لفّ الغموض مصير التأليف الحكومي نتيجة الاعلان عن سقوط تسويات وتفاهمات حكمت المرحلة السابقة واستمرت مع الانتخابات النيابية وصولاً الى الآن، وبَدا أنّ التأليف والمؤلفين قد دخلوا في مرحلة التقاط أنفاس لعلهم يتمكنون خلالها من امتصاص الصدمات والترددات التي أحدثها سقوط تلك التسويات. وجاء سفر رئيس المجلس النيابي في زيارة خاصة الى ايطاليا، ليعفي المعنيين من العجلة في التأليف انتظاراً لعودته من جهة، وانتظاراً ربما لتطورات في الاقليم من جهة أخرى يعتقد البعض انها قد تعدّل في شروط التأليف ونوعية التشكيلة الوزارية، وما ستنطوي عليه من محاصصات في عدد الوزراء ونوعية الحقائب.
فقد اهتزّ التأليف أمس لكنه لم يقع، امّا تسويات العهد التي أوصلت العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، فتهاوَت الواحدة تلو الأخرى. فبالضربة القاضية، أعلن "التيار الوطني الحر" سقوط "تفاهم معراب"، وقال رئيسه الوزير جبران باسيل: "هناك اتفاق سياسي لم يعد قائماً"، وقطع بكلامه الطريق على الكلام الذي رافق عملية التأليف منذ البداية من انّ هناك ثنائية مسيحية تتقاسَم المقاعد، بحسب بنود هذا التفاهم.
امّا قصر بعبدا، فقد غمزَ في بيان صادر عنه، من قنوات عدّة، خصوصاً في ما يختصّ بصلاحياته في تأليف الحكومة، ورَدّ "على من يدّعي الحرص على اتفاق "الطائف"، مؤكداً "حق رئيس الجمهورية في ان يختار نائب رئيس الحكومة وعدداً من الوزراء، يتابع من خلالهم عمل مجلس الوزراء والأداء الحكومي"، ودعا "الذين يَسعون في السر والعلن، الى مصادرة هذا الحق المكرّس لرئيس الجمهورية، ان يعيدوا حساباتهم ويصححوا رهاناتهم".
في حين اعتبرت كتلة "المستقبل" انّ "مهمة تأليف الحكومة من المسؤوليات الدستورية المُناطة حصراً بالرئيس المكلّف، بالتعاون والتنسيق الكاملين مع فخامة رئيس الجمهورية".
وامام هذا الواقع، و"الطلاق العوني" مع احد أركان التسويات، واهتزاز علاقة الرئيس سعد الحريري، ركن التسوية الآخر، مع رئيس الجمهورية، من المفترض ان تبدأ مرحلة جديدة قد تشكّل اختباراً للعهد. فإمّا ان يهتز مع سقوط التسويات، او تبدأ مرحلة جديدة تحكمها تسويات جديدة.
(الجمهورية)