شكّلت الزيارة التي قام يها وزير الاعلام ملحم رياشي أمس الى القصر الجمهوري ولقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، محطة بارزة في العلاقة ما بين القوات اللبنانية والعهد من جهة والتيار الوطني الحرّ من جهة ثانية، خصوصاً بعد الاشتباكات الكلامية ما بين الطرفين.
الحكومة أولاً
الموضوع الحكومي، كان الطبق الاساسي على طاولة اللقاء، الذي وصفه رياشي بـ"الجيد جداً لا بل بالممتاز"، وعلمت "النهار" ان الرئيس عون بدا مستمعاً بجدية كبيرة الى كل ما نقله اليه الرياشي في شأن مسار تأليف الحكومة وموضوع "تفاهم معراب"، كما ان رئيس الجمهورية عرض اعتراضات ونقاطا لديه وفهم أنه وضع يده على ملف العلاقة مع "القوات" وأخذه على عاتقه. واسفر اللقاء عن تأكيد رئيس الجمهورية انه سيعنى بحصة "القوات" في الحكومة.
وأوضحت مصادر متبعة للقاء لصحيفة "اللواء" أن الاجتماع اتسم بالود، على الرغم مما اشيع عن استقبال عون له من خلف مكتبه من انه مؤشر سيء، لافتة إلى انه على العكس من ذلك مؤشر إلى ان الحوار كان وجهاً لوجه، وهو ما أراده الرياشي لدى دخوله إلى مكتب الرئيس.
وعلمت "الجمهورية" أنّ عون أكّد أنّ الحديث عن الحقائب مفتوح، وأنّ توزيع المقاعد الحكومية بات محكوماً بمعادلة فرضَتها نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة وأنّ الحديث عن معادلات سابقة لم يعُد له مكان. وإنّ الحديث عن مقعد نائب رئيس الحكومة بات وراءَنا، وأعادَ التذكير بمضمون البيان الذي عمَّمه مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أمس الاوّل. وهو أمر لا يخضع إلى أيّ نقاش بعد اليوم متمنّياً إقفالَ النقاش بشأنه.
مصادر "القوات" قالت لـ"الشرق الأوسط": "نحن لا نقترح صيغاً. المسألة موجودة بيدي الرئيس المكلف الذي يعمل على تشكيل الحكومة، وهو الذي يحدد الصيغ والهيكليات المناسبة بالتنسيق مع رئيس الجمهورية". وشددت المصادر على "النيات الإيجابية كفريق سياسي أساسي لمساعدة الرئيس المكلف"، لافتة إلى أنه "في هذا السياق بالذات جاءت مبادرة جعجع لتهدئة المناخات السياسية من طرف واحد من أجل مساعدة الرئيس للتأليف بظروف مؤاتية ومساعِدة"، مؤكدة أن "كل الأطراف معنية بمساعدة الحريري لتدوير الزوايا وتسهيل تأليف الحكومة".
القوات داعمة للعهد
إضافة الى الموضوع الحكومي، فان رياشي حمل معه الى رئيس الجمهورية، رسالة من رئيس الحزب سمير جعجع تؤكّد حِرص القوات على العهد وحماية تفاهمِ معراب، وأنها لم تكن يوماً في معارضة رئيس الجمهورية. وطيلة عمل الحكومة الأولى للعهد لم يعارض وزراء القوات الرئيس، وإنّ التباين الذي كان قائماً كان محصوراً بأداء بعض وزراء التيار ونتيجة ممارساتهم في بعض الملفات الأساسية التي طرِحت، وهي معارضة لم تقتصر على وزراء القوات اللبنانية، فحلفاء الرئيس عون وآخرون كانت لهم نفس الملاحظات، لا بل فإنّ بعضهم ذهب أبعد من ذلك، وفي أداء وزراء "حزب الله" في ملفات الكهرباء والطاقة ملاحظات أكثر تشدّداً من القوات اللبنانية.
وعلمت "الجمهورية" أنّ رئيس الجمهورية ردَّ على نظرية "حِرص القوات على العهد وحماية تفاهمِ معراب"، قائلاً إنه كان من الواجب تكريس هذه النوايا بمواقف وزراء القوات في الحكومة السابقة، ووقفِ كلّ المحاولات التي جرت لعرقلةِ بعض الملفات الأساسية التي كانت في أولويات العهد، والتي ساهموا في عرقلتها. مؤكّداً على أهمّية التراجع عن هذه السياسة للحفاظ على التفاهمات السياسية التي أوصلتنا الى هذه المرحلة.
اتفاق معراب
المصالحة المسيحية واتفاق معراب، كانت أيضاً على طاولة البحث، وبدا ان ثمة اتجاها الى تحييد ملف المصالحة المسيحية عن الخلاف السياسي المتصل بالحكومة بدليل ان مصادر قريبة من رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية جبران باسيل أبلغت محطات تلفزيونية مساء ان باسيل متمسك بالمصالحة المسيحية التي لا تزال قائمة، لكنها اشارت الى ان الاتفاق السياسي مع "القوات " لم يعد قائما بسبب عدم دعم وزراء "القوات " للعهد في الحكومة السابقة.
وسألت "النهار" الوزير الرياشي عقب لقائه الرئيس عون عن ملف تفاهم معراب فاجاب: "ان اتفاق معراب والمصالحة المسيحية هما مسؤولية ثلاثة عناصر اساسية ميشال عون وسمير جعجع والمسيحيين من آخر كوخ في لبنان مروراً بمسيحيي الشرق وصولاً الى آخر منزل في الاغتراب وهؤلاء جميعا يتمسكون بهذا الاتفاق وبهذه المصالحة ويرفضون رفضاً قاطعاً اسقاطهما".
وفي هذا الاطار، قالت مصادر "القوات" لـ"الشرق الأوسط"، إن الهدف الأساسي للزيارة هو "إعادة ترتيب العلاقة بين الطرفين وتأكيد تمسك القوات بالمصالحة وتفاهم معراب"، و"التشديد على ضرورة التمييز بين التباينات السياسية التي يمكن أن تقع بأي لحظة والتفاهمات السياسية"، بمعنى: "يجب ألا تنعكس التباينات على التفاهمات"، علماً بأن التباينات كانت قائمة في الحكومة الماضية وستبقى في الحكومة المزمع تشكيلها.