تحت عنوان "إلى حكومة أقطاب استثنائية: رداً على "صفقة العصر"" كتب حسين أيوب في صحيفة "الأخبار" مشيراً الى انه بعد أكثر من شهر من الانتظار، قدم الرئيس المكلف سعد الحريري تصوراً أولياً لنسبة الحصص الوزارية ـــ السياسية، كان بمقدوره تقديمه بعد ساعة واحدة من التكليف. فهل استحق الأمر كل هذا الانتظار؟ وهل العقد التي لم يجد لها حلاً خلال عشرة أيام، يمكن أن يذللها خلال شهر ثان من التكليف، في ظل مؤشرات تشي بالعودة إلى الوراء؟
واعتبر أيوب، أنه في الإقليم، من يدعونا إلى "صفقة القرن" بهدف هو تصفية القضية الفلسطينية، مشيراً الى ان "إغراءات" متعددة قُدمَت إلى بعض العرب، وبعضهم الآخر، صار أكثر من شريك في "الصفقة"، وأولهم محمد بن سلمان ومحمد بن زايد. لم تعد اللقاءات السعودية ــــ الإسرائيلية ولا الإماراتية ــــ الإسرائيلية مخفية. أكثر من لقاء عقد بين بنيامين نتنياهو ومحمد بن سلمان في الأشهر الأخيرة، بحسب مصادر سعودية واسعة الإطلاع وليس استناداً إلى مصادر إسرائيلية.
وأضاف: الفلسطينيون متهيّبون، حتى محمود عباس، الذي يتعمد الأميركيون تهميشه وتجاهله وصولاً إلى البحث عن بدائل دحلانية له، لا يجرؤ على تجاوز"الوقائع". الملك الأردني عبد الله الثاني يخشى اهتزاز عرشه. إغراءات قمة مكة لم تكن كافية. هو مدرك أن "الصفقة" ستضع بلده ورأسه تحت جزمة بن سلمان. قوى المقاومة في فلسطين، وضعت نفسها في مواجهة "الصفقة". مسيرات العودة جزء من هذه المواجهة، ولن تتوقف. الجولة الصاروخية الأخيرة مع الاحتلال منعته من فرض قواعده الخاصة. لم تعد المقاومة مكبلة اليدين بل قادرة على فرض قواعد اشتباك جديدة ومكلفة للعدو.
أما في سوريا، فيؤكد أيوب ان لا عودة إلى الوراء. مسار استعادة الدولة السورية سلطتها على أراضيها هو مسار تراكمي. كل التحذيرات الدولية والإسرائيلية لم تحل دون انطلاقة معركة الجنوب السوري. الأخطار موجودة، وأبرزها إمكان دخول الولايات المتحدة أو إسرائيل أو كلاهما، على خط "الجبهة الجنوبية". يقود ذلك حتماً إلى سؤال المواجهة. لن يتراجع الإيرانيون إلى الوراء، ولن يكون سهلاً على الإسرائيليين فرض قواعد اشتباك وافقت عليها الدولة السورية قبل 45 عاماً.
أما لبنانياً، فأكد أيوب أن البلد بمنأى لن يكون عن كل حراك الإقليم، "صفقة القرن" سيدفع ثمنها الفلسطينيون أولاً، وبينهم بطبيعة الحال أهل الشتات. فهل نملك تصوراً لبنانياً لمواجهة تداعيات شطب قضية العودة، وبالتالي ما هي مصائر كتلة تقدر بنحو 300 ألف فلسطيني في لبنان؟ وكيف للمواجهة أن تكون شاملة، وبوسائل مختلفة؟ ثم هل يفكر عاقل في لبنان بإمكان فتح الباب أمام مشروع التوطين ومن سيدفع الكلفة؟ زد على ذلك، أن هناك من يريد للتوطين أن يكون مزدوجاً، أي فلسطينياً وسورياً، بدليل كل معطيات التعامل الدولي، وخصوصاً الأوروبي مع قضية النازحين السوريين إلى لبنان. يصح القول من دون مبالغة أننا أمام مشروع تفجير جديد للبلد وتغيير لهويته وإدخاله في أتون حروب أهلية تبدأ ولا تنتهي.
وتابع: لهذه الأسباب وغيرها، ولأن "الصفقة" تقترب، لا بد من تذليل كل العقبات التي تعترض طريقها. "التذليل" قد يتخذ شكل تصفية أو اغتيال أو حرب أو فوضى أو أي شيء مختلف عما عرفناه من أساليب وظيفتها أن تمهد "على السخن" أو "على البارد" للآتي نحونا.
وقال: هنا، تتبدى، أولاً، مسؤولية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهي مسؤولية تاريخية، يمكن أن تضعه في مصاف القادة التاريخيين لبلده. آن الأوان للخروج من "جل" لبنان القوي. نعم، لبنان القوي يكون بعهد لكل اللبنانيين. يقيس الأمور وطنياً وليس من زواريب الموارنة أو "حواكير المسيحيين" أو حسابات السلطة والمنافع والتوريث. لبنان القوي يكون بدعوة سعد الحريري إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية استثنائية. برئاسته حتماً، احتراماً لنتائج الانتخابات النيابية، وتضم إليه من يرشحهما الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله عن حزب الله وحركة أمل، ووليد جنبلاط وطلال إرسلان عن الدروز ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام عن السنّة وسمير جعجع وجبران باسيل وسليمان فرنجية وأمين الجميل وعصام فارس وآغوب بقرادونيان عن المسيحيين وغيرهم من الأسماء الوازنة.
فلتكن حكومة أقطاب أو أقوياء، من القادرين على تحمل مسؤولية "القرار"، بمعزل عن اصطفافات 8 أو 14 آذار، أو اصطفافات المال والصفقات. حكومة يقترن عمرها بمهامها غير العادية، وعندما ينتفي الاستثناء، تُناقش بدائلها. هكذا حكومة يحتاجها لبنان، في هذه اللحظة الإقليمية الاستثنائية، فهل يبادر رئيس الجمهورية، من حيث لا يجرؤ الآخرون؟
وتابع: "إذا كانت الحسابات التي تتحكم بالتأليف الحكومي مرتبطة برئاسة الجمهورية المقبلة ومعها حسابات السلطة والنفوذ، في هذه الدائرة الطائفية أو تلك، يصبح الرهان صعباً، خصوصاً أن العقلية الإقصائية إذا لم نقل الإلغائية، هذه حسابات "دكنجية" وليست حسابات وطنية. المؤسف أن تصبح المعادلة الحكومية رهن "فجعان" أو "مفلس"، لذلك، تصبح مفهومةً هذه الشهية على الوزارات الدسمة، من زاوية ما يمكن أن تقدمه، هذه الحقيبة أو تلك، للجمهور الحزبي ربطاً بحسابات انتخابية ومالية، خاصة وعامة؟ والمؤسف أن الدروب المؤدية إلى الحكومة الموعودة، لا تبشر، اليوم، سوى بأيام صعبة، سياسياً واقتصادياً ومالياً. ستتشكل الحكومة في نهاية الأمر. لا أحد يريد أن يفرّط خارجياً بمظلة الاستقرار. هذا معطى دولي وإقليمي راسخ "حتى الآن".
وقال: ستتشكل الحكومة، ولن تُبدل مراهنة البعض على إنهاك المنتظرين وإتلاف أعصابهم، من حقيقة أن هناك من سيخرج من "المولد" بلا حمص. هذه النظرة، هناك من يُروّج لها على قاعدة "ترييح" التوزير المسيحي، طالما أن هناك قوى نيابية وازنة تستطيع أن توفر لمثل هذه الحكومة ثقة نيابية تتجاوز المائة صوت، وللآخرين، إذذاك، أن ينتقلوا إلى المعارضة. حتماً، ليس بمثل هكذا نظرة، يُقارب الملف الاقتصادي والمالي المتأزم أصلاً، والقابل لأن يكون أكثر دراماتيكية، وفق تقديرات معظم الخبراء الاقتصاديين... وطبعاً ليس بمثل هذه النظرة يقارب الملف الإقليمي الخطير، لكنه لبنان. فيه، يبحث اللاعبون عن صيغ تجعلهم محاطين حصراً بالـ"صغار"، كما هي حال سعد الحريري، عندما يقارب ملف بيته الداخلي ـــــ بعد الانتخابات ـــــ بإقصاء نادر الحريري ومحاصرة نهاد المشنوق...
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا