سلطت دراسة إسرائيلية أصدرها معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب الضوء على ما قالت إنه نموذج التأثير الإيراني المتزايد في سوريا.
وقالت الدراسة إن "إيران هي الطرف الأكثر تأثيرا في سوريا، وتعتبر العنوان المركزي للخطة القتالية التي يعمل بموجبها التحالف المؤيد للرئيس بشار الأسد، وهذا التأثير يأخذ شكلين رئيسيين، أولهما التحكم في مسارات الحركة داخل سوريا، بما يشمل السيطرة الجغرافية على مختلف المناطق السورية، والسعي الإيراني لإيجاد الهلال الشيعي، وثانيهما بناء القوة العسكرية القائمة على تجنيد عناصر محلية وخارجية معظمهم من الشيعة، تابعين بالكلية للسيطرة والقرار الإيراني، بعضهم سيبقى في سوريا، والآخر يتم استدعاؤه للقتال وقت الحاجة".
وأوضحت الدراسة أن "إسرائيل لا ترى في هذه القوات العسكرية المسلحة تهديدا مباشرا عليها، على الأقل في المدى القريب، لكنها معنية بعدم إيجاد نفوذ عسكري إيراني ثقيل قد يشكل تهديدا مباشرا عليها في المستقبل، وبالتالي سيبقى الخيار العسكري بيد إسرائيل لاستهداف المبعوثين الإيرانيين في سوريا، طالما أن الأسد وروسيا لم ينجحا في إبعادهم عن الحدود الإسرائيلية مع هضبة الجولان".
مسارات التحكم
وأوضحت الدراسة التي أعدها أوريت بارلوف وأودي ديكل، الباحثان في المعهد، أن "التحكم الجغرافي الإيراني في مسارات الحركة داخل سوريا للحفاظ على نظام الأسد من الانهيار، يقوم على ربط إيران جغرافياً بالبحر المتوسط من خلال المسارات التالية:
1- العمود الفقري: وهو "القائم على السيطرة على المدن الرئيسية في سوريا، خاصة من خلال وسطها وشمالها حيث تتركز غالبية السكان ومراكز السلطة والاقتصاد، حيث إن عنوان انتصار النظام يأتي من إعلان سيطرته الفعلية على الطريق الواصل من درعا في الجنوب، مرورا إلى العاصمة دمشق، وصولا إلى حمص شمالا مع حماة وحلب، وانتهاء نحو اللاذقية غربا".
2- التواصل الإقليمي: بحيث "تضع إيران يدها على جملة مسارات توصلها إلى البحر المتوسط، بدءا بالحدود السورية ـ اللبنانية، ثم غلاف دمشق، وصولا إلى الحدود العراقية السورية، بجانب مسارات الشرق والغرب".
وأوضحت أن هذا التواصل يعني "الوجود العسكري الإيراني في جنوب سوريا، ومستقبلا سيتم نقل هذه القوات للسيطرة على القطاع الكردي في شمال شرق سوريا الذي يحظى بدعم أميركي، حتى تصل السيطرة لمنطقة إدلب، وهي المعقل الأخير للمعارضة السنية المحمية من تركيا، وفي ظل أن السيطرة على هذه المسارات تأخذ أبعادا أكثر تعقيدا، فإن إيران أرجأت سيطرتها عليها لمراحل متقدمة من القتال".
3- المسار اللوجستي: الذي "يوفر الدعم بمختلف أشكاله برا وجوا، هي القادمة من إيران مرورا بالعراق وصولا إلى سوريا، بجانب لبنان، وهو ما أسماه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في آب 2017 "طريق التحرير"، الحيوي جدا لترسيخ الوجود الإيراني في سوريا، ونقل القوات والأسلحة والوسائل القتالية".
4-المسار التجاري: وهو الذي "سيفتح مجددا بعدما أغلق في السنوات الماضية، ويمر عبر مسار العمود الفقري من شمال سوريا إلى جنوبها، وعلى طول الطريق الدولي من تركيا إلى سوريا والأردن وصولا لدول الخليج، مما يساعد في ترميم الدولة وإعادة إعمارها اقتصاديا، ويرفع عن إيران بعضا من العبء الاقتصادي".
البنية العسكرية
وذكرت الدراسة الإسرائيلية أن البنية العسكرية الإيرانية القائمة في سوريا، مكونة من:
- فيلق القدس التابع للحرس الثوري: ويتكون "اليوم في سوريا ما بين 2000-5000 مقاتل، يشمل ضباطا ومستشارين ومدربين، وبعد أن اقتصرت مهمته في البداية على العمليات الدفاعية لإبقاء نظام الأسد قائما، تحولت إلى هجومية، ودعم لاستعادة المدن من سيطرة المعارضة".
- قوات الدفاع الوطنية السورية: وقد تم تشكيلها "عقب حالة التفكك التي ألمت بالجيش السوري النظامي لأسباب كثيرة، حيث قررت إيران أن تقيم للأسد مليشيات سورية القيادة والتدريب، لكنها إيرانية التمويل والتسليح، وهي موازية لقوات الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان، وعدد هذه القوات اليوم 90 ألف متطوع، معظمهم من العلويين والشيعة.
- قوات الدفاع المحلية: وهي "وحدات إدارية شرطية مدنية تابعة لمليشيات محلية، يقدر عددها بخمسين ألفا من عناصر النظام الموثوقين، أقامتها إيران لتصفية المتعاونين مع المعارضة وملاحقتهم".
- المليشيات الشيعية: القادمة من أفغانستان وتسمى الفاطميون، أو باكستان ويسمون الزينبيون، وهم "مشغلون من إيران وعددهم 10-15 ألفا، مهمتهم تحرير المناطق من سيطرة المعارضة، وتقوية الشيعة والعلويين بسوريا، وحمايتهم من عمليات انتقامية، ويقوم نظام الأسد برعايتهم وعائلاتهم، وتجنيسهم".
- المليشيات الشيعية من العراق ولبنان: ومنها "الرضوان، عصائب الحق، النجباء، لواء ذو الفقار، لواء أبو الفضل العباس، القوة الجعفرية، وغيرها، وتعد تقريبا بـ30 ألفا".
وختمت الدراسة الإسرائيلية بالقول إن "إيران ليست معنية بالظهور كأنها مسيطرة على سوريا، وإنما تفضل البقاء خلف الكواليس من خلال هذه المجموعات المسلحة، ومد نفوذها المدني والعسكري في الدولة السورية".
(عربي 21)