تحديات كثيرة واجهها "الزعيم" عادل إمام في سباق الدراما الرمضانية لهذا العام عبر مسلسل "عوالم خفية" الذي لعب بطولته مع مجموعة كبيرة من الفنانين، سواء من أبناء جيله أو الأجيال التالية، ومنهم صلاح عبدالله وأسامة عباس وفتحي عبد الوهاب وبشرى ومي سليم وأحمد وفيق وهبة مجدي وهند عبدالحليم ومحمد عز وتأليف أمين جمال ومحمد محرز ومحمود حمدان وإخراج نجله رامي إمام.
وجاء في مقدمة هذه التحديات مطالبات بعضهم له بالاعتزال، بداعي نفاد رصيده الدرامي بعد مسلسله الذي واجه انتقادات عدة في رمضان قبل الماضي "عفاريت عدلي علام"، وتخليه عن مؤلفه المفضل في السنوات الأخيرة يوسف معاطي، واستعانته بمؤلفين شباب كتبوا سيناريو وحوار المسلسل بنظام "الورشة"، وهو الأمر الذي لم يصدقه كثر في بداية التحضير للعمل، إضافة إلى تخليه في صورة استثنائية عن الكوميديا التي اتخذها جلباباً رئيساً له طوال مشواره الفني، وابتعاده تماماً عن دراما الأكشن والعنف والتشويق والإثارة التي باتت الوجبة المفضلة لصناع الدراما منذ ثورة 25 كانون الثاني 2011.
دارت الأحداث حول صحافي معارض "هلال كامل"، جسده عادل إمام، يعمل في صحيفة "نبض الشعب" التي يرأس تحريرها صديقه، "دراز أبو المعاطي" (صلاح عبدالله)، ويكتب مقالاً أسبوعياً يحرك الرأي العام تجاه إحدى القضايا، ويعثر ذات يوم لدى بائع كتب على كتاب عنوانه "عوالم خفية" يكتشف أنه عبارة عن مذكرات ممثلة شهيرة "مريم رياض" (رانيا فريد شوقي)، ارتبطت بعلاقات متشابكة مع العديد من كبار مسؤولي الدولة، وتزوجت من أحدهم عرفياً، وأنجبت ابنة لم يعترف والدها بها، ويتم إلقاء "مريم" من شرفة منزلها لتلقى مصرعها، بعدما انتهت من مذكراتها وتحدثت بالوثائق والأدلة عن هذه الشخصيات ووقائعها معهم في مذكراتها بالأحرف الأولى من أسمائهم، ويأخذ "هلال" على عاتقه فك شفرات هذه الحروف، ويتوصل إلى أصحابها بعدما تبوأوا مناصب مرموقة وذات حصانة في الدولة.
ربط بعضهم في البداية بين "مريم رياض" والسندريلا سعاد حسني، في ما يتعلق بواقعة الموت وما إذا كانت انتحاراً أم قتلاً، ولكن سرعان ما تم التراجع عن هذا الربط لاختلافات شكلية وضمنية، واختار المؤلفون الثلاثة المذكرات وخطوطها وشخصياتها المتعددة لتكون منطلقاً لسير الأحداث، وهو اختيار موفق أبعد "الزعيم" عن المواضيع التقليدية التي قدمها في مسلسلاته الأخيرة وانتقصت كثيراً من رصيده الفني، ودوره الذي يفترض تقديمه في أعماله الفنية ليتناسب طردياً مع حجم موهبته وجماهيريته، حيث وجد في المذكرات ما هو أكبر من قضية قتل "مريم رياض".
ففي البداية تتبع قضية شحنة مستلزمات طبية سامة ومنتهية الصلاحية وغير مطابقة للمواصفات، سجن بسببها، "سعيد غنام" (أحمد صيام)، ظلماً طوال 22 عاماً، ويكتشف أن الطبيب الذي تاجر في المستلزمات الطبية الملوثة أصبح وزيراً للصحة، وأنه من تزوج "مريم" وأنجب منها ابنتها الوحيدة، ويتم إلقاء القبض على وزير الصحة ومدير الموانئ والمتورطين معهما.
وتوالت القضايا التي فجرتها المذكرات لاحقاً، وتورط فيها مسؤولون وشخصيات مهمة.
وتناولت في شكل درامي جيد واقعة الحفلة "الحقيقية" التي رفعت فيها أعلام الشذوذ والمثلية الجنسية في منطقة أثرية، وكشفت الغطاء عن جرائم ارتكبت باسم الإنسانية، كما في واقعة دار "ملائكة الرحمة"، حيث تعذيب عدد من الأطفال، وخطف آخرين من الشوارع للعمل كمتسولين، وكشفت عن برلماني كبير يتاجر في المخدرات، وعن التمويل الخارجي لأحد مرشحي الرئاسة والذي يمول من الباطن إحدى صحف المعارضة، إضافة إلى متاجرين في الأعضاء البشرية، وتسبب في إقالة وزير التربية والتعليم من طريق تفجير قضية موظف يقوم بتزوير العديد من الشهادات، بما فيها شهادة الدكتوراه الخاصة به والتي تولى بموجبها منصباً كبيراً، كمدير لمركز تطوير المناهج في وزارة التربية والتعليم، وشريكاً من الباطن في عدد من المدارس الخاصة.