ما قاله البطريرك الماروني على اثر لقائه رئيس الجمهورية كان لافتًا، خصوصًا أنه وعلى رغم معارضته مبدأ الثنائية، أيًّا كان شكلها، كان من أول المباركين لتفاهم "القوات اللبنانية"و"التيار الوطني الحر"، بعد سنوات طويلة من حال العداء بين المكونين المسيحيين الأقوى، تمثيلًا وإنتشارًا.
وهذا الكلام سيقوله الراعي اليوم أمام عرابي المصالحة المسيحية، الوزير ملحم الرياشي الصائم عن الكلام، والنائب ابراهيم كنعان، اللذين سيكونان مستمعين في الدرجة الأولى لصاحب الدعوة، قبل أن يعرض كل منهما وجهة نظر الفريق الذي يمثّله.
وفي إعتقاد مصادر على صلة بالطرفين أن الكلام الذي سيُسمعه البطريرك الماروني للرياشي وكنعان هو الكلام نفسه الذي قاله في قصر بعبدا، وخلاصته مستوحاة من رسالة البابا فرنسيس، التي حمّلها إليه ليوصلها إلى جميع اللبنانيين، وبالأخص المسيحيين منهم، وهي تتعلق بالدور المطلوب منهم في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها الكنيسة الشرق أوسطية، بكل أطيافها، وما يعانيه المسيحيون في المناطق التي سيطر عليها التطرف والتعصب.
وفي رأي هذه المصادر أن أنظار الصامدين في هذه المناطق، على رغم ما يتعرضون له من مضايقات وشدائد، شاخصة نحو لبنان، بلد التعايش، ونحو المسيحيين بالتحديد لما يشكله تفاهمهم بين بعضهم البعض، وبينهم وبين إخوتهم في الوطن، من بارقة أمل لهم.
اما إذا استمر الخلاف بين المسيحيين، بغض النظر عن التباينات حول الحصص في الحكومة العتيدة، وبعيدا عن منطق الحق على من والحق مع من، فإن هذا الامر سيزيد من عوامل فقدان الثقة، على المستوى الداخلي اولًا، وعلى المستوى الإقليمي ثانيًا، خصوصًا بعدما بينّت الأرقام الشعبية قبل الأرقام الإنتخابية أن هوى الناس منقسم بالتساوي تقريبًا بين هذين المكونين، إذ تقول "القوات اللبنانية" أنها حصلت على 150 ألف صوت فيما حصل "التيار الوطني الحر" على 153 الف صوت من اصل مجموع الناخبين المسيحيين، وهذه الأرقام لم ينفها الأخير.
ومن خلال المثل الذي أعطاه الراعي من على باب القصر الرئاسي عندما تحدث عن عدم جواز ترك ركاب السيارة في منتصف الطريق في الوقت الذي كان الإتفاق ينص على أن توصل السيارة ركابها إلى المكان المقصود، فُهم أن رأس الكنيسة المارونية قصد الإتفاق بين "القوات" و"والتيار" على تقاسم الحصص الوزارية بالتساوي في كل حكومات العهد، من دون أن يتضح فعلًا إذا كان المقصود بكلام البطريرك ما ذهب البعض إلى تفسيره.
على أي حال، فإن لقاء الديمان هو بمثابة الخطوة التمهيدية لخطوات متقدمة، وهو الذي يأتي بعد لقاء الرئيس ميشال عون الدكتور سمير جعجع وبعد التصريح التلفزيوني الناري الذي أطلقه الوزير جبران باسيل، والذي استدعى تسريبًا لوثائق إتفاق معراب.
وفي إعتقاد مصادر سياسية متابعة أنه إذا لاحت في أفق اليوم ما يوحي بإمكانية عقد لقاء بين جعجع وباسيل، سواء أكان ثنائيًا أو برعاية الراعي، فإن مساعي الأخير تكون قد أثمرت. أما في حال العكس فإن الطلاق يكون أبغض الحلال.