموعة من الأكراد ممن نزحوا من مناطق كركوك وطوزخورماتو" في تشرين الأول من العام 2017، عندما سيطرت القوات العراقية على المنطقة.
وتتيح صفقة المبادلة للعراق استئناف مبيعات خام كركوك التي توقفت منذ استعادة القوات العراقية السيطرة على الحقول النفطية من الأكراد في تشرين الأول 2017.
وسيطرت القوات الكردية على كركوك في 2014، حينما انهار الجيش العراقي في مواجهة هجوم كاسح لتنظيم الدولة الإسلامية وهو ما حال دون وقوع حقول النفط بالمنطقة في أيدي المتشددين.