فتح مرسوم التجنيس الذي وقّعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الاسابيع الماضية الكثير من علامات الاستفهام ومن الأخذ والردّ حوله، الاّ أنه في المقابل، اعاد احياء ما يعرف بحق المرأة في اعطاء الجنسية اللبنانية لأطفالها من دون شروط ومن دون استثناءات.
اذا عدنا بالتاريخ الى شباط وحتى أيار موعد الانتخابات النيابية، لم يغب هذا الموضوع عن أي برنامج انتخابي، بل كان واحداً من أبرز الوعود التي قطعتها الكتل النيابية على نفسها وأكدت العمل على تطبيقها. ومن هنا جاء تحرّك اعضاء جمعية "جنسيتي حق لي ولاطفالي" في الاسابيع الماضية، في مسعى للضغط على الطبقة السياسية للعمل على اقرار هذا القانون من دون استثناءات.
هذه الصرخة تلقفها الرئيس نجيب ميقاتي الذي وعد بأن يكون هذا القانون من أولى الأمور على جدول أعمله في المجلس النيابي، فـ"موضوع منح المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها هو من ضمن أولويات البرنامج الإنتخابي لـ"لائحة العزم"، وسنتعاون مع كل الجهات المعنية للوصول إلى ما نصبو إليه".
فماذا يتضمن هذا القانون، سؤال حملناه الى المسؤولة القانونية في حملة جنسيتي حق لي ولاطفالي كريمة شبو التي أكدت في حديث لموقع لبنان 24 أن مشروع القانون يرمي الى تعديل قانون اعطاء الجنسية بما يضمن المساواة التامة والكاملة بين النساء والرجال ومن دون أي استثناءات لا على صعيد الزوج ولا على صعيد الأولاد، ولا حتى على صعيد جنسيات محددة، وبالتالي سوف تتمكن المراة من اعطاء الجنسية اللبنانية لأولادها، ولزوجها.
وزير الخارجية جبران باسيل، كان قد أعدّ قبل نحو شهر من الانتخابات النيابية، مشروع قانون يرمي الى اعطاء المرأة الجنسية لأطفالها الاّ أنه يومها استثنى دول الجوار من هذا القانون، على الرغم من أنه ساوى بين المرأة والرجل، بحيث منع على الرجل اعطاء زوجته الجنسية اذا كانت من هذه الدول. هذا المشروع اعتبرته شبو مرفوضاً، واضعة اياه في اطار الخضوع للمصالح السياسية من دون أي شيء آخر، سائلة بأي حق تعطى الجنسية لمن يحمل أي جنسية أجنبية وتحرم لمن يحمل الجنسية من دول الجوار. ومن هنا فان أولاد المرأة اللبنانية هم لبنانيون سواء أكانوا من الدول الغربية أو من دول الجوار، أو من أي دولة أخرى.
"الجنسية اللبنانية تعطى برابط الدم وليس بأي أمر آخر" بهذه العبارة حدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بوضوح الطريقة الوحيدة التي ستعطى بها الجنسية اللبنانية من دون ان يستثني أي جنسية أو الأم أو الأب، وهذا ما تطالب به الجمعية، حسب ما أكدت شابو، مشددة على أنه وعلى الرغم من وجود العديد من الكتل التي باتت تتبنى هذا الطرح، الاّ ان مجموعة أخرى اما لا تزال في طور الدرس أو أنها رافضة له انطلاقاً من مبدأ حق العودة، وضرورة عودة النازحين واللاجئين الى اراضيهم، وانطلاقاً من هنا، عمدت حملة "جنسيتي حق لي ولأولادي" الى تقسيم الكتل النيابية، قبيل الانتخابات، ضمن لوائح محددة، بين من يدعم مطالب الجمعية المحقة، ومن يقف ضدها ما دفع جميع الكتل السياسية الى اللجوء الى تبرير مواقفها من هذا الموضوع، أو الوقوف الى جانبه، واللجوء أيضاً الى ادراج حق المرأة في اعطاء الجنسية لأطفالها ضمن مشاريعهم الانتخابية، ما حوّل الحملة الى قضية رأي عام.
يشار الى أن الرئيس ميقاتي كان من أول من أدرج قانون اعطاء المرأة الجنسية لأطفالها الى مجلس الوزراء، الاّ أن اللجنة الوزارية التي تمّ تأليفها أوصت بمنع هذا الحق عن المرأة اللبنانية ما يهدد المصلحة الوطنية، وفي هذا الاطار، أكدت أوساط الرئيس ميقاتي الى أنه من أول الداعمين لحق المرأة في اعطاء الجنسية لأطفالها الاّ أن هذا الحق يجب ان يخضع لبعض الشروط وذلك وفق ما يضمن التحقيق والعدالة.