يعتبر أحد وزراء حكومة تصريف الأعمال أن العقدة الأساس تبقى عقدة التمثيل المسيحي والخلاف على الأحجام بين "التيار الوطني الحر" وبين "القوات اللبنانية".
ويقول إن "الوزير باسيل يشترط مقابل تصور الحريري الحكومي أن تحصل "القوات" على 4 وزراء وأن يحصل "التيار" على ضعف حصتها، لأن عدد نواب تكتل "لبنان القوي" هو ضعف عدد نواب "القوات"، وأن يسمي الرئيس عون 5 وزراء، بدل ثلاثة كما جاء في اتفاق "معراب" السري والذي نشر الأسبوع الماضي، ما يعني حصول فريق واحد على 13 وزيراً، فماذا يبقى للآخرين من الفرقاء المسيحيين؟
ويضيف: "الواضح أن شروطاً كهذه هي من باب التصعيد والتعجيز ليس إلا. وليس معقولا أن يكون "التيار" وافق على أن يكون لـ "القوات" 3 وزراء زائد واحد حليف في الحكومة السابقة في وقت كان عدد نوابها ثمانية، وأن تحصل على أقل من ذلك (3) فيما عدد نوابها بات 15".
وكشف الوزير أن "المناورة الثانية التي طرحها باسيل هي حصول حزبه على 6 وزراء مع 5 للرئيس عون بحيث يتمكن من توزير النائب طلال أرسلان أو من يمثله، مثل الوزير السابق مروان خير الدين من حصته، إضافة إلى الوزير السني وثلاثة مسيحيين، ليضمن الثلث المعطل في الحكومة الأمر الذي يستحيل أن يقبل به الرئيس بري و"حزب الله". والصيغة الممكنة هي تخصيص 6 مقاعد لـ "التيار" وثلاثة لعون.
ويقول الوزير نفسه إن "الأوساط المتابعة لتفاصيل التأليف عادت للتساؤل إزاء شروط باسيل: "هل نحن أمام رئيس واحد للجمهورية أم أننا نتعاطى مع رئيسين، إذ يمارس باسيل ضغوطاً باسمه وباسم عون من دون أن يبادر الأخير إلى تسلم زمام المبادرة، أو أحياناً يلاقيه في مطالبه"؟
وفيما تحدثت معلومات عن أن الحريري تعاطى بصبر في شأن الخلاف بين "التيار الحر" و"القوات اللبنانية" وانتظر أن تؤدي التهدئة التي عمل من أجلها بينهما إلى حلحلة العقد إذا ما حصل الحوار بين الفريقين، "لكنه لم يعد قادراً على الانتظار أكثر" بحسب قول الوزير نفسه. ويضيف: "صحيح أن الحريري يشيع أجواء من التفاؤل بقرب معالجة عقد التأليف لكنه لن يقف متفرجاً ويعتبر أنه مسؤول أمام الناس، وسيبادر إلى خطوات للخروج من الجمود".
لكن مصادر سياسية أخرى تتحدث عن نشوء مناخ في الأوساط الإسلامية المعنية بدعم موقف الحريري، بأن "ضغوط المطالب التوزيرية والطريقة التي يتم التعامل معها أخذت تمس بصلاحيات الرئيس المكلف في التأليف".
وفي رأي هذه المصادر أن "هناك مقاربتين لمسألة الصلاحيات في التأليف تؤديان إلى تزايد إثارة هذه المسألة وسط حرص من الحريري على عدم طرحها في شكل يؤدي إلى خلاف مع الرئيس عون. الأولى هي أن إصرار الرئيس عون على أن تسمية نائب رئيس الحكومة الأرثوذكسي هي من مسؤوليته وفقاً للعرف، لقيت رفضاً من الحريري حين كرر أكثر من مرة أنه لا يعترف إلا بعرف واحد هو توزيع رئاسات الجمهورية والبرلمان والحكومة على الموارنة والشيعة والسنة (والأمر ينطبق أيضاً على القول إن العرف يقضي بإسناد حقيبة المال إلى الطائفة الشيعية)، فالحريري يعتبر أن معالجة هذه الأمور، بما فيها حق الرئيس في أن يكون له وزراء، يأتي من باب التسويات السياسية لا العرف، هو ما أطلق تصريحات من شخصيات إسلامية تشدد على صون صلاحيات رئيس الحكومة وعدم المس بها وعلى التمسك باتفاق الطائف. وتقول المصادر إن ما يدور في الأروقة على هذا الصعيد ساهم في تشجيع رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة على اقتراح عقد اجتماع رؤساء الحكومة السابقين مع الحريري "للتضامن معه قبل أسبوعين. وتفيد المصادر بأن العديد من الشخصيات السنية فاتحت دار الفتوى في شأن قلقها من التعرض لصلاحيات الرئاسة الثالثة.
أما المقاربة الثانية فتنبه إلى التلميحات التي يخرج بها الوزير باسيل أحياناً غامزاً من قناة الحريري، لا سيما حين رفض هو والرئيس عون تصور الحريري بإسناد 4 وزارات الى "القوات اللبنانية" وبتسمية "الحزب الاشتراكي" الوزراء الدروز الثلاثة، وقال باسيل إنه إذ أراد أحد إعطاء فرقاء حصة أكبر مما يعتبره "التيار الحر" حجمها، فليكن ذلك من حصته هو، قاصداً بذلك الرئيس الحريري. وترى المصادر التي توقفت عند هذا الموقف، أنه موقف ضاغط على الرئيس المكلف هدفه وضعه أمام الأمر الواقع لفرض وجهة نظر رئيس "التيار الحر" في الصراع المسيحي عليه، في وقت يسعى الحريري إلى تأليف حكومة وفاق وطني تتصدى للتحديات التي تواجه البلد. وتختم المصادر بأن ممارسة الضغوط على الحريري تتناغم مع حملة عليه لتحميله مسؤولية التأخير، بالدعوة إلى إسقاط تكليفه، بينما تسعى قوى إسلامية أخرى إلى استغلال ما تعتبره تساهلاً من قبله مع شروط ومطالب باسيل، لتوجيه اللوم إليه.
(الحياة)