كان لرئيس "التيار الوطني الحرّ" جبران باسيل، أمس، جرأة الإعلان عن سقوط إتفاق معراب مع "القوات اللبنانية"، في سابقة هي الأولى في تصريحات قياديي الطرفين. لكن تصريح باسيل لا يعدو كونه إعلاناً لوفاة إتفاق سقط قبل أشهر طويلة، وربما سنتين، من دون أن يكون لأحد أيّ رغبة في الإعلان عنه.
في اللحظة الأولى لدخول ميشال عون إلى القصر الجمهوري رئيساً، سقط إتفاق معراب، إذ يرى العونيون مذاك أن الإتفاق أدى وظيفته بإيصال عون للرئاسة، وكان خشبة الخلاص للقوات لدخول تسوية كانت خارجها، وتالياً فإن "التيار" أدى واجباته السياسية، والمحاصصاتية عبر إعطاء "القوات" 4 وزراء ونائب رئيس مجلس الوزراء في حين أن عدد نوابها حينها لم يتعد الثمانية نواب، وكان العونيون يراهنون على وقوف "القوات" إلى جانب العهد بشكل جلّي وواضح ليستمر تطوير الإتفاق وتفعيله بشكل دوري.
لكن "القوات"، في المقابل، ترى أن العونيين إنقلبوا على إتفاق معراب، الذي إستغلوه لإيصال مرشحهم لرئاسة الجمهورية، من دون الإلتزام بروحيته وهي تقاسم الحصص في الحكومة والسلطة والتعيينات، إذ إن باسيل، ومن وجهة نظر قواتية، يتحمل المسؤولية الكاملة لسقوط الإتفاق من خلال عرقلة كل مشاريع وزراء القوات، وكل التعيينات التي أرادوا القيام بها في وزاراتهم، وذلك لإظهارهم بمظهر غير الفاعلين، من هنا بدأت المشكلة وليس من معارضة "القوات" لبعض الصفقات في وزارة الطاقة مثلاً.
في المحصلة، أعلن أمس بما لا يقبل التأويل إنتهاء الإتفاق السياسي للقاء معراب الشهير بغطاء من رئيس الجمهورية الذي أصدر بياناً يحاكي كلام باسيل بعد إجتماع تكتل "التغيير والإصلاح" وفي ذات التوقيت.
لكن دفن الإتفاق في هذا التوقيت يحمل معه الكثير من الرسائل والدلائل السياسية من قبل "التيار" والرئيس معاً، أهمها الردّ على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي يتبنى موقف "القوات"، إذ يرغب "التيار" بالتلويح بإمكانية إعادة الإصطفاف السياسي إلى سابق عهده، وتالياً الحصول على دعم كامل من قبل "حزب الله" الذي تردد سابقاً في الوقوف إلى جانب حلفائه العونيين بسبب شبكة تحالفاتهم مع القوات والمستقبل، مما يعني أن "التيار" يريد القول للحريري إن كنت تريد مراعاة "القوات" على حسابنا فهذا سيؤدي حكماً إلى تأخير تشكيل الحكومة وربما إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل عودتك السياسية رئيساً للحكومة، وما يستتبع ذلك من الذهاب إلى مزيد من التآكل الشعبي في شارعك.
كذلك يوحي التصعيد العوني – القواتي بأن معركة الرئاسة بدأت باكراً، حيث يرغب كل فريق بالحصول على هامشه السياسي الكامل للحصول على دعم المحاور الإقليمية والداخلية وحتى الشعبية، خصوصاً أن جعجع وباسيل من أكثر المرشحين جديّة للرئاسة، وفي حال بقاء التفاهم قد تستخدمه "القوات" للقول أن إتفاقاً حاصلاً يقوم على دعم "التيار" للقوات في الرئاسة المقبلة بعد دعمها للرئيس عون.