لئلا يُفسّر أي موقف على أنه موجه إلى ما تبقّى لرئيس الجمهورية، أي رئيس، من صلاحيات، وبالتحديد في مسألتي منح الجنسية اللبنانية لمستحقيها وقرار العفو الخاص، نسارع إلى القول بإن ما شاب هذا المرسوم من شوائب كشف عنها التقرير الذي أعدّه المدير العام للأمن العام اللواء ابراهيم عباس، حيث تبيّن أن هناك ما يناهز التسعين شخصًا واردة اسماؤهم في المرسوم، وهم من أصحاب السوابق، وهم لا يستحّقون شرف الحصول على الجنسية اللبنانية، ليس موجهًا ضد أحد بالتحديد، بل من حرص على المواقع التي يريدها الجميع فوق كل المصالح والشبهات.
وما قاله الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عن مرسوم التجنيس السيء الذكر يعيد البحث إلى نقطة البداية، وهو قال: "إننا في "حزب الله" لم نكن على علم بهذا المرسوم لا من قريب ولا من بعيد، والحزب لم يعلم به إلا من خلال وسائل الإعلام. وقال إن الحزب وضع مجموعة ملاحظات في شأن المرسوم "ولكن لن نعرضها في وسائل الإعلام بل سيذهب أحد نوابنا إلى فخامة الرئيس لوضعه في أجوائها".
وهذا الأمر يعني في ما يعنيه أن "حزب الله" منزعج من هذا الموضوع، ولكنه لا يريد أن "يخربط" علاقته بالعهد من خلال إستغلال ما شاب ملف التجنيس من فضائح، وهو الحريص على أن تكون مسيرة العهد منزّهة عن كل الشوائب والصفقات، التي تحدّث عنها البعض، وهو يفضّل أن تكون مناقشة التفاصيل والمخارج في الغرف المغلقة وبعيدًا عن الإعلام، الذي أصبح معنيًا أكثر من غيره بهذه القضية، ليس من باب الإثارة بقدر ما يهدف إلى تصويب الخطأ، وقد يكون التراجع عنه قبل فوات الآوان فضيلة لا تضاهيها فضائل أخرى.
ما أوردته صحيفة "الأخبار" اليوم خطير جدًا، وبالأخص عندما تساءلت عن الجهة المسؤولة التي أضافت صفحة بخط اليد على المرسوم في الطريق ما بين القصرين الحكومي والجمهوري، وأضافت: بأمر ممن حصل هذا الشيء، ولماذا لم ترفق مع هذه الصفحة "قصوصة ورق صغيرة" أو هوية أو صورة عن جواز سفر؟
وتابعت الصحيفة: إذا سلمنا بصحة ما يعلنه وزير الداخلية بأن كل الأسماء التي تضمنتها "كوتا" الداخلية ليس بينها اسم لمشبوه واحد، يصبح السؤال: لماذا وافق على وضع توقيعه على مرسوم يتضمن أسماء عدد من المشبوهين، كما أفاده فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وهل يمكنه أن يؤكد أو ينفي صحة ما تم تداوله في أحد المقرات الرسمية عن تزوير توقيعه ووضعه على إحدى نسخ المرسوم في أثناء رحلة تنقلها بين السراي الحكومي وقصر بعبدا؟
وإلى حين صدور قرار مجلس شورى الدولة أصبح تسعون شخصًا تدور حولهم علامات إستفهام كبيرة لبنانيين كاملي المواصفات، أقله بالحقوق وربما ليس بالواجبات.
كثير من اللبنانيين الذين يتمسكون بجنسيتهم كتمسكهم بأرضهم وهم لم يتركوها يومًا على رغم الظروف القاسية التي مرّت عليهم يبدون اليوم إستعدادهم للتخلي عن هذه الجنسية التي سيشاركهم فيها أشخاص مطلوبون من العدالة ومزورون وربما قتلة.