أطلق نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني، مساء اليوم الجمعة، حملة توعية تحت عنوان "لبنان بلا مخدّرات وبلا إدمان"، لتشجيع كلّ الأشخاص الذين يعانون من آثار المخدرات والإدمان على تجاوزها وطلب العلاج للشفاء، ولدعوة العائلات بجميع أفرادها والأصدقاء إلى مساندة من يغرق حولهم في هذه الآفة، وإلى طلب هذه المساندة من متخصصين لتأمين العلاجات المطلوبة.
وقال حاصباني: "إنّنا هنا لنقول إنّ الحياة لا تمرّ فقط تحت الجسر، بل لنكشف ما هو مخبأ تحت الجسور، وأنّ هناك أشخاصاً علينا تقديم الدعم لهم. الهدف من هذا التجمّع هو تشجيع لبنان بلا مخدرات وبلا ادمان، وكي نرفع على أرض الواقع بطاقة حمراء في وجه المخدرات ونطرد آفة الإدمان من مجتمعنا". وقال: "في الوقت الذي تستمر الحياة وتتواصل، هناك حياة تنتهي وأحباء نخسرهم ونخسر ضحكاتهم وطاقاتهم التي كانت ستسهم في بناء الوطن ونهضة المجتمع لو تم الإستفادة منها".
وتابع: "أيّاً كانت الأسباب التي تدفع لتعاطي المخدرات، سواء كانت نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ربّما عن جهل أو حشرية أو للتباهي أمام أصدقاء، فالنتيجة واحدة وهي استعباد الانسان". وشدّد على أنّ "المدمن ليس مجرما بل هو مريض يجب أنّ نقف إلى جانبه كي نساعده على التحرر من عبوديته ونعيد له كرامته".
وأردف قائلاً إنّ "الجزء الأساسي من عمل وزارة الصحة هو التوعية ليس فقط المساعدة على العلاج، وذلك تحصيناً للأمن الصحي والإجتماعي والأمني، فللأسف لا تقتصر تداعيات الادمان على الفرد بل تطال عائلته ومحيطه وتضرب قيما ومفاهيم وتعيق مسيرة الاوطان".
وكشف أنّ "المعطيات الإحصائية في لبنان تشير إلى إرتفاع متسارع في نسبة استخدام المواد المسببة للادمان، كالمخدرات والكحول، خصوصا لدى فئة الشباب. وتبين احدى الدراسات أنّ حوالي 4,7% من التلاميذ في المدارس الرسمية والخاصة، من عمر13 الى 15 سنة، قد استخدموا ولو لمرّة واحدة نوعاً أو أكثر من المخدرات، وأكثر من 70% من هؤلاء استعملوا المخدرات تحت عمر 14 سنة. وهذا رقم يدق ناقوس الخطر ونحن ندرك ان نسبة قليلة جدا من الاشخاص الذين يستخدمون المخدرات يحصلون على العلاجات اللازمة. لذلك نحيي التعميم الصادر عن النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود الذي ذكر بالمواد 193، 194 و195 من قانون المخدرات والذي طلب بموجبه من قضاة النيابات العامة "التقيد بالتعاميم السابقة الصادرة في قضايا تعاطي المخدرات بحيث لا يتم التوقيف الاحتياطي للمتعاطي في حال اقتصار الملاحقة على هذا الجرم، على أن تحيل النيابة العامة المتعاطي فورا على لجنة الإدمان على المخدرات".
أضاف إنّ "وزارة الصحة العامة تدفع سنويا 3 مليارات ليرة لبنانية اي حوالى مليوني دولار امريكي لعلاج الإدمان أي ازالة السموم Detox من خلال علاج المرضى في اربع مستشفيات تتعاقد معها الوزارة لهذا الغرض، بالإضافة الى تغطية كلفة اعادة التأهيل للمرضى المتعافين في 4 مراكز و جمعيات متخصصة. ويتم حاليا الإنتهاء من تحضير العقود مع اثنين من المستشفيات لتقديم العلاج و التأهيل".
ولفت إلى أنّ "وزارة الصحة العامة أنشأت المرصد الوطني للمخدرات والادمان ضمن اطار تنفيذ الاستراتيجية المشتركة بين الوزارات لمكافحة المخدرات والادمان في لبنان التي اطلقتها الوزارة في العام 2016 وذلك بهدف الحصول على قاعدة بيانات ترتكز على البراهين والحقائق وتشكل العامل الأساس لوضع استراتيجيات وطنية لمكافحة المخدرات والإدمان بعيدا عن التخمينات، ومن ضمن هذه الحملة تم اصدار التقرير الأوّل للمرصد الذي ضمّ إحصاءات ومعطيات وطنية عن وضع المخدرات في لبنان وتم تجميع هذه المعطيات بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي، ووزارة الداخلية والبلديات، ووزارة الشؤون الإجتماعية، ووزارة العدل فضلا عن الجمارك اللبنانية ولهم جزيل الشكر". وأكّد أنّ "وزارة الصحة العامة ستحرص على استمرارية هذا التعاون المثمر بين الوزارات والأجهزة والمؤسسات لتكامل الجهود لاكمال عملية تنفيذ الاستراتجية التي بدات منذ اطلاقها".
وأعلن "أنّه بالإضافة الى حملة التوعية على مواقع التواصل الاجتماعي، قامت وزارة الصحة العامة بتفعيل خط ساخن لطلب المشورة التي ستقدمها عشر جمعيات متخصصة مجانا لمدة شهر من اليوم، فضلا عن اصدار خريطة خدمات علاج الإدمان واعادة التأهيل التي توضح وجود 26 موقعاً لتقديم هذه الخدمات في لبنان. كما سيتم التنسيق مع وزارة التربية للتحضير لاجراء حملات توعية مكثفة داخل جميع المدارس في لبنان خلال العام الدراسي القادم وأخيراً وليس أخراً سيتم العمل مع مجموعة من الاختصاصيين والجمعيات على اصدار معايير اخلاقية للعاملين في مجال مكافحة المخدرات لتأكيد اهمية احترام حقوق مستخدمي المخدرات تماشيا مع التوصيات الدولية و حقوق الإنسان".
وشكر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري "للإستجابة إلى طلب الوزارة اصدار تعميم لوضع العلم الأبيض مع شعار حملتنا على جميع الوزارات والمؤسسات العامة". وختم قائلاً: "يبقى الأساس لمكافحة الادمان الاستثمار بالإنسان وتحصينه، وبناء دولة لا حدود سائبة فيها ولا مربعات خارجة عن القانون، بل دولة تزرع الامل لدى ابنائها بغد افضل، وتخلق فرص عمل جدية دون الهروب إلى البطالة المقنعة. اننا ننظر إلى دولة تتعاطى مع المدمن بصفته مريضاً لا مجرماً ونعمل على مد اليد لأي مدمن للخروج من إدمانه والعودة إلى نشاطه الإنساني والاجتماعي. اننا نعمل على توعية الشبان والشابات ليتمتعوا بشخصية قوية وصلبة ويرفضوا الادمان ويلوذوا باهلهم وأصدقائهم في حال واجهتهم الصعوبات بدل الغرق في وحول الادمان. ونحن هنا حتى نجدد التزامنا بالإنسان، وتحديداً بمتعاطي المخدرات ولتشجيع لبنان بلا مخدرات وبلا إدمان".